الحق تبارك وتعالي بعث سيدنا محمداً صلي الله عليه وسلم مبشراً ونذيراً وداعياً إلي الله وعبادته وحده لا شريك له.. وفي نفس الوقت كرم سيد الخلق وجاءت تعليماته لكل من آمن به أن يتعلم آداب الحديث مع رسول الله فقال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" الحجرات وقد كانت رحلة الإسراء والمعراج تتويجاً لهذا التكريم فقد ذكر سبحانه في سورة الإسراء انه قد أخذ سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في رحلة أثارت أهل مكة ولاتزال مثار الحديث بين المفكرين والعلماء علي مدي التاريخ يقول ربنا: "سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير" وحينما قال ربنا: "بعبده" لكي يشيرإلي أن ذلك التعبير بأنه أجل تكريم لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لأن العبودية من أجل الصفات التي يختص بها حبيبه ومصطفاه. كما أن الإسراء والمعراج تتضمن دروساً لكل من آمن بالله ورسوله لعلنا جميعاً نستوعبها ونضعها نصب أعيننا لنستفيد بها في حياتنا وندرك أن النصر مع الصبر فقد جاءت هذه الرحلة بعد أن اشتد إيذاء المشركين والكفار للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وان ذلك التكريم لم يقتصر علي مقام العبودية تكريماً وانما جمع له الأنبياء فقد كانوا في انتظاره بالمسجد الأقصي لكي يصلوا خلفه إماماً لهولاء الأنبياء يقول الشاعر العربي منوهاً بهذا التكريم: صلي وراءك منهم كل ذي خطر ومن يفز بحبيب الله يأتمم لم يقتصر الأمر عند هذا الحد وانما كانت هناك رحلة المعراج إلي السماوات السبع في صحبة أمين وحي السماء جبريل. ثم كانت مكانة اختص بها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وذلك عندما وصل مع جبريل إلي السماء السابعة وأذن لرسول الله أن يتقدم فطلب من الرسول أن يتقدم قائلاً: هذه مكانتك وأنا لا أستطيع أن أتقدم.. ليت أهل الإيمان يتأملون ويدركون ان لكل إنسان مقاماً معلوماً ومقام سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في أجل وأفضل مكانة.. دروس متعددة وجوانب مشرقة في هذه الرحلة المباركة تؤكد انها كانت بالروح والجسد ولعل كلمة "بعبده" توضح ذلك بجلاء ولعله لا يغيب عن خاطر الجميع ان رب العباد علي كل شيء قدير.. وسوف تظل كثير من المعاني تتكشف علي يد العلماء والمفكرين والكتاب فهذه كلمات الله تحمل الكثير من المعاني "قل لو كان البحر مداداًً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا" انها حكمة العليم القدير نتضرع إليه ونسأله التوفيق.. وأن يجعل الباقيات الصالحات خير ختام لحياتنا انه ولي ذلك والقادر عليه.