يعاود عبدالحميد السحار التأكيد علي أن القرآن الكريم كان هو النبع الذي استمد منه اجتهاداته. فضلاً عن التوراة. فيما لا يتعارض مع النهج الإسلامي. فالروايات المتعارضة في التوراة كثيرة. لأنها كتبت بعد انقضاء عهد إبراهيم بأحد عشر قرناً. وبعد انقضاء عهد موسي بسبعة قرون. لقد حفلت - التوراة - المكتوبة - بالكثير من التناقض الذي عاني الأبناء تأثيراته: فنوح شارب خمر. وإبراهيم كذاب. وابنتا لوط أسكرتا أباهما واضطجعتا معه. وداود مارس الزنا. وللأسف. فقد أخذ الإخباريون الإسلاميون ذلك كله. وضمنوه مؤلفاتهم. وفي المقابل. فقد نسب أحبار اليهود في التوراة - المكتوبة - إلي بني إسرائيل كل فضل. حتي إسماعيل الذي افتداه الله بذبح عظيم. تحول في توراتهم إلي إسحاق. لكي يحرموا أبناء إسماعيل حقوق الوعد الذي تلقاه إبراهيم من ربه. وزعموا أن ملة إبراهيم لها علاقة بالختان اليهودي. متناسين "أن عادة الختان لم تسر من اليهود الذين نزلوا مع هاجر عند بئر زمزم. وأن إسماعيل كان عربياً. في حين كان إبراهيم أعجمياً. الكاتب يدحض ذلك الرأي. لأن إبراهيم كان يتكلم العربية. وإن لم تكن العربية التي نزل بها القرآن. أو التي يتكلم بها عرب هذه الأيام. كانت لغة واحدة. وإن اختلفت لهجاتها مثلما تختلف لهجات زماننا الحالي. كانت هاجر مصرية. وهي جارية سارة. ذلك ما أكدته الأحاديث النبوية. وما أكدته التوراة. أما إسماعيل. فقد ذهب بعض الكتاب الإسلاميين المعاصرين إلي أنه كان اسطورة. وأنه لم يمش في الأرض يوماً. استناداً إلي عدم ورود اسمه في أحد النقوش التاريخية.. لكن ألواح الطين التي كتبت بالخط المسماري. والتي وجدت في أطلال بابل ونينوي وبلاد ما بين النهرين. أكدت أن بني إسماعيل كانوا حقيقة واقعة. وأن أبناءه الانثي عشر صاروا قبائل قوية تناوئ بابل وأشور والإغريق والرومان. وأثبتت الحفريات والنقوش كذلك. إن إسماعيل كان يمشي في الأسواق. وكان صادق الوعد. وكان رسولاً نبياً. ويتوقف الكاتب قليلاً. ليأخذ علي المؤرخين والإخباريين المسلمين. أنهم أخذوا عن ترجمة التوراة إلي العربية في القرن الثاني الهجري. تصورا منهم أنها توراة الله. مما أدي إلي حشو كتب التاريخ الإسلامي بالإسرائيليات وأساطير الشعوب التي دست علي كتاب الله. وكان الطبري من أكثر المؤرخين الذين أخذوا عن التوراة دون تدبر. وبلا تمحيص. وزاد من خطورة الأمر أن بعض المولعين ب "تأليف" الأحاديث النبوية أخذوا من كتاب اليهود. فجاءت تلك الأحاديث مجافية للمنطق الذي اشتهر به نبي الإسلام. لقد جعل المؤرخون امرأة فرعون التي التقطت موسي من اليم. حيناً من الهكسوس. وحيناً آخر من بني إسرائيل. ورفض الكاتب الرأيين معاً. ذلك لأن أحمس كان قد دحر الهكسوس قبل مولد موسي بعدة قرون. كما أن الفراعنة كانوا لا يتزوجون إلا امرأة يجري في عروقها الدم الملكي. مما يدحض الرأي القائل بأنها كانت من بني إسرائيل. وأخذ الكاتب برأي عالم انجليزي. أثبت بالأدلة العلمية أن موسي هو ابن حتشبسوت فيما بعد - وإنه فر من مصر حين جلس علي العرش عدو حتشبسوت تحتمس الثالث. أما فرعون موسي. فقد ذهب المفسرون والإخباريون المسلمون إلي أنه مصعب ابن قابوس. لكن الكاتب لم يأخذ بهذا الرأي اعتماداً علي القرآن الكريم. وما جاء فيه من أن حاكم مصر في أيام يوسف الصديق. هو الريان بن الوليد. وليس مصعب بن قابوس. ويؤكد الكاتب أن أبناء إبراهيم: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط. كانوا مسلمين علي ملة أبيهم. وكان الأسباط اثني عشر رجلاً من أبناء يعقوب. للكلام بقية