تعجب الجميع من فيضان المظاهرات وبراكين الغضب التي تفجرت في كل مكان ولم يستطع أحد اخمادها وكان التفسير المنطقي أنها فرصه الثورة التي يريد الجميع ان يغتنمها وما لم يؤخذ فيها لن يدرك بعدها. ولكن ما لفت الانظار أنها لم تكن فقط مطالب فئوية ولكن كان الشعار السائد فيها "مش هنمشي هو يمشي" الكل يريد ان يطرد من جثم علي صدره وأهدر حقه سنوات وهو ما يفسر أن كل المشاركين في تلك المظاهرات كانوا من صغار الموظفين أو مرؤسين بفئاتهم المختلفة لم نسمع عن احتجاجات لقيادات الأمر الذي يؤكد أن السبب الرئيسي لفيضان الكؤوس هو سوء القيادة في معظم الجهات والجدران الفولاذية التي صنعها كل رئيس بينه وبين العاملين معه. فقد أصبح داخل كل هيئة العديد من مرضي الكرسي ومدمني السلطة والتسلط صار مرضهم مزمنا بطول البقاء في مواقعهم وبات هذا الكرسي ميراثا شرعيا لهم ليس من حق أحد ان يأخذه منهم بل أن بعضهم اعتقد أنه ورث معه العاملون تحت يده فيقاسمهم إمتيازاتهم ويسد عليهم أي منفذ يجعلهم يفلتون من قبضته وفي سبيل ذلك يستحل فعل أي شيء. الغريب أن هذه الفئة تري أنها دائما علي حق وترفض بشده أي رأي يناقضها أو حتي ينصحها وهذا هو عمي البصيره والنرجسية الزائفة ولا تستقيم قياده مع هاتين الصفتين لذلك صبغت التقليدية والبلاده في الأداء كل شيء حولنا تقريبا لأنهم لم يعد لديهم جديد يقدمونه بل ويحرصون علي وأد أي ابداع يلوح في الافق من الاخرين. ليست هذه دعوه للتمرد أو نكران جميل الكبار بل علي العكس إنها دعوه لتصحيح الأوضاع فلكل دوره الذي يجب أن يحترم ولكل مرحلة عمريه المهام التي تناسبها وخبره الكبار تثقل ابداع الشباب وتحد من حماسه الجارف وتقلل من وقوعه في الأخطاء. فلابد أن يعي الجميع أنه لا يوجد مكانا حكرا علي أحد وأن القيادة فن ومواصفات عديده تحدثت عنها الكتب وحددتها الدراسات الاجتماعية والنفسية. وعليه يجب أن يعاد النظر في اسس الترقي فلا تكون بناء علي سنوات الخدمة فقط لأنها قد تكون باهته تفتقد للعطاء فلابد أن يؤخذ في الاعتبار الكفاءة والذكاء الاجتماعي والسلامه النفسية ولا تعتمد ايضا علي الدورات التدريبية فقط لأنها لا تغير طباع ولا تبني شخصية الا اذا كان لديها الاستعداد اللازم. فهناك من يدرك أن القياده رسالة ويعي أن .. "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" وأن يد الله مع الجماعة فيلتف حوله الجميع ويعطوا أعلي مستوي انتاج برضي وحب وتفان. وهناك من يظن أن القياده تحكم واوامر وتكشيره وصوت مرتفع فينفر مرؤسيه ويدعوهم للتكاسل والتمارض والاجازات يدون عذر لأنهم كرهوا العمل بسببه.. فاذا كنا نقضي نصف وقتنا في العمل لماذا لا يسوده الحب والتعاون بما يفجر الطاقات والابداعات ويحولنا من بلد مستهلك الي آخر منتج وهذا لن يتحقق الا إذا وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.