* سيدتي: لا تتعجبي من حكايتي لكنها الحقيقة التي أصبحت حقيقة مزعجة جداً.. منذ تزوجت وأنا احتملها وهي حماتي الطيبة جداً الحنونة لدرجة الخنق والتي تراعينا حتي أنني أصبحت أشعر أنني عدت طفلة ولا أشعر أنني سيدة في بيتها. حماتي باختصار تعيش معنا فهي مطلقة منذ عشرين عاماً.. وليس لها غير زوجي فهو ابنها الوحيد.. بعد الزواج أقمنا معها وقمنا بتأجير شقتنا.. كان الأمر في البداية طريفاً حتي أنني اعتبرته فرط ترحيب منها لنا.. فهي التي تغسل وتكوي لنا ملابسنا وتطبخ وتنظف البيت وهي التي تتسوق وهي التي تحجز لنا المصيف وهي التي تفكر لنا في رحلات نهاية الأسبوع بل هي التي اشترت لنا "تيم شير" في أكثر من مكان.. هي تفكر وتدفع وتنفذ ولا تبخل علينا بمالها.. هي تحبني لدرجة أنني لا أكاد ألمس طفلتي إلا للعب بها فقط وحماتي من تغير وتنظف وترضع وتنام معها في غرفتها.. قد تبدو حماتي للجميع لقطة ويقول البعض ماذا تريد تلك البلهاء.. لا أريد إلا أن أشعر أنني امرأة طبيعية تفعل ما يجب عليها.. أنا أشعر أنني طفلة لم تتزوج.. وقد تعودت في بيت أهلي الاعتماد علي نفسي وعمل كل شيء ولكنها لا تعطيني الفرصة الطريف أنها تعمل فكيف تجد الوقت لكل هذا لا أعرف حتي وإن كانت طبيعة عملها لا تحتاج للخروج وتعمل من المنزل؟ بجد أنا حائرة أرجو الرد بسرعة. * عزيزتي: مشكلتك ليست طريفة ولا نادرة لكنها مشكلة حساسة جداً وخطيرة أيضاً فهي ترتبط بمشاعر نفسية لأم تجد أن حياتها ترتكز علي ما تعطيه لكما باعتباركما محور تلك الحياة فالابن تحول لبديل الزوج هو الرجل الذي تدور حوله كل احتمالات وجودها.. حتي أن عملها لم يقلل من هذا الشعور فأنتما الحياة.. وأي محاولة لزعزعة هذا النظام أو خلخلته يعني قتلها معنوياً. وهذا ليس معناه الاستسلام.. فأنت ترغبين في لعب دورك الحقيقي كزوجة وأم ولكن هذا يتعارض مع رغباتها.. لذا وجب التعامل معها بحرص خاصة أنها تجد متعة في تدليلك أنت الأخري فهي لم تنتزع مهامك وتهملك بل ترعاك كابنة مدللة.. في البداية تمتلكين نفس شخصية حماتك تلك القنبلة العاطفية الموقوتة.. تحبين الاعتماد علي نفسك كما تربيت.. ولكن دعينا نفكر معاً وبالتدريج: ماذا لو أن والدتك هي التي محل حماتك؟ ترعي شئون بيتك.. وابنك وزوجك وتترك لك الفرصة كاملة للدلال والحياة المرفهة التي تتمناها الكثيرات.. ويحلمن بنصف ذلك للتفرغ لحياتهن مع الزوج أو للدراسة أو للرفاهية مع الصديقات؟ في تصوري كنت سنقبلين ذلك.. الوضع يدخل فيه جزء من محاولة اثبات الذات ولكن الأهم هو لمن ترغبين في اثبات ذاتك؟! لنفسك! أنت أعلم بنفسك.. لزوجك هو أيضاً يعرفك ويعرف والدته ولا ينتظر ذلك.. اثبات ذاتك أمام الناس؟ وما شأن الناس بكم؟!! القضية يا عزيزتي أن حماتك تمتلك سلطة أبوية تفوق حجمها نفسها فقد تجاوزتكما للحفيدة ولا حل إلا بتدخل الطبيب النفسي ومجرد عرض الأمر عليها سيكون صدمة لأنها ستشعر بغدركما "من وجهة نظرها علي الأقل" هي تعطي ولا تأخذ من وجهة نظرها وهذا يمتعها ويشعرها بالأهمية لوجودها بعد أن طلقت وأصبحت وحيدة دون شريك. لذا وجب التعامل بحرص بداية تستطيعين إعلان ذلك التمرد بشكل يبدو لصالحها وليس شكوي منها كأن تقولي أنك ستختارين يوماً في الأسبوع يكون يوم الدلع لها لا تباشر فيه أية مسئولية لأنك مشفقة عليها لأنها لم تعش حياتها كما تمنحها للآخرين.. في هذا اليوم ستخرج للنزهة مع صديقاتها أو لزيارة الأقارب أو أي نشاط وتقوم باختيار ملابسها وتساعدينها بكل شكل يقول إنك تدللينها ولا تنام الطفلة معها واحرصي علي هذا اليوم الأسبوعي لمدة طويلة قبل أن يزيد ليومين ثم للمشاركة لأنك تحبينها ومشفقة عليها من ثقل مسئوليتكم عليها ولو قالت إنها لم تشك قولي لها بل نحن نحبك كما تحبينا ونرغب في تدليلك كما تفعلين معنا. المهم ألا تشعريها أن ذلك رفض لدورها أو أنك مخنوقة من قيدها فهذا يؤزم الأمور ويعقدها داويها بالحب وبالتدريج ولربما شعرت أنت بعد تحمل جزئي للمسئولية أنك كنت مرتاحة لهذا الوضع ولكنك رغبت في منافسة الأم الماهرة التي تفعل كل شيء بسعادة دون شكوي ولربما رغبت في بقاء تلك القنبلة العاطفية مشحونة دائماً.. المهم كلما هممت بالانفعال تذكري أمك وتذكري أنها وهبتك ابنها وبيتها ومالها وقبل كل هذا حبها.. كوني لها الابنة التي لم تنجبها كما كانت لك الأم التي لم تحمل بك.