انخفاض أسعار النفط العالمية بنحو 40%. هل يمثل أخباراً سعيدة للاقتصاد المصري أم سيئة!! أم محايدة.. لا مكسب ولا خسارة؟ قبل أن يجيب الخبراء عن السؤال الذي لم تبادر الحكومة للإجابة عنه حتي الآن وسط صمت مريب. يجب أن نشير إلي أن ردود الفعل الأولي لانخفاض البترول علي البورصة المصرية كانت صادمة لدرجة أن البورصة خسرت نحو 30 مليار جنيه في نهاية الأسبوع الماضي علي خلفية التطورات الدرامية في سوق النفط العالمي وتأثيراتها علي أسواق المال العالمية. بعيداً عن البورصة يري خالد أبو بكر رئيس مجلس إدارة شركة طاقة عربية أكبر شركة تابعة للقطاع الخاص في مجال توزيع الطاقة بمصر أن انخفاض أسعار النفط من شأنها أن تؤثر علي الاقتصاد المصري بطريقة إيجابية وليست سلبية مشيراً إلي أن مصر ستورد كميات كبيرة من المنتجات والمشتقات البترولية والتي ترتبط أسعارها بأسعار النفط الخام من خلال معادلة سعرية معينة. ولأن الدولة هي المستورد الوحيد لهذه المنتجات وتبيعها في السوق المصري بأسعار أقل من السعر العالمي "مدعومة" فإن هذا الدعم سينخفض بمقدار انخفاض أسعار النفط. يتوقع أبو بكر أن ينخفض دعم الطاقة من 103 مليارات جنيه وهو المقرر بموازنة الدولة للعام المالي الجاري إلي ما يتراوح بين 60 و70 مليار جنيه بنسبة انخفاض تتراوح بين 30% و40% مشيراً إلي أن أسعار البنزين 80 و92 في مصر قاربت الأسعار العالمية بعد الانخفاض الأخير أي أنها لم تعد مدعومة وكذلك أسعار السولار اقتربت من سعر التكلفة وهذا يخفف عبء الدعم عن الموازنة وبالتالي تقليل عجز الموازنة. وبحسب أبو بكر فإنه من غير المتوقع أن تقوم الحكومة بزيادات جديدة في أسعار الطاقة مع بداية العام المالي الجديد خاصة مع تراجع أسعار النفط ومع الأخذ في الاعتبار الزيادات التي قررتها خلال الفترة الأخيرة لافتاً إلي أن سعر الطاقة للصناعة حالياً يتراوح بين 7 و8 دولارات للمليون وحدة حرارية أصبح أعلي من مستويات الدول المجاورة. وأكد علي أهمية التركيز علي كفاءة استهلاك الطاقة ووضع الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك وهو ما يوفر نسبة كبيرة من الدعم إلي جانب تحرير صناعة الطاقة والسماح للقطاع الخاص باستيرادها لتوفيرها للاسثمارات الجديدة. حول تأثر الصادرات المصرية من البترول الخام بانخفاض الأسعار العالمية قال خالد أبو بكر إن مصر تصدر كميات محدودة من البترول الثقيل. وأن ما نستورده أكثر بكثير مما نصدره ولذلك فالفارق النهائي صالح الاقتصاد المصري. وإن كانت الحكومة لن تستطيع استغلال هذه الظروف بإبرام تعاقدات طويلة الأجل علي شراء البترول بسبب اللوائح والنظم مما يؤكد أهمية فتح الطريق أمام القطاع الخاص للقيام بذلك لاستهلاكه علي الأقل. الأثر النهائي لتراجع أسعار البترول في صالح الاقتصاد المصري هذا ما تؤكده الدكتورة سلوي العنتري الخبيرة الاقتصادية والمدير السابق لقسم البحوث الاقتصادية بالبنك الأهلي مشيرة إلي آثار مباشرة تتمثل في انخفاض فاتورة الدعم وفاتورة الواردات من المنتجات البترولية التي ترتبط أسعارها بأسعار النفط. أما الآثار غير المباشرة فتتمثل في احتمالات تراجع أسعار الواردات الصناعية بسبب انخفاض عوامل التكلفة وفي مقدمتها الطاقة. علي الجانب الآخر تتخوف "العنتري" أن تكون هناك آثار سلبية غير مباشرة علي الاقتصاد المصري علي المدي البعيد وفي حالة استمرار تراجع الأسعار وذلك من خلال تأثر حركة التجارة الدولية بانخفاض أسعار النفط مما ينعكس علي حركة المرور بقناة السويس. كما تتخوف من احتمالات تأثر الفوائض المالية الخليجية مما يقلل من حجم استثماراتها في مصر كما حدث في فترة التسعينيات. تطالب سلوي العنتري الحكومة بإعادة النظر في خططها السابقة لزيادة أسعار الطاقة في ظل المتغيرات الحالية مشيرة إلي أن الحكومة قالت إنها ستطرح قضية تخفيض دعم الطاقة بنحو 50 مليار جنيه أخري للحوار المجتمعي. وقالت إنه تم توفير جانب كبير من دعم الطاقة مما يتطلب تعديل الخطط الحكومية في هذا المجال. صمت رسمي من جانبها انتقدت الدكتورة عالية المهدي العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية صمت الحكومة تجاه المتغيرات الجارية في سوق النفط العالمي وقالت إن الحكومة تحدثنا ليل نهار عن دعم الطاقة وعندما انخفضت الأسعار العالمية لم يخرج علينا رئيس الوزراء أو وزير المالية ليخبرنا إذا كان ذلك يمثل أخباراً سعيدة للاقتصاد من عدمه وتوقعت أن ينخفض دعم الطاقة بنحو 40% نتيجة تراجع أسعار النفط وقالت إن ذلك ينعكس علي الموازنة الحالية والقادمة وأكدت علي أهمية أن تكون هناك تعاقدات علي المنتجات البترولية لمدة سنة علي الأقل للاستفادة من الأسعار الحالية وطالبت الحكومة بضرورة إعادة النظر في خططها نحو زيادات جديدة لأسعار الطاقة.