كانت الصحراء الكبري الإفريقية والصحراء الغربية مناطق ممطرة تنمو فيها الحشائش والأشجار وتعيش فيها جميع أنواع الحيوانات. كما يسكنها البشر الذين كانوا يعتمدون في غذائهم علي إنتاج الأرض من ثمار ونباتات لتغذية الإنسان.. في ذلك الوقت منذ أكثر من 30 ألف سنة بدأ المناخ يتغير وتتحول مناطق الحشائش والغابات إلي صحاري.. فتعلم الإنسان التغذية علي لحوم الحيوانات إلي جانب الثمار.. كما بدأت الحيوانات تهاجمه فطلب المآوي وسكن الكهوف والمغارات. وبدأ يتعرف علي لغة التخاطب البسيطة. لكنه سجل علي الجدران رحلات الصيد وظهر السحر.. كان الهدف من هذه الرسوم في المآوي الصخرية هدفاً سحرياً.. فالرجل البدائي عندما رسم الحيوانات التي يخافها حين يواجهها في رحلات صيده كان يحس في ثباتها وجمودها علي الجدران أمامه أنه يمتلكها. وعند رسمها مطعونة بالسهام والحراب. أو عندما يقوم بطعنها بعد إتمام الرسم.. فهو يحس أنه قد قرر مصيرها.. وقد ظهرت بعد ذلك بزمن طويل أساطير تعبِّر عن هذا المفهوم السحري.. وقد ورد في الأسطورة البابلية التي تحكي عن بدء الخليقة. والتي تحكي عن الصراع الذي نشب بين الآلهة قبل خلق السموات والأرض.. أن إله الخير استطاع أن يتغلب علي إله الشر بأن صنع نموذجاً يشبه إله الشر وتلي عليه مقدساً ثم وضعه في الماء. وأرسل عليه النوم. فنام. "إبسو" إله الشر وهكذا استطاع "أيا" إله الخير أن يقضي عليه عندما قضي علي النموذج الذي صنعه. ولهذا كان سكان الكهوف يرسمون الحيوانات التي يواجهونها خارج الكهف لأنهم كانوا يتصورون أن هذه الرسوم تجعلهم يسيطرون علي الحيوانات التي يواجهونها.. وقد كان ذلك يقوي معنويات رجل الكهف عند مواجهة أعدائه.. وهذه الرسوم الشكلية هي في نفس بداية نشأة الأسطورة وهي الأعمال الأدبية الأولي. لكن في العصر الحجري الحديث اختفت الأشكال التي رسمها الإنسان في العصر الحجري القديم السابق عليه.. إذ تختفي الصور الحية التي تمثل أشكال الحيوانات. ويختفي كل شيء يشير إلي الحياة العضوية وتحل مكانها أساليب مختلفة من الزخارف الهندسية علي سطوح الأواني الطينية والأدوات الحجرية. ولا شك أن أحد أسباب هذه الظاهرة هو بداية الانفصال بين الرسم والنحت في جانب وفنون الأدب التي صاحبت ظهور الطقوس السحرية والأناشيد وحفلات الرقص مع استخدام التشكيل استخداماً أقل مكانة وأكثر رمزية في مواضع أكثر ظهوراً مثل الجسم البشري وعلي مواد أسرع زوالاً وأقل احتمالاً لتقلبات الجو فاندثرت.