هذه الرسالة أرسلها بعض السياسيين المصريين.. لم تكن موجهة للرئيس السابق حسني مبارك.. ولم يكن تاريخها في أثناء فترة رئاسته للبلاد التي امتدت من عام 1981 إلي عام ..2011 ولكنها كانت موجهة للملك فاروق وكان تاريخها 16 اكتوبر ..1950 وعندما نقرأها نجدها كأنها موجهة للرئيس السابق.. تقول الرسالة التي وقعها أكثر 16 من أكبر الشخصيات السياسية في تلك الفترة: "ان البلاد لتذكر لكم أياما سعيدة كنتم فيها الراعي الصالح والرشيد.. وكانت تحف بكم أمة تلاقت عند عرشكم آمالها والتقت حول شخصكم قلوبها فماوارتها فرصة إلا دلت فيها علي عمق الولاء والوفاء. واليوم تجتاز البلاد مرحلة قد تكون من أدق مراحل تاريخها الحديث ومن الأسف انها كلما اتجهت إلي العرش في محنتها حيل بينه وبينها لا لسبب إلا لأن الأقدار قد افسحت مكانا في الحاشية الملكية لأشخاص لا يستحقون النصح وأساءوا التصرف.. بل ان منهم من حامت حول تصرفاتهم طلال كثيفة من الشكوك والشبهات هي الآن محل التحقيق الجنائي الخاص بأسلحة جيشنا الباسل حتي ساد الاعتقاد بين الناس ان يد العدالة ستقصر حتما عند تناولهم بحكم مراكزهم.. كما ساد الاعتقاد من قبل ان الحكم لم يعد للدستور وان النظام النيابي قد أضحي حبرا علي ورق منذ عصفت العواصف بمجلس الشيوخ فصدرت مراسم يونية سنة 1950 التي قضت علي حرية الرأي فيه وزيفت تكوين مجلسنا الأعلي كما زيفت الانتخابات الأخيرة من قبل تكوين مجلس نوابنا. لقد أصبحت سمعة الحكم المصري مضغة في الأفواه وأمست صحافة العالم تصورنا في صورة شعب مهين يسام الضيم فيسكت عليه بل ولا ينتبه اليه ويساق كما تساق الأنعام والله يعلم ان الصدور منطوية علي غضب تغلي مراجله وما يمسكها إلا بقيد من أجل أن يعتصم به الصابرون يا صاحب الجلالة. لقد كان حقا علي حكومتكم ان تصارحكم بهذه الحقائق ولكنها درجت في أكثر من مناسبة علي التخلص من مسئوليتها الوزارية بدعوي التوجيهات الملكية وهو ما يخالف روح الدستور.. كما انها توهمت انه في رضا الحاشية ضمانا لبقائها في الحكم وسترا لما افتضح من تصرفاتها وما انغمست فيه من سيئاتها وهي أشد حرصا علي البقاء في الحكم وعلي مغانمه منها علي نزاهته.. ولهذا لم نر بدا من أن ننهض بهذا الواجب فنصارحكم بتلك الحقائق ابتغاء وجه الله والوطن.. لا انتقاء حكم ولا سلطان وبرا بالقسم الذي اديناه ان نكون مخلصين للوطن والملك والدستور وقوانين البلاد.. ومضت الرسالة تقول: يا صاحب الجلالة ان احتمال الشعب مهما يطل لابد أن ينتهي إلي حد واننا لنخشي أن تقوم في البلاد فتنة لا تصيب الذين ظلموا وحدهم بل تتعرض فيها البلاد الي افلاس مالي وسياسي وخلقي فتنتشر فيها المذاهب الهدامة بعد أن مهدت لها آفة استغلال الحكم أسوأ تمهيد.. لهذا كله نرجو مخلصين أن تصحح الأوضاع الدستورية تصحيحا شاملا وعاجلا فترد الأمور إلي نصابها وتعالج المساويء التي تعانيها مصر علي أساس وطيد من احترام الدستور وطهارة الحكم وسيادة القانون بعد استبعاد من أساءوا إلي البلاد وسمعتها ومن غضوا من قدر مصر وهيبتها وفشلوا في استكمال حريتها ووحدتها وأهدروا اقتصادها القومي فاستفحل الغلاء إلي حد لم يسبق له مثيل وحرموا الفقير قوت يومه. وقد وقع علي هذه الرسالة ابراهيم عبدالهادي والدكتور محمد حسين هيكل مكرم عبيد عبدالرحمن الرافعي وغيرهم من كبار الساسة المصريين "16 توقيعا". المهم ان الملك عندما قرأ الرسالة قال انها عيب علي الذات الملكية.. وطلب تسجيل أسماء من وقعوا عليها وألا توجه إليهم أي دعوات ملكية. والآن: هل مضمون ما جاء في هذه الرسالة يختلف عن الواقع الذي عاشت فيه مصر أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك!!