أرجو أن تسارع شقيقتنا دولة الإماراتالمتحدة بتوجيه دعوة رسمية إلي رئيس وزرائنا د.عصام شرف لزيارتها في إطار جولته الخليجية الحالية وقطع الطريق علي محاولات الوقيعة وافتعال الأزمات بين البلدين والشعبين الشقيقين. وأرجو أن يقبل د.عصام شرف الدعوة.. ويأخذها ببساطة وسماحة المصريين حتي يتسني له مناقشة المشكلات والتخوفات التي طرأت علي علاقة مصر والإمارات.. وآخرها مشكلة تأشيرات المصريين العاملين أو المقيمين هناك والتي يجب ان تحل وفقا للقواعد والأعراف المعمول بها بين الدولتين. والمطلوب بالطبع ليس الزيارة في حد ذاتها وإنما توجيه رسالة حب لأشقائنا في الإمارات بأننا لا يمكن ان ننفصل عنهم.. ولا غني لأحدنا عن الآخر وان مشاكل الأشقاء تعالج بالحوار الصريح وليس بالضغط. ليس هذا وقت الضغط علي مصر وليست مصر بالدولة التي تقبل بالضغط علي أعصابها.. سياسيا أو ماليا.. كانت كذلك في السابق قبل ان يصيبها الهزال المباركي.. وسوف تستمر إن شاء الله عزيزة مرفوعة الرأس. يجب ان تصل رسالتنا واضحة جلية صريحة عبر د.عصام شرف إلي إخواننا في الإمارات بأننا نحبهم ونحترم إرادتهم.. ونثق تماما ان أمننا القومي من أمنهم واستقرارهم وسلامة أوطانهم ولا نريد ان تصاب العلاقات الوثيقة بين الشعبين بما يعكر صفوها.. ويترك علي صفحتها البيضاء الناصعة بقعاً سوداء. الشعب المصري صادق في مشاعره.. وفي حرصه علي علاقات الاخوة والمودة التي تربطه بشعب الإمارات لكن الأخبار التي تأتي من هناك في هذه المرحلة تصيبنا بغصة في الحلق.. ولا نريد لهذه الغصة ان تزداد وتنتشر وتترك فينا أثرا سيئا يصعب علاجه. إن مصر اليوم تمر بمرحلة انتقالية استثنائية تحاول استطلاع الأفق لتعيد صياغة حياتها ومنهجها وعلاقاتها مع الآخرين بالشكل التي تراه مناسبا.. وهذا حقها تماما مثلما هو حق لكل الشعوب لكن هذه المرحلة الاستثنائية لا تعني أبدا ان مصر ضعيفة أو مريضة أو في حاجة إلي مساعدة من أحد.. مصر هي هي.. ستظل القوية القادرة المعطاءة. مصر لم تهن ولن تهون.. ولن تحني هامتها مهما عانت.. ولن تصغر مهما ألم بها فكم تعرضت لكبوات وخرجت منها أقوي مما كانت عليه ولن يمر وقت طويل حتي تعود مصر الدولة الأغني والأجمل.. الدولة النموذج التي تعطي ولا تأخذ.. وتمنح ولا تسأل. إن ما يتردد عن غضب أو تحفظ دولة الإمارات أو أية دولة أخري بشأن محاكمة الرئيس السابق مبارك أو بشأن عودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع إيران يمثل إساءة بالغة للشعب المصري ووصاية غير مقبولة نهائيا علي إرادته وقراره. وليس مقبولا ان يستخدم سلاح التأشيرات للضغط علي مصر أو ان يستخدم العاملون في الإمارات أو أية دولة أخري وسيلة لإحراج مصر وإذلالها أو تهديدها أو الانتقام منها والكيد لها. ويخطئ من يتصور ان المصريين سوف يتضورون جوعا إذا عادوا إلي بلدهم.. كلا.. فالأرزاق بيد الله وحده والمصري بعد الثورة استرد كبرياءه ولن يتنازل عنها ولن يقبل بأية إهانة توجه إليه حتي ولو كانت من الشقيق. من حق الإخوة علينا ان نتحاور ونتشاور حول سياستنا القائمة والمستقبلية وان ننسق معا لما فيه مصلحتنا المشتركة ومن الواجب ان نطمئنهم صادقين بأن عودة علاقاتنا مع إيران لا تعني أبدا القبول بأي ضرر لعلاقاتنا معهم التي لها الأولوية القصوي. علي الجانب الآخر لا يرضي اخوتنا ان تكون مصر وحدها من بين كل الدول العربية والإسلامية التي تقطع علاقاتها مع إيران وان تكون وحدها مع أمريكا وإسرائيل التي تقطع علاقاتها مع إيران علي مستوي دول العالم طبقا لما ذكره وزير خارجيتنا د.نبيل العربي. الإمارات لها علاقات تجارية ودبلوماسية وثيقة جدا مع إيران والسعودية وكل دول الخليج لها علاقات دبلوماسية مع إيران فلماذا تظل مصر بعيدة ومنبوذة إلي جانب إسرائيل وأمريكا؟! ثم.. من الواجب ان نطمئن اخوتنا أيضا بأن لدينا من القوانين المتحضرة والأعراف المستقرة ما يضمن محاكمة عادلة ومنصفة للرئيس السابق ليس محاكمة سياسية أو محاكمة استثنائية أو عسكرية. ومبارك حتي الآن متهم تدور حوله شكوك وشبهات.. والقانون يقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته.. ولن تكون هناك عقوبة له أو لأحد من أبنائه وأتباعه ورموز حكمه إلا بالقضاء. مصر -يا إخوتنا- دولة القانون والعزة والكرامة.. ودولة العطاء دون مقابل.. لا خوف منها ولا خوف عليها إلي يوم الدين.