كلما اتجهنا جنوباً. أصبحت الحاجة ملحة لتقديم الخدمة الثقافية للمواطنين.. لا مجرد إقامة ندوات للشعر والقصة والنقد فقط. بل التحاور مع الناس لإيقاظ مفاهيم الوعي بحقوق المواطنة. وبتاريخ بلدهم العريق.. ففي جنوب مصر وأسيوط تحديداً نزلت أولي ديانات السماء علي سيدنا ادريس. بعد آدم عليه السلام.. فجنوب الوطن هو من صدَّر صوت السماء إلي الأرض قبل الديانات السماوية الثلاثة بآلاف السنين. ولا نظن الوحي قد انقطع عن أرض مصر بوفاة النبي إدريس عليه السلام والذي قد يراه البعض هو نفسه "أوزوريس" طبقاً لنطق الهيروغليفية وطبقاً للاعتقادات المصرية القديمة. فالعلاقة اللغوية بين ادريس وأوزوريس أقرب من العلاقة اللغوية بين نطق يحيي ويوحنا المعمدان وهو نبي واحد باسمين مختلفين ما بين السيريانية والعربية. هذا الوعي بأصالة الدين وتغلغله في نفوسنا جنوباً وشمالاً كان حاضراً علي مائدة النقاش في لقاء فكري أقيم بمكتبة مدرسة النصر بالقوصية. وهي تابعة لجمعية الصعيد للتربية والتنمية. بحضور محمد موسي توني رئيس إقليم وسط الصعيد السابق. وعبدالعال زهران مدير عام ثقافة أسيوط. ونخبة كبيرة من مبدعي أسيوط ونقادها. منهم: د. ثروت عكاشة وعاطف حكيم وسيد عبدالرازق وجمال عبدالله وأشرف عكاشة ورأفت عزمي وجمال عزيز جديد وميخائيل ابراهيم ومحمد ابراهيم مدير قصر ثقافة القوصية وأحمد الشافعي وعزت الطيري.. وقد أدار اللقاء مدثر الخياط مؤكداً علي قيم الايجابية والمشاركة للمواطن المصري. كحق وواجب من حقوق المواطنة وواجباتها. في ظل إعادة تشكل الوطن بعد أن خرج من أزماته المتوالية.. وذكر بعض المتحدثين أن الاتجار بالدين لارتكاب أعمال عنف وتطرف أمر منافي للدين نفسه. وليس من حق أحد أن يزايد علي شعب متدين بالسليقة وبحكم التاريخ قبل أن تصل فكرة الديانات لسائر شعوب الأرض.. وعلي المواطن أن يعي ويدرك هذه الحقيقة حتي لا ينساق وراء التطرف والتعنف. بل يتصدي لهما بوعي وحكمة. قال محمد موسي توني إن كل المشكلات الكبري التي يعيشها العالم وراء البعد عن العقلانية والوعي والمعرفة. ولذا نجد في مصر وغيرها وجوهاً تبرز علي السطح في سائر الانتخابات البرلمانية والمحلية وهي لا تعبر عن القيم الكامنة في المجتمع المصري.. ولن تستقيم لنا الأمور إلا بتوافر أضلاع ثلاثة هي: الثقافة والإعلام والتعليم.. لكن مشاكل شتي تكتنف هذه المجالات في مصر. ولابد من حلخت. وأشار بعض المتحدثين إلي أنه من قبيل هذه المشكلات في مدينة كبيرة بأعماق الصعيد كالقوصية. عدم وجود قصر ثقافة ينطلق منه الإشعاع والاستنارة. وناشدوا وزير الثقافة د. عبدالواحد النبوي ورئيس هيئة قصور الثقافة محمد عبدالحافظ ناصف النظر إلي احتياج المواطنين إلي مثل هذه الخدمة الثقافية من خلال قصر ثقافة يضئ الأذهان. ويتبني المواهب. ويقدم الفنون والآداب. وعن جمعية الصعيد للتربية والتنمية تحدث ما يكل متواضع مشيراً إلي الخدمات التعليمية التي تقدمها هذه الجمعية بالجهود الذاتية والتبرعات ومنها إقامة 14 مدرسة في أسيوط. وحاجة هذه المدارس إلي التواصل مع قصور الثقافة التي يمثلها بأسيوط عبدالعال زهران. اللقاء اختتم بقصائد لعزت الطيري وجمال عبدالله ومحمود الصغير وسارة عبدالناصر وهالة محمد ومحمد أحمد وأشرف رشاد وصداح حسين ومحمد ظريف ومصطفي صالح ووفاء عبدالتواب وعاطف حكيم ورأفت عزمي ود. سيد عبدالرازق ود. ثروت عكاشة وأحمد الشافعي ومدثر الخياط.. مع عدة أصوات أخري. بالإضافة إلي قصة قصيرة لأشرف عكاشة. وكان قد أقيم علي هامش الندوة معرض تشكيلي لأطفال القوصية: ريهام يحيي ويارا عبدالحكيم وشهد أحمد وإسراء علي عبدالحكيم وعبدالرحمن ابراهيم وحبيبة وفاطمة أحمد عدلي.