بعد 20 عاماً من إلغائها عقب صدور قانون تحرير التجارة العالمية عام 1993 تعود الدورة الزراعية الموسم الشتوي المقبل وترتيب زراعة المحاصيل بحيث لا يزرع المحصول بشكل متعاقب بل يعاد زراعته بعد عامين أو ثلاثة من تاريخ زراعته الأولي. يؤكد خبراء الزراعة أن عودة الدورة الزراعية الطريق الأمثل لزيادة إنتاجية الفدان والمحافظة علي التربة الزراعية والقضاء علي الحشرات والأمراض التي تصيب المحاصيل.. وربما تكون خطوة نحو الاكتفاء الذاتي من القمح والقطن . كما تساعد علي زراعة المحاصيل المهمة وتوفير كميات كبيرة من مياه الري. في نفس الوقت رحب المزارعون بها ولكن مع تحديد سعر عادل لكل محصول وضمان تسويقه من قبل الدولة وتوفير مستلزمات الإنتاج بعيداً عن السوق السوداء. بينما يري البعض صعوبة تطبيقها نظراً لتفتت الحيازة الزراعية وضعف شبكة الصرف للأراضي. يتساءل المزارعون كيف نعود لزراعة القطن مع فشل الدولة في تسويقه من قبل وإقدامها علي بيع معظم المحالج وتحويلها لعمارات سكنية. وأيضاً تركها لنصف إنتاج القمح هذا العام لدي الفلاحين لعدم وجود صوامع لتخزينه..! طالبوا بالتأني والدراسة الجيدة قبل تطبيقها حتي لا يرفضها الفلاح المصري. * يقول الدكتور عبدالسلام جمعة الأستاذ بمركز البحوث الزراعية ان العودة لنظام الدورة الزراعية سيؤدي لزيادة إنتاجية المحاصيل ذات الأهمية الاستراتيجية لمصر ولكن عند التنفيذ لابد أن تكون هناك إدارة جيدة تراعي احتياجات مصر ونقسم المحاصيل الزراعية بشكل عادل بين المناطق والمحافظات. * ويؤكد الدكتور عبدالسلام جمعة أن الدورة الثلاثية هي الأفضل عن الدورة الثنائية لأن المحصول لايزرع في نفس قطعة الأرض قبل 3 سنوات وهذا يؤدي لمقاومته للإصابة بالأمراض مع عدم توطنها في التربة خصوصاً مرض العفن البني في البطاطس والبصل. يشير إلي أن من مميزات الدورة الزراعية التحكم في مساحات الأرض المنزرعة لكل محصول ولا تعطي لفرصة بأن يجور أحد المحاصيل علي الآخر مثلما يتم بين القمح والبرسيم فدائماً مساحات البرسيم تزيد علي المساحة المخصصة لزراعة القمح ولابد أن تقسم بحيث نزرع 3 ملايين فدان قمحاً ومثلها "برسيم" بالتبادل. يوضح الدكتور طاهر فريد أستاذ قسم المحاصيل الزراعية بجامعة عين شمس أنه في حالة إعادة الدورة الزراعية لتطبيقها من جديد فلابد من عودة القطن المصري مرة أخري ليستعيد عرشه العالمي الذي فقده بفعل فاعل..؟ فقد كان القطن المحصول الرئيسي لدي الفلاح وأيضاً الدولة. * ويضيف: من الممكن أيضاً الاتساع في زراعة المحاصيل الأخري المهمة مثل القمح الذي نعتمد علي استيراد معظمه من الخارج لسد العجز. * يؤكد: أنه لابد من ضمان سعر عادل للفلاح حتي يرتضي بتطبيق الدورة خصوصاً للقطن والقمح وتحديده مسبقاً حتي يطمئن لأنه في النهاية هو العنصر الأهم لعودة الدورة فهو المنفذ لها. ** يوضح الدكتور نادر نورالدين أستاذ الزراعة وخبير بورصات الغذاء والحبوب العالمية: أن إلغاء الدورة الزراعية عقب صدور قانون تحرير التجارة العالمية عام 1993 كان ضاراً بالزراعة