تنتظر اليمن 14 أكتوبر أو الثلاثاء بعد القادم. فهذا اليوم حددته فعاليات يمنية عديدة لبدء ما سمته "المقاومة الايجابية" للحوثيين الذين يعيثون فسادا في العاصمة التاريخية العريقة صنعاء منذ الاثنين الأسود 22 سبتمبر. ففي ذلك اليوم استيقظ اليمنيون علي عاصمتهم وهي تسقط بسهولة غريبة في أيدي هؤلاء الهمج الفوضويين المعروفين باسم الحوثيين. ولم يعد سكان العاصمة قادرين علي احتمال مشهد هؤلاء المسلحين ومنهم بعض الأطفال الذين يحملون مدافعهم الرشاشة ويفعلون ما يحلو لهم دون رادع. ووصل بهم الأمر إلي اقتحام بيوت خصومهم وتحطيم محتوياتها واضرام النار وعرقلة الحياة اليومية في عاصمة اليمن السعيد. ويبحث رجل الشارع في العالم العربي عن إجابة لعدة أسئلة في مقدمتها من هم الحوثيون. إنهم في حقيقة الأمر حركة سياسية شيعية زيدية تأسست بمحافظة صعدة شمال اليمن. وتنسب إلي بدر الدين الحوثي وتعرف بالحوثيين أو جماعة الحوثي أو الشباب المؤمن أو كما أطلقت علي نفسها أخيراً أنصار الله أسوة بحزب الله في لبنان. نشأت الحركة فعلياً خلال عام 2004 اثر اندلاع أولي مواجهتها مع الحكومة اليمنية. ويري البعض أنها بدأت قبل ذلك. ففي عام 1986 تم انشاء تنظيم يدعي "اتحاد الشباب" لنشر التعليم بين شباب الطائفة الزيدية ولتعريفهم بتعاليم المذهب الزيدي نفسه. وكان من ضمن مدرسيها بدر الدين الحوثي. وعقب الوحدة اليمينة في مايو 1990 وفتح المجال أمام التعددية الحزبية تحول الاتحاد من الأنشطة التربوية إلي مشروع سياسي من خلال حزب الحق الذي يمثل الطائفة الزيدية. وتم تأسيس منتدي الشباب المؤمن خلال عام 92 علي يد نجله محمد بدر الدين الحوثي وبعض رفاقه كمنتدي للأنشطة الثقافية وبعدها تحول المنتدي علي يد ابنه الآخر حسين بدر الدين الحوثي من الطابع الثقافي إلي حركة سياسية تحمل اسم تنظيم الشاب المؤمن. وكانت مطالب الحركة ضمان حق أبناء المذهب الزيدي في تعلم المذهب في الكليات الشرعية. واعتماد المذهب الزيدي مذهباً رئيسياً بالبلاد إلي جانب المذهب الشافعي وارتفع سقف المطالب. وبالنظر إلي المواجهات التي خاضتها جماعة الحوثيين مع الحكومة نجد أنها بدأت منذ اندلاع الأزمة عام 2004 حيث بدأت المواجهة الأولي تحديداً في 19 يونيو عام 2004 والتي انتهت بمقتل زعيم الجماعة حسين بدر الدين الحوثي أما المواجهة الثانية فقد انطلقت مارس 2005 بقيادة بدر الدين الحوثي والد حسين واستمرت نحو ثلاثة أسابيع ثم تجددت المواجهات بين جماع الحوثيين والحكومة وشهدت بداية ظهور عبدالملك الأخ الأصغر لحسين الحوثي. ولم تنته المواجهات منذ ذلك الوقت . وبعد ذلك وقعت المعركة الفاصلة وهي حرب عمران في مارس الماضي عندما استغل الحوثيون الارتباك في المشهد اليمني اضطرابات الجيش وتشتته في أكثر من جبهة حيث قام الحوثيون بمهاجمة مواقع تابعة للواء 310 مدرع وانتصرت عليه علي الزعيم من أنه أقوي الألوية اليمنية تشكيلاً وتسليحاً. ومن هنا كانت بدايات الاستيلاء علي صنعاء حيث صار الحوثيون علي بعد 50 كم من العاصمة صنعاء مما أتاح لهم الزحف الي مداخلها والاستيلاء عليها وعلي قيادة الجيش ورئاسة الأركان وقيادة الوحدات العسكرية واستولوا علي الأسلحة والمعدات والذخائر. ويرجع المحللون كارثة صنعاء إلي عدة عوامل أهمها ضعف حكومة محمد سالم باسندوة. وعدم تماسكها. وضعف الرئيس هادي وعدم قدرته علي الاستناد إلي قوة عسكرية تكن له الولاء لتنفيذ قراراته. والعامل الأهم هو غياب التماسك عن الجيش وتواطؤ قيادات عسكرية مازالت تدين بالولاء للرئيس السابق علي عبدالله صالح وعدم رضا بعضها الآخر عن عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة. ويضاف إلي ذلك أيضاً تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وارتفاع نسبة البطالة والفقر لأغلب شرائح المجتمع اليمني. وساعد ذلك الحوثي علي أن يتخذ من قضايا اقتصادية هامة ومطالب شعبية ومعيشية غطاء لتحركه ضد الدولة.