علي غير ما كان يريد ويتوقع أعداء الثورة أثبت الشعب المصري بكل طوائفه وطبقاته قدرته الفائقة علي مواصلة النضال من أجل تحقيق أهداف ثورة 25يناير وذلك بالاحتشاد ثانية في ميدان التحرير رمز الثورة والميادين الأخري بالأقاليم تحت شعار "الثورة أولاً" أو "جمعة الاصرار والتطهير" ومن وحي هذه التظاهرة أشير إلي عدة حقائق مهمة. أولاً: أن هذا الشعب مصر علي انجاح ثورته بتحقيق أهدافها كاملة غير منقوصة رغم أي تحد أو عقبة. ثانياً: أن هذا الشعب متفق علي مباديء وقيم هذه الثورة. ثالثاً: أن الخلافات بين قوي الثورة تكمن في آليات تحقيق هذه المباديء وتلك القيم. رابعاً: أن أداء المجلس العسكري وحكومة عصام شرف. أقل بكثير من طموحات هذا الشعب. خامساً: أنه آن الأوان أن تتحول هذه المباديء وتلك القيم إلي برامج عمل تفصيلية لها سقف زمني محدد. سادساً: أنه يتعين علي كافة فصائل وحركات وتيارات العمل الوطني أن تبادر باقتراح هذه البرامج وأن تخرج من دائرة الشعارات العامة. والأهداف الكلية. سابعاً: التعامل مع هذه المقترحات بموضوعية وجدية بعيداً عن التكفير في الدين والتخوين في الوطنية. ثامناً: تحديد المشترك بين هذه البرامج والمختلف عليه واعطاء الأولوية للمشترك حتي توضع الثورة علي الطريق الصحيح. تاسعاً: يتعين علي المجلس العسكري وحكومة شرف أن توسع دائرة الاستشارات والاستفادة من الخبرات الهائلة لابناء مصر. كل في مجاله. وعدم اختصار ذلك علي مجموعة محددة صارت معروفة بالاسم. عاشراً: سرعة تطهير كافة مؤسسات الدولة من رجال ونساء النظام السابق لانهم يعيقون تنفيذ ما يتخذ من خطوات لتحقيق أهداف الثورة. وأعتقد أن هذه الحقائق قد باتت واضحة وضوح الشمس لكل من يريد العمل علي انجاح هذه الثورة وأن أي تباطؤ في التعامل معها بالجدية اللازمة بعد تواطؤاً حقيقياً لضرب هذه الثورة التي لن يسمح الشعب باجهاضها أو الالتفاف عليها. وأعتقد كذلك أن من يتصور ذلك ممكناً باعتبار أن الشعب أقل أو أضعف من الحفاظ علي ثورته واهم ومخدوع وسيدفع ثمن موقفه هذا غالياً إن عاجلاً أو آجلاً لأن هذا الشعب مدرك وواع وقادر علي الدفاع عن ثورته وأنه قد يصبر كثيراً ولكنه اذا قرر الفعل فلسوف يفعل. إن نظرة واحدة لنوعية الناس في التحرير والميادين الأخري تؤكد أن البسطاء من هذا الشعب هم حماة هذه الثورة والمدافعون عنها وأن كل الذين يحاولون الوقوف ضد طموحاتهم من أعداء الثورة أو من الانتهازيين الذين يحاولون ركوبها بدأوا يسقطون واحداً بعد الآخر غير مأسوف عليهم مهما كانوا نجوماً ومهما كانت قوتهم فليحذر الجميع. فهذا الشعب ليس "عبيطاً" ولا "ساذجاً" يمكن الضحك عليه أو خداعه. لنبدأ رحلة البناء بالتوازي مع هدم رئيس وأركان ما تبقي من النظام السابق شخوصاً ومؤسسات وسياسات وفلسفات لنبدأ العمل الآن وليس بعد.