المصرية حيث أقبل الفلاح علي زراعة المحاصيل التي يكون لها مردود مادي عليه بصرف النظر عن أهميتها وأدي هذا إلي استنزاف التربة الزراعية لإعادة زراعة المحاصيل بها بشكل متعاقب. يري أنه لابد من تفضيل محاصيل الحبوب التي يستخدمها المصريون في الدورة الزراعية مثل القمح والاهتمام بالمحاصيل المهمة لغذاء الإنسان والتي توفر كميات كبيرة من المياه والتقليل من المحاصيل ذات الأوراق العريضة التي تستخدم كميات كبيرة من المياه مثل الموز والبنجر وقصب السكر. * يقول محمد صبري الشربيني نقيب الفلاحين بمحافظة الدقهلية: إن الدورة الزراعية الأمل الوحيد لإصلاح الزراعة المصرية.. ولكن لابد من دراسة جيدة حتي يكون تطبيقها ذا مردود إيجابي علي الفلاح فنحن نفضل المحاصيل التي تحقق لنا أرباحاً لأن الزراعة دخلنا الوحيد ولذلك لابد أن تتعاقد الدولة علي المحاصيل وتحديد سعرها قبل زراعتها. يضيف: الفلاح يعاني مشاكل كثيرة ولابد من حلها قبل تطبيق نظام الدورة وعلي رأسها توفير مستلزمات الإنتاج من تقاوي صالحة وأسمدة بعيداً عن السوق السوداء وأن يكون هناك جهاز تسويقي يحدد الأسعار وتسويق المحاصيل حتي لا نجبر علي زراعة محصول ونفشل في تسويقه.. وهذا دور الدولة ووزارة الزراعة التي تركت الفلاح فريسة لتجار السوق السوداء دون تدخل وأصبحت بلا صلاحيات. * ويؤكد أن النظام السابق باع كل محالج القطن علي مستوي الجمهورية وأصبحت الآن عمارات سكنية وعند زراعته من جديد سنواجه مشكلة الحلج.. لذلك أطالب بدراسة متأنية حتي لا نفاجأ بأشياء قد تؤدي لعدم مقدرة الفلاح علي تسويق المحصول وبالتالي يرفض زراعته . ** يقول المهندس سيد عبداللطيف عضو النقابة العامة للفلاحين وعضو جمعية فلاحة البساتين: الحيازة الزراعية أصبحت صغيرة للفلاحين بعدما تفتتت إلي أقل من فدان والدورة الزراعية تحتاج مساحة كبيرة فمن الصعوبة تطبيق الدورة في ظل قلة المساحة الزراعية لكل فلاح. * يؤكد أنه علي الدولة شراء كامل المحصول من الفلاح وبالسعر المحدد مسبقاً. * ويشير إلي أن محصول القمح هذا العام كان سعر الأردب ب 400 جنيه وقامت الدولة بشراء ما يقرب من نصف الإنتاج من الفلاحين ولم تستطع شراء باقي المحصول نظراً لعدم وجود صوامع للتخزين وقام المزارعون بتسويق محصولهم بأنفسهم بأسعار أقل من أسعار الحكومة لعدم تمكنهم من تخزينه لذلك نطالب بالشفافية والمصداقية قبل تطبيق الدورة. شدَّد أحمد صبري محمد نقيب فلاحي دمياط علي ضرورة عمل شبكة صرف للأراضي لأن المياه الجوفية أصبحت تهدد الزراعات وتقلل من كفاءة التربة بشكل كبير خصوصاً للمحافظات الساحلية نظراً لتسرب مياه البحر إليها وهي مالحة الأمر الذي لا يمكن من تحديد زراعة بعينها ضمن دورة زراعية..! ** يؤكد محمد عثمان "فلاح": أن عودة الدورة في صالح الأرض والفلاح معاً حيث ترفع من إنتاجية الفدان وتحسن من صفات التربة الزراعية ولكن لابد من وجود سياسة زراعية تصحبها رؤية لإرشاد الفلاح وتوفير الأسمدة والتقاوي والمبيدات الحشرية علي أن تكون جميعها مسعرة من الدولة مع تشديد الرقابة عليها.