أظهرت جمعة الغضب الثانية عبر من شاركوا فيها أن هناك انقساماً شديداً وصراعاً خفياً بين كافة التيارات السياسية والدينية من بينها تيارات تزعم أن لولاها ما نجحت ثورة 25 يناير.. وكانت تلك الجمعة بمثابة اختبار قوة لكل فصيل ليستعرض من خلالها مدي تأثيره وقوته بل ونفوذه علي الساحة السياسية في مصر. التيار الديني وعلي رأسه جماعة الأخوان المسلمون غاب لأول مرة عن هذا المشهد المليوني الذي أطلق عليه أيضا "جمعة تصحيح مسار الثورة" لسبب بسيط هو أن مسار الثورة الحالي علي هوي الاخوان.. وعلي مقاسهم.. فالمليونية المرفوضة "اخوانيا" تطالب بدستور جديد للبلاد وتأجيل الانتخابات البرلمانية بينما الاخوان يستندون إلي الشرعية الثورية وما افرزته نتيجة الاستفتاء علي تعديل الدستور المعروفة "اخوانيا" أيضا بغزوة الصناديق! كما أنهم هم أول المستفيدين باجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها سبتمبر المقبل.. لانهم هم الفصيل الأكثر تنظيماً وتمويلاً.. أما الأحزاب القديمة والمستجدة والحركات والائتلافات المستحدثة فلن تحصل علي أغلبية مقاعد البرلمان المقبل حتي وان تحالفت معاً. والسؤال الذي يفرض نفسه وبإلحاح هو ما سر رفض الاخوان صياغة دستور جديد للبلاد قبل الانتخابات طالما ان هذا الأمر في مصلحة مصر وحماية لمكتسبات الثورة التي أتت بهم إلي صدارة المشهد السياسي؟!.. والجواب الذي لا أجد له بديلاً هو ان جماعة الاخوان المسلمين أو حزبهم علي الأحري يفضلون الدستور الجديد بعد الانتخابات وعبر اللجنة التأسيسية التي سيكون لهم فيها الغلبة علي اعتبار أنهم سيشكلون اغلبية في البرلمان وبالتالي يتمكنون من تمرير دستور يتماشي مع مبادئهم وأفكارهم وهو ما يعني انهم يمارسون نفس سياسة النظام السابق صاحب الرأي الأوحد والواحد والوحيد في ادارة شئون البلاد. للاسف الشديد.. لقد أظهرت جمعة الغضب الثانية أن الذين يتزعمون المشهد الثوري يتنازعون ويتصارعون فيما بينهم لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والطموحات الشخصية.. لا يهمهم في ذلك لا مصلحة الثورة.. ولا مصلحة مصر!. * كلام وبس: * انسحاب الجيش والشرطة من مليونية جمعة الغضب الثانية كان مجرد اختبار لثورة 25 يناير.. ونجحت الثورة في الاختبار!