من ينظر إلي آخر ثلاثة أعياد فطر بما فيها العيد الحالي.. فإنه سوف يلحظ الفارق الكبير بينها وكذلك انطباعنا عنها. عيد فطر 2012 جاء بعد شهور قليلة من تولي محمد مرسي الرئاسة بالتزوير والإرهاب.. جاء وقد أصابنا جميعاً الهم والغم.. جاء وأمامنا صورة مجزرة رفح الأولي التي راح ضحيتها 16 من أفراد القوات المسلحة لحظة الإفطار والتي كانت أول مسمار في نعش النظام خاصة انه لا أحد إلا وعلي يقين ان النظام كان علي علم تام بالمجزرة قبل وقوعها وعارف ساعة الصفر وكيف ستنفذ ومن هم منفذوها ان لم يكن هو مدبرها الفعلي للاطاحة بوزير الدفاع ورئيس أركانه في ذلك الوقت.. وهو ما حدث بالفعل. كان عيداً مغموساً بدم الشهداء.. وبالتالي لم نشعر فيه بالفرح. ومرت أيام العيد مثلها مثل أيام رمضان ان لم تكن أقل. عيد فطر 2013 جاء وقد امتزجت فيه الأفراح بالأحزان. الراحة النفسية مع التوتر. الرضا بما تحقق والتوجس مما يحاك ضد الوطن. نعم.. عشنا في هذا العيد مشاعر متناقضة.. ما بين فرحة طاغية بسقوط نظام فاشي ونازي وقمعي في 3 يوليو وبداية ظهور ملامح الدولة التي نريدها أعلنا عنها بكل مواصفاتها وشخوصها خلال ثورة 30 يونيه. وبين حزن عميق بسبب اعتصامي رابعة والنهضة الإرهابيين والضحايا الذين يدفعون ثمن أطماع وغل وحقد وحسد أناس فقدوا الوطنية والإنسانية ولا دخل لهم بالدين.. أناس حكموا وأساءوا لنا جميعاً وخانوا وتآمروا لخطف الوطن وبيعه في سوق النخاسة وعندما أحبطت أعمالهم وأطيح بهم لم يرعوا في البلد والناس إلاً ولا ذمة.. أثخنوا فينا القتل وحرقوا وخربوا كل مبني تصل إليه أيديهم القذرة ونهبوا وسرقوا وابتدعوا أموراً ليست في الدين أو منه ولا أدري: كيف سيقفون أمام الله يوم القيامة ويبررون له جرائمهم. وكيف سيقابلون الرسول الكريم وبأي سند سيطلبون منه الشفاعة.. ؟؟ كان عيداً بطعم الكعك أبو سكر.. وأيضاً بطعم المخلل.. ومعاً.. كيف؟؟ .. اسألوا محمد مرسي.. !! عيد فطر 2014 الحالي جاء بعد عام من الثورة والاطاحة بمرسي.. وبعد أن أصدرنا دستورنا المعبر عن هذا الشعب وعن الأمة المصرية بموروثها الديني والثقافي والحضاري وبقيمنا الراسخة وبعلاقاتنا القوية والمتوازنة بالعالم أجمع رغم تناقضاته في شتي المجالات. جاء أيضاً بعد أن انتخبنا الرئيس وباكتساح.. وبالتالي فإن غالبية دعائم الدولة قد شيدت ولا يتبقي سوي الانتخابات البرلمانية. العيد جاء بعد أن عادت مصر إلي الحضن العربي والافريقي وعاد العرب والأفارقة إلي أحضان أمهم مصر مما قلب موازين العالم حتي أن من كان يزعم إلي وقت قريب ان ثورة يونيه انقلاب عسكري أصبح اليوم يشيد بعبقرية الشعب المصري ويثمن ما تحقق من انجازي الدستور والرئاسة. صحيح ان هذا العيد يأتي أيضا ودم الشهداء مازال سائلاً.. وهذه المرة يتدفق من الفرافرة.. إلا أن المزاج العام للمصريين مرتفع والكل مطمئن علي حياته وحاضره ومستقبله. العيد هذه السنة مختلف تماماً عن العيدين السابقين.. مهما الإخوان هددونا. ومهما تآمرت أمريكا مع إسرائيل وحماس وقطر وتركيا وأخرجوا لنا "مسخرة غزة" ومهما طنطن مطبلاتية الغرب وهاجموا السيسي والنظام والجيش في صحفهم وفضائياتهم. بالعند في المتآمرين الخونة.. أقول لكل أحبابي وزملائي وأصحابي.. عيد سعيد عليكم.. ويارب تكمل أفراحنا وتزال همومنا ونحقق كل ما نتمني. وتحيا مصر.