"ضاقت.. ولما استحكمت حلقاتها فرجت.. وكنت أظنها لا تفرج" هذه الحكمة هي خير ما توصف به الحالة النفسية المتردية التي كانت تعيشها الفنانة القديرة محسنة توفيق قبيل استقبالها مكالمة هاتفية من الفنان أشرف عبدالغفور نقيب الممثلين ليبلغها حصولها علي جائزة الدولة التقديرية. محسنة توفيق كانت قد تعرضت لكسر في ساقها اوصلها لدرجة لا يستهان بها من التشاؤم وفقدان الأمل غير أنها تحدثت "للمساء" في هذا الحوار بصوت مفعم بالتفاؤل والاقبال علي الحياة بسبب تقدير الدولة لها في هذا التوقيت بالتحديد. * ما شعورك حينما علمت بفوزك بالجائزة؟ ** هذه الجائزة ليست الأولي في حياتي ولكنها لها مذاق خاص فأنا أصغر ممثلة احصل علي وسام الفنون والعلوم من الدرجة الأولي وكنت حينها قد امضيت في التمثيل أربع سنوات فقط ثم حصلت علي جائزة افضل ممثلة في مهرجان السينما والتليفزيون وافضل ممثلة في مهرجان بغداد ومهرجان الإسكندرية. * من المؤكد ان حصولك علي الجائزة في هذا التوقيت وفي ظل الظروف الصعبة كان له مذاق خاص؟ ** بالطبع.. فنحن في مصر نعيش أجواء ثورتي 25 يناير و30 يوليو العظيمتين وكل ما اتمناه ان نستكمل كشعب ثورتنا علي خير وأن نحقق أهدافها وهذا أهم ما يشغلني في الفترة الحالية لأني شاركت في ثورة 25 يناير منذ أول ايامها وكذلك في 30 يوليو ولا اخفي عليك خبراً أن حصولي علي هذه الجائزة أعاد لي ابتسامتي وتفاؤلي بعد ان كنت وصلت لدرجة كبيرة من الحزن علي الرغم من أن طبيعة شخصيتي لا تصل إلي مرحلة التشاؤم بسهولة. * صفي لي الحالة التي انتابتك فور علمك بحصولك علي الجائزة؟ ** المبدع في أي مكان ينظر إلي أعماله وكأنه مولود عزيز عليه ويكون سعيد جداً به وتزداد سعادته عندما تقدر الناس من حوله والدولة علي وجه الخصوص هذا العمل فهو شعور غامر بالسعادة لما أصل إليه منذ أن كرمت علي مسرحية "دماء علي ملابس السهرة" كما قدمت ليالي الحلمية التي تركت بصمة في حياتي وغيرها من الأعمال. وتكمن سعادتي في حصولي علي هذه الجائزة في التوقيت الذي كنت في أمس الحاجة لأن أشعر بالسعادة والبهجة. * من أبرز الشخصيات التي حرصت علي تهنئتك بالجائزة؟ ** في البداية تحدث إليَّ الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة ولمست في نبرة صوته سعادة وفرحة عارمة فضلا عن مكالمة هاتفية هامة جداً تلقيتها من صديقتي العزيزة صافيناز كاظم التي قالت لي أنا أول واحدة قولت عليك "عبقرية" والفنان أشرف عبدالغفور نقيب الممثلين وعدد من الأهل والأصدقاء. * مما لا شك فيه أن خشبة المسرح تمثل لك عالماً خاصاً.. حدثيني عنه؟ ** من يقولون ان المسرح عمل جماعي لا يقصدون بهذه الجملة بأنه عمل يقومون به مجموعة أفراد فقط بل هو مزيج تعايشي علي قدر كبير من التناغم والتفاهم بجمع الخشبة والكواليس والنص والحركة والجمهور من أجل ذلك اشعر أن أي عمل أقوم به مولودي الخاص فما بالك بحب الأم لمولودها وسعادة هذه الأم تزداد يوماً بعد يوم عندما تجد من حولها ينظر إلي هذا المولود بعين الاعجاب. * ما صحة اعتزالك عن التمثيل؟ ** هذا الكلام غير صحيح فأنا مازلت موجودة وبكامل لياقتي وما استطيع ان اقوله ان هناك خللاً في المؤسسة الفنية وراء استبعادي لأن الزمن الذي تعيش فيه محسنة توفيق وهي بكامل لياقتها ووصلت لدرجة عالية من الابداع الفني وتستطيع الوقوف علي خشبة المسرح وامام كاميرات التليفزيون والسينما ولم ولن يكون هناك عمل يخاطرون به ويعرض علي ويرون إذا كنت أقبل أم لا يكون هناك خلل واضح وهذا لأننا دخلنا في الانتاج التجاري البحت. فأنا لم اقف علي خشبة المسرح منذ 30 سنة لأنني لن أقبل الأعمال المزيفة والكاذبة. * وإذا انتقلنا إلي الدراما الرمضانية هذا العام ما تعليقك عليها وما هي أهم الأعمال التي حرصت علي متابعتها؟ ** لم أتابع هذا العام سوي مسلسل "ذات" للفنانة نيللي كريم الذي يتحدث عن فترة السبعينيات في غاية الجمال وايضا مسلسل "موجة حارة" ومسلسل "نيران صديقة" فقد لاحظت هذه المسلسلات الثلاثة أنها تقدم دراما موضوعية برؤية حديثة وشيقة مبتكرة وبطريقة قريبة جداً من الواقع. * هناك بعض الأعمال تضمنت ألفاظاً خارجة كيف نظرتي إليها؟ ** لا يمكن ان يقبل أي مشاهد لفظاً خارجاً ومفتعلاً في غير السياق الدرامي فهذه الألفاظ علي الرغم أنها ملموسة في الحياة إلا أنها لابد وأن تقدم داخل قالب فني جميل تاماً كالشخصيات الشريرة التي كان يلعبها محمود المليجي فهي شريرة ولكنها في الوقت ذاته تقدم بصورة جمالية رائعة ولاسيما وأن أي لفظ خارج عن المألوف يقبل إذا كان ضرورة فنية. * ما رأيك فيما تقدمه السينما مؤخراً؟ ** أنا لا أتابع السينما بشكل منتظم ولكن عندما تصادفني مشاهدة بعض اللقطات أسأل نفسي أين هذا المجتمع الذي يتحدث عنه الفيلم فالأفلام قديما كانت مطابقة للواقع الذي نعيشه فمعظم الأفلام التي أشاهدها الآن لا أعرف إذا كانت من الواقع أم من خيال المؤلف أم هي محاولة من صناع الفيلم لكي يقدموا شيئا مثيراً وكأنها سلعة تجارية الهدف منها الربح في المقام الأول وليست رسالة فنية. * كيف تنظرين إلي المشهد السياسي في مصر؟ ** الثورات بشكل عام تتطلب مساراً طويلاً جداً لكي تحقق أهدافها فقد انطلقنا في ثورة 25 يناير لكي تغير الثورة النظام الذي كان قائما نحتاج إلي سنين عديدة وهذا ما يميز الثورات عن الانقلاب أو الاصلاح لذلك أنا اثق تمام الثقة بأن ثورتنا سوف تكتمل مهما مرت بأزمات أو عثرات.