* يسأل محمد عبدالحليم تاجر مصوغات: ما أثر الذنوب والمعاصي علي المسلم؟! ** يجيب الشيخ جابر طايع وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة: يجب علي كل مسلم ان يبتعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها فإن للمعاصي آثارا سيئة منها: "حرمان العلم. فإن العلم نور يقذفه الله في القلب. والمعصية تطفيء ذلك النور. ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأي من وفور فطنته. وتوقد ذكائه. وكمال فهمه. فقال: إني أري الله قد ألقي علي قلبك نوراً. فلا تطفئه بظلمة المعصية. * حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه ابن ماجة وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه. * وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه. وبينه وبين الناس. قال بعض السلف: إني لأعصي الله. فأري ذلك في خلق دابتي وامرأتي. * تعسير أموره عليه. فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه. وهذا كما ان من اتقي الله جعل له من أمره يسرا. * ان العاصي يجد ظلمة في قلبه. يحس بها كما يحس بظلمة الليل. فتصير المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره. فإ الطاعة نور. والمعصية ظلمة. وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتي يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر. كأعمي خرج في ظلمة الليل يمشي وحده. وتقوي هذه الظلمة حتي تظهر في العين. ثم تقوي حتي تعلو الوجه. وتصير سواداً يراه كل أحد. قال عبدالله بن عباس: "إن للحسنة ضياء في الوجه. ونوراً في القلب. وسعة في الرزق. وقوة في البدن. ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه. وظلمة في القلب. ووهناً في البدن. ونقصاً في الرزق. وبغضة في قلوب الخلق". * حرمان الطاعة. فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا ان يصد عن طاعة تكون بدله. وتقطع طرق طاعة أخري. فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة ثم رابعة وهلم جرا. فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة. كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها. وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضاً طويلاً منعه من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان. * ان المعاصي تزرع أمثالها. ويولد بعضها بعضاً. حتي يعز علي العبد مفارقتها والخروج منها. * ان المعاصي تضعف القلب عن ارادته. فتقوي إرادة المعصية. وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلي ان تنسخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية.. فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير. وقلبه معقود بالمعصية. مصر عليها. عازم علي مواقعتها متي أمكنه. وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلي الهلاك. * أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة. لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له. ولا كلامهم فيه. وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة. حتي يفتخر أحدهم بالمعصية. ويحدث بها من لم يعلم انه عملها. فيقول: يا فلان. عملت كذا وكذا. وهذا الضرب من الناس لا يعافون. ويسد عليهم طريق التوبة وتغلق عنهم أبوابها في الغالب. كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: "كل أمتي معافي إلا المجاهرون. وان من المجاهرة: ان يستر الله العبد ثم يصبح يفضح نفسه ويقول: "يا فلان عملت يوم كذا.. كذا وكذا. فيهتك نفسه وفد بات يستره ربه" رواه البخاري ومسلم. * ان الذنوب إذا تكاثرت طبع علي قلب صاحبها. فكان من الغافلين. كما قال بعض السلف في قوله تعالي: "كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون" قال: هو الذنب بعد الذنب. وأصل هذا ان القلب يصدأ من المعصية. فإذا زادت غلب الصدأ حتي يصير رانا. ثم يغلب حتي يصير طبعاً وقفلاً وختماً. فيصير القلب في غشاوة وغلاف. فإذا حصل له ذلك بعد الهدي والبصيرة انتكس فصار أعلاه أسفله. فحينئذ يتولاه الشيطان ويسوقه حيث أراد. ولذا فإنه لا يمكن إغفال أثر الذنوب علي المسلم فيجب الاجتهاد في التخلص منها لكسب رضا الله.