قالوا إن هذه الظاهرة شيء طبيعي بعد قيام الثورات الشعبية .. وأنها سرعان ما تختفي وتنحسر ويسود الاستقرار ويعود كل شيء إلي وضعه الطبيعي. الظاهرة هي الانفلات المجتمعي ولا أقول الانفلات الأمني فقط.. فما يحدث في مصر الآن يجعل ثورة 25 يناير تفقد بريقها شيئاً فشيئاً. ويحل اليأس محل الأمل في نفوس الشعب.. وأخشي ان يأتي يوم لا قدر الله نندم فيه علي نجاح هذه الثورة التي تعتبر أنصع ثورة في تاريخ العالم كله. ويشمت فينا كل الفاسدين الذين طالتهم يد العدالة الثورية!! هل نحن شعب لا نستحق الحرية كما يردد البعض من أصحاب الفكر المنحرف؟! هل نحن شعب لا ينفع فينا إلا حكم الحديد والنار؟! هل نحن شعب منفلت بطبعه نخاف ولا نختشي؟! هل أصبح الخروج علي القانون ودهسه بالأقدام أحد سمات شخصيتنا؟! وهل هذه الصفات الانحرافية نيتجة طبيعية لشعب حرم من الديمقراطية علي مدي أكثر من 60 عاماً.. فكان هذا هو رد الفعل الطبيعي لهذا الحرمان؟! غاب دور الشرطة ولم يعد بعد انهيارها أثناء الثورة .. وحتي من عاد منهم تغلب عليه روح السلبية واللامبالاة مثلما كان دورها غائباً قبل الثورة بالنسبة لتأمين المجتمع وحماية أمنه. بعد ان ركزت كل مهامها في حماية أمن النظام .. والجيش حتي لو أراد لا يستطيع أن يتواجد في كل شوارع المدن والأماكن النائية ليحميها ويحمي المواطنين العزل من البلطجة والعنف. الشرطة لم تستطع حماية نفسها في قسم الساحل بشبرا فهاجمه البلطجية وأطلقوا سراح 80 محتجزاً رهن التحقيق!! ناهيك عن السرقات المتنوعة وقطع الطرق. والمطالب الفئوية "السخيفة" التي انتشرت في كل مكان وانتقلت كالفيروس المعدي من جهة إلي أخري!! كيف تسيِّر حكومة الدكتور عصام شرف أمور الدولة وتنهض باقتصادها المنهار وسط هذا السيل العارم من الانفلات المجتمعي؟! المؤسسات والشركات والهيئات تعاني الأمرين في توفير الرواتب الشهرية للعاملين فيها .. فكيف نطالب برفع الحد الأدني للأجور في الوقت الذي نجد فيه الأجور نفسها غير متوفرة؟! غضب الكثيرون وهاجت الدنيا لاصدار قانون بمنع المظاهرات التخريبية وقالوا كيف نمنع حق التظاهر وهو حق طبيعي للشعوب؟! فهل هؤلاء بحق يحرصون علي مصر؟! أم أنهم يريدون ان تدمر مصر نفسها بنفسها وبأيدي أبنائها؟! قد يعتبرني البعض مناهضاً للثورة وضد الحريات العامة إذا طالبت بفرض الأحكام العسكرية لفترة محددة لا تزيد مثلاً علي ثلاثة أشهر يتم خلالها ضبط إيقاع العمل الوطني الثوري وتطهيره من الأمراض الوبائية التي تكاد تفتك به وأقصد بها الفوضي والانفلات التي كدرت علينا حياتنا وتهدد مستقبلنا ومستقبل أجيالنا. وإذا كان جهاز الشرطة بوضعه الحالي لا يستطيع القبض علي زمام الأمور. فما المانع من تشكيل جيش شعبي يحمي الجبهة الداخلية من البلطجية علي غرار الجيش الشعبي الذي يتم تشكيله أثناء الحرب مع العدو؟! لدينا شباب نستطيع ان نجند عشرات الآلاف منهم خلال شهر واحد وندربهم ونوكل إليهم مهمة الحفاظ علي الجبهة الداخلية حتي يسترد جهاز الشرطة عافيته ويخلع رداء اليأس ويتفرغ لحماية المواطنين لا حماية الحكام. *** آخر المقال: قال شاعر قديم: * فقسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقس أحياناً علي من يرحم