هذه مأساة حقيقية يعيشها شاعر كبير ومترجم قدير ومقاتل قديم خاض اكثر من حرب في صفوف الجيش المصري العظيم. بدر توفيق أحد شعراء الستينيات البارزين الذي اثري مكتبة الشعر العربي بثمانية دواوين فضلا عن ثمانية كتب اخري تضم ترجماته المهمة لشكسبير وعمر الخيام وسواهما. تخرج بدر توفيق في الكلية الحربية عام 1955 وشارك في حرب 56 وكان ضمن اول دفعة ذهبت الي اليمن وبعدها ذهب إلي فلسطين. كما شارك في حرب 67 وتمت احالته للتقاعد بعدها وكان برتبة نقيب. وبعدها بأحد عشر عاما أعيد له اعتباره ومنحوه رتبة ومعاش عقيد. يعيش بدر توفيق الذي يبلغ الثمانين عاما الآن وحيدا وفي عزلة تامة بعد ان تكاثرت عليه الامراض التي انفق في سبيل علاجها كل مدخراته ولم يعد له سوي معاشه الذي يكفيه بالكاد. ولأن بدر توفيق احد الشعراء النبلاء فلم يطلب مساعدة من احد. لكنه طاف علي الاطباء والمستشفيات ولجأ الي كبار المتخصصين في المخ والاعصاب ومنهم د. سمير الملا. ود. أحمد درويش ود. احمد عبدالبر. واكتشف الاطباء ان الادوية التي تناولها اثرت بشكل كبير علي الكلي والكبد وان حالته الصحية تتطلب علاجا متواصلا وفي مستشفي كبير. وقد اصبح ذلك فوق طاقة الرجل. عامان بكاملهما يصارع الشاعر والمقاتل بدر توفيق المرض وحيدا في عزلته الاجبارية دون ان تسأل عنه اي جهة. ولأن شاعرا بهذا الحجم ومقاتلا باسلا له كامل الحق في ان ترعاه الدولة وتهتم به فإن المطلوب ليس اكثر من ادخاله مستشفي عسكري كبير. وأظن ان المشير عبدالفتاح السيسي النائب الاول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والانتاج الحربي وتقديراً منه لمكانة بدر توفيق كشاعر وتاريخه كمقاتل في صفوف الجيش المصري لن يتأخر عن اصدار قراره بعلاج الرجل في احد مستشفيات القوات المسلحة.. فوضعه الحالي لايليق بمكانته وتاريخه ولايليق بمصر الدولة الكبري التي يجب ان تقدر أبناءها المخلصين. وربما تثير حالة هذا الشاعر الكبير قضية علاج المبدعين وانشاء صندوق خاص بهذا الامر. وسبق لوزير الثقافة د. محمد صابر عرب ان اعلن عن نية الوزارة انشاء هذا الصندوق لكن شيئا من ذلك لم يتم ولاندري لماذا. هناك عشرات وربما مئات من المبدعين يعانون امراضا عديدة ولايجدون حق الدواء مع ان ابسط حقوقهم علي الدولة ان تعالجهم علي نفقتها وبالشكل اللائق بهم كتعبير عن امتنان الدولة لما قدموه. وتعبير كذلك عن تقديرها للابداع ودوره في تطوير وعي المواطنين والنهوض بالدولة.. الدول المحترمة تحترم مبدعيها ولاتتركهم هكذا نهبا للامراض دون ان تمد لهم يد الرعاية.