الدعوة التي أطلقها د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لترشيد العمرة والسماح بتكرارها كل خمس سنوات وكذلك الأمر بالنسبة للحج الذي يلي حجة الفريضة التي فرضت علي القادر المستطيع ماديا وبدنيا حتي يتحسن الوضع الاقتصادي للبلاد أثارت الجدل ما بين مؤيد ومعارض لها. يري د. جمعة أن فروض الكفايات مثل إطعام الجائع وكساء العاري ومداواة المريض وإحصان الشباب والفتيات وتوفير ما تقوم عليه حياة الأمة من رعاية صحية وتعليم وطرق وتجهيز للجيوش مقدمة علي النوافل مثل العمرة والحج المتكرر.. فالمصلحة العامة مقدمة علي المصلحة الخاصة وحيثما تكون المصلحة فثم شرع الله وقضاء حوائج الناس واجب شرعي مؤكدا أن الدين ليس بالعاطفة وأنه ينبغي علي المسلم أن يسير وفق مراد الله لا وفق عاطفته.. واستشهد بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم أحب الناس إلي الله تعالي أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلي الله تعالي سرور تدخله علي مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشي مع أخيه في حاجة حتي يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام. لقد كشفت دراسة حديثة أن المصريين ينفقون أكثر من 3 مليارات دولار سنويا علي الحج والعمرة يذهب أكثر من 2 مليار منها خارج مصر. في البداية أيد د. محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الأسبق في تصريحات له دعوة وزير الأوقاف مشيرا إلي أنها أحد وسائل مساعدة الدولة في تخطي الأزمة الاقتصادية التي تمر بها لاسيما وأن الكثير من أفراد الشعب الفقراء لا يجدون الحد الأدني بما يكفيهم للعيش بكرامة.. مشيرا إلي أنه إذا كانت العمرة أمرا مستحبا إلا أنه لا يجب الإفراط فيها.. ورغم أن الحج فرض مرة واحدة في العمر إلا أنه تحول إلي وسيلة للتباهي والوجاهة بعد أن ا تخذه بعض القادرين فريضة سنوية.. ولقد جاء عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: في اخر الزمان يكثر الناس من الحج بلا سبب. يهون عليهم السفر ويبسط لهم في الرزق فيهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار يضرب في الأرض للحج وجاره إلي جنبه مأسور لا يواسيه. أشار إلي أن هناك مفاهيم خاطئة لدي المسلمين تختزل غفران الذنوب في زيارة بيت الله الحرام والدعاء هناك وأداء الحج والعمرة فقط دون غيرهما من الأعمال الصالحة رغم أن هناك الكثير من الأعمال الخيرية التي من الممكن أن يستفيد بها المسلم بعد مماته خاصة أن مجتمعنا النامي من العالم الثالث في حاجة لأموال العمرة والحج المتكرر في بناء مدرسة أو مستشفي أو غيرهما مما يعد صدقة جارية سوف تدر الكثير من الأجر والثواب علي مستخرجها. طالب بتوجيه الأموال نحو مصارفها الصحيحة ومراعاة ترتيب أولويات الانفاق حتي تتجنب البلاد فسادا كبيرا ويتم انقاذ ودعم الكثير من الفقراء. قالت د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إن الشرع أعطي لولي الأمر حق تقييد المباح إذا كانت البلاد تمر بظروف استثنائية حتي تزول العلة.. وبالتالي يجوز لولي الأمر تقنين العمرة والحج بعد حج الفريضة إذا كانت الظروف الاقتصادية لا تسمح بذلك. أضافت أن البلاد تمر بظروف اقتصادية صعبة وفي الوقت الراهن تحتاج الدولة أن تعمل بفقه الأولويات قال تعالي: "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله".. مشيرة إلي أن الصحابة الكرام أدركوا ذلك وكانوا يكثرون من الأسئلة التي تدلهم علي أحب الأعمال وأفضلها والتي تقربهم من الله سبحانه وتعالي وأن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يحج أو يعتمر إلا مرة واحدة في حياته. حرية شخصية د. رأفت عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر يري أنه لا يمكن إجبار المسلم علي عدم قيامه بأداء حج التطوع أو العمرة فيجب علي الدولة أن تتيح له الحرية ليؤديها أو يتركها أو يتبرع بقيمتها في مشاريع اقتصادية تدر عائدا علي الدولة وذلك وفقا لما يراه مناسبا له.. واستشهد بالحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر ويكفران الذنوب وأكد أن في هذا الحديث دعوة صريحة لتكرار الحج والعمرة والاجتهاد في العبادة من خلال الذكر والطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة لأن فيها صفاء الروح وتقرب من الله سبحانه وتعالي وخروج من الحياة المادية التي تطغي علي تفكيرنا وتبعدنا عن طريق الله. أشار إلي أن حاجة الفقراء للمال لا يعطي الحق للدولة منع المسلمين من أداء العمرة والحج لأن هذه الشعائر تحث مقيميها علي البذل والعطاء وليس العكس فالرزق بيد الله وهو من يقسمه وفق حكمة معينة ويري أن الدعوة لتقنين الحج والعمرة لن تجدي لأن كل مسلم يريد أن يستفيد بأمواله قبل وفاته بالذهاب للأماكن المقدسة والتمتع بالأجواء الروحانية المتوافرة في هذه البقاع الطاهرة والدعاء بأن يغفر الله له ذنوبه والعودة كيوم ولدته أمه وبالتالي يختم حياته بالخير. كان د. أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق قد صرح بأنه ليس من حق الدولة أن تقنن السفر لأداء الفريضة أو النوافل لأنه يعد من المخالفات الشرعية التي لم يفعلها النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام.