ساعات ويطل علينا عيد الفطر.. ليدخل الفرحة علي قلوب المسلمين بصفة عامة وعلي قلوب المصريون بصفة خاصة.. ومنذ دخول الإسلام مصر علي يد عمرو بن العاص والمصريون يحتفلون بالعيد علي طريقتهم الخاصة واختلفت وتطورت هذه الطريقة إلي أن وصلنا لما هو الحال الآن.. وساعد علي هذا التغيير.. تطور الحياة وأيضا تطور التكنولوجيا.. وزيادة عدد السكان.. وفي هذا الموضوع نرصد كيف يحتفل الشعب المصري بكل فئاته وبكل طوائفه بالعيد. الاغنياء في مصر يقضون العيد في المدن الساحلية وعلي الشواطئ ليتمتعوا بالهدوء والاستجمام بعيدا عن زحام الشوارع الذي وصل الآن لمرحلة التحرش.. وأهم المدن التي يذهب إليها الاغنياء في العيد شرم الشيخ والغردقة والإسكندرية.. "العيدية" غير موجودة في قواميسهم لأن الأموال معهم طوال العام الاغنياء لا يقومون بإعداد كعك العيد كما كان الوضع قديما بل يشتروه من أفخم المحلات وبأعلي الأسعار. أما الفقراء فيقضون العيد اما في منازلهم هربا من المصاريف والتي تكون في العادة أعلي من امكانياتهم أو في التنزه في الشوارع لمشاهدة مظاهر العيد "من بعيد لبعيد".. و"العيدية" لأولادهم لا تزيد في العادة علي خمسة جنيهات.. التي يشتري بها الابناء "البمب والصواريخ".. وكعك العيد بالنسبة للفقراء مثل "اللحوم" لا يرونها إلا كل موسم ولذلك قد تحرص الاسر الفقيرة علي عمل كعك العيد بكميات قليلة حتي يدخلوا الفرحة والبهجة علي الابناء. العيد في الحضر والمدن هو الخروج للحدائق والمتنزهات نهارا.. وليلا يكون الجلوس في المقاهي والكافيهات وأيضا علي الكورنيش.. ويذهب الشباب المراهق إلي السينما.. طبعا استخدام غير طبيعي للصواريخ والشماريخ والبمب.. وأيضا "التسكع" والوقوف علي النواصي لمعاكسة الفتيات والتي قد تصل لحد التحرش. أما الريف وقري الصعيد فالعيد يتلخص في الذهاب إلي المقابر لقراءة الفاتحة علي أرواح الموتي ثم التزاور وتبادل التهاني بالعيد. العيد بالنسبة للموظفين وأولياء الأمور.. هو الاستعداد لدفع العيدية ولهذا يتم التجهيز لهذا الأمر مبكرا والحصول علي "الفكة" اللازمة.. وهل سيعطي 5 جنيهات أم 10 أم 20 كل حسب مقدرته. في حين يلجأ المتعطلون عن العمل إلي السهر في ليلة العيد حتي قبل ميعاد العيد وبعدها يذهب إلي النوم حتي لا يراه أحد وأيضا لا يري هو أحدا. شباب المناطق الراقية يقضون العيد في المولات والملاهي الليلية في حين يقضي شباب المناطق الشعبية العيد في الحدائق والمتنزهات وعلي الكورنيش وفي دور السينما. السيدات في العيد صنفان.. الأول كبيرات السن اللائي تجهزن العيدية للابناء والاحفاد.. وتعمل بكل قوة لادخال السعادة علي الجميع في المنزل وكأنها تحمل صكوك السعادة.. والصنف الثاني صغيرات السن واللاتي تذهبن ل "الكوافير" ولتعود مثل يوم عرسها لتدخل الفرحة علي زوجها علي اعتبار انهما قضيا رمضان في العبادة طوال الشهر وجاء وقت تعويض ما فات!! أما البنات فهدفهن الأول الخروج للفسحة أو الذهاب إلي السينما والتي لن تعوض في أي وقت آخر طوال العام.. ووجود "العيدية" فرصة أيضا لن تعوض. المحمول قضي تماما علي تبادل الزيارات في الاعياد واكتفي الجميع باتصال لمدة دقيقة حتي لأقرب الناس.. أو حتي برقية تهنئة بالعيد خالية من المشاعر الحية الدافئة. الأكل الشعبي له سحر آخر خاصة في العيد.. وان كان "الكشري" في عيد الفطر له مذاقه الخاص والمختلف بسبب أن معظم محلات الكشري تغلق أبوابها طوال شهر رمضان وبالتالي يكون أكلها طازجا وله "شوقة" بعد غياب طوال شهر رمضان. المهنة التي تكاد تكون الوحيدة التي تعمل حتي صلاة العيد هي "الحلاق" للرجال.. والكوافير للسيدات. لو كنت من إحدي القري النائية أو مسئولاً من الحكومة وزرت منطقة شعبية سوف تصيبك حالة من الدهشة والاستغراب بسبب أصوات الصواريخ والبمب والشماريخ.. وسوف تتساءل بينك وبين نفسك.. كيف دخلت هذه الممنوعات إلي السوق المصرية بالرغم من التشديدات والإجراءات الأمنية التي قامت بها الاجهزة الشرطية. لكن هناك فئة ليست قليلة لن تشاركنا هذا العام فرحة العيد.. وهم أبناء وأزواج وأسر الشهداء الذين سقطوا علي يد الإرهاب الغادر.. فالعيد بالنسبة لهؤلاء سيكون بالنظر إلي صور الاحباب الذين فارقونا إلي جنة الخلد واللمس علي رأس ابنائهم الأيتام والوقوف بجانب الزوجات الأرامل.. والشد علي أيادي الأمهات الثكلي.. ونقول لهم مصر كلها تقف بجانبكم.