في حالة مزاجية وفكرية مناسبة لاحتفالاتنا معاً نحن المصريين مسلمين ومسيحيين هذه الأيام. قرأت واحدة من أروع الروايات التي تتناول العلاقة الحميمية بين المسلمين والمسيحيين كتبتها الروائية السكندرية زهرة يسري بعنوان "قبر عيسي" وهي الرواية اليتيمة الوحيدة التي نشرت لها من بين أكثر من 20 رواية كتبتها وحبيسة الأدراج وصدرت هذه الرواية عن منظمة كتاب بلا حدود الشرق الأوسط بدعم من مجلس الأعمال الوطني العراقي لفوزها بالمرتبة الأولي في مسابقة بلا حدود الثقافية 2011/.2012 تتناول الرواية درامياً فكرة البحث عن قبر سيدنا عيسي عليه السلام علي الأرض بما يفتح نافذة لاستعراض أوجه الاختلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية حول هذا الموضوع من خلال بطلي الرواية وهما صديقان وزميلان في العمل أحدهما مسلم هو محمود والثاني مسيحي هو روماني طلبت منه الكنيسة إعداد بحث يثبت أن تلك المقبرة زائفة وأن ما نشر حول اكتشاف يهودي للمقبرة هو مجرد مؤامرة صهيونية. ويسرد محمود أوجه الاختلاف لروماني فيقول: الأول أن المسيحيين يسمونه يسوع والمسلمون يسمونه عيسي وكلاهما يطلقان عليه لقب المسيح. وأن عيسي نبي من أولي العزم الخمسة "نوح. إبراهيم. موسي. عيسي ومحمد" اختصه الله بمعجزات كثيرة والثالث أن المسيحيين ينسبون عيسي إلي أب بشري هو يوسف النجار لأنه لم يكن من عادتهم نسب الطفل إلي امرأة ويؤمنون أن له أربعة إخوة ذكور والمسلمون يؤمنون أن السيدة مريم ابنة عمران ظلت عذراء حتي وفاتها وأن يوسف النجار لم يكن كفيلها وإنما الذي كفلها هو سيدنا زكريا زوج خالتها والرابع أن المسيحيين يؤمنون أن المسيح ولد في مغارة أو كهف موجود حالياً في كنيسة المهد ببيت لحم ويؤمن المسلمون أنه ولد أسفل جذع نخلة يابسة وحدثت المعجزة أن النخلة الجرداء أثمرت وأسقطت عليها بلحاً طرياً ناضجاً. والخامس أن المسيحيين يؤمنون أن المسيح قد تم صلبه ثم دفنه وقيامته من قبره ثم ظهور لتلاميذه أربعين يوماً بعد قيامته ثم صعوده إلي السماء والمسلمون يؤمنون أن الله قد توفاه أي جعله ينام بعمق ثم رفعه حياً إلي السماء ثم يظهر في آخر الزمان وأن اليهود صلبوا شبيهاً له وهذا الشبيه هو من يسميه المسيحيون بالحواري الخائن يهوذا الاسخربوطي وكذلك يؤمن المسيحيون أن عيسي أحب فتاة من أتباعه وتزوجها هي مريم المجدلية أو الماجدولين بينما يؤمن المسلمون أن المسيح ظل أعزب حتي رفع إلي السماء وهو في الرابعة والثلاثين من عمره ولهذا السبب فإن كل من سيدخل الجنة سيرد إلي هذا العمر قبل أن يدخل. وتؤكد الرواية أن المسلمين والمسيحيين يتفقون في أهم نقطة وهي أن المسيح ليس موجوداً علي الأرض والمنطقي أن يكون أي قبر يُقال إنه لعيسي فارغاً من الرفات والعظام وهناك أكثر من قبر علي وجه الأرض يُقال إنه لسيدنا عيسي الأول القبر المقدس في كنيسة القيامة بالقدس وهناك قبر البستان خارج أسوار القدس عند الصخرة الجمجمة بالقرب من باب العمود وباب دمشق وهناك مقبرة تالبيوت التي تم الإعلان عنها من 3 سنوات وهي وراء فكرة الرواية وهناك قبر في الهند وهناك أيضاً قبر فارغ في الروضة الشريفة للنبي صلي الله عليه وسلم يؤمن المسلمون بأن عيسي سيدفن فيه حين يأتي آخر الزمان ليقتل المسيخ الدجال ويحكم في الأرض 40 عاماً ثم يموت موتة طبيعية ويدفن بجوار النبي محمد صلي الله عليه وسلم . الرواية في الحقيقة شيقة منسوجة بعناية وتحتوي علي معلومات مهمة وجديدة استحقت بها أن تفوز في تلك المسابقة. وكل عام وأنتم بخير وعام جديد سعيد علي كل المصريين.