علي مدي أيام شهر رمضان المبارك سوف نعيش في رحاب أهل الإيمان.. نتأمل تاريخهم ومسيرتهم التي تفيض بالعطاء وتشرق الأنوار من كل جوانبها لكن في هذه السطور سوف نمضي مع الذسين آثروا حياة المسلمين وكانوا نجوما نيرة أضاءت الطريق لكل الأجيال نماذج قدمت الوجه المشرق للدين الإسلامي الحنيف ونشرت سماحة الدين الحنيف ومبادئه التي تقطر رحمة وكان الاعتدال والوسطية أهم سماتهم وقد انجدبت إليهم قلوب البشر فاقبلوا علي دين الرحمة ينضمون إليهم طواعية ليس هذا فحسب وإنما كانوا يبادرون لنشر تعاليمه التي تتسم بالعدل والمساواة. لكن في هذا الشهر سوف نمضي مع أهل الإيمان من النساء اللاتي يشكلن نصف المجتمع فهن شقائق الرجال ودعوة الحق جاءت لتخاطب سائر البشر من الرجال والنساء ولتأكد أن الذكر والأنثي سواء بسواء وقد أوضحت آيات القرآن الكريم هذه المعاني بكل وضوح ودون لبس أو غموض "من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" 97 النحل.. إذن فالجميع في معيار الإسلام سواء إذ ليس الأمر قاصرا علي الرجال وإنما الآفاق الرحبة أمام النساء قبل الرجال. وقد قصدت بهذه الكلمات الإشارة إلي تساؤل أحد الشباب الذي بادر قائلا: وهل جلائل الأعمال قاصرا علي الرجال فقط؟ وكذلك تأكيدا علي أن الله سبحانه وتعالي قد وجه للصنفين معا قال تعالي "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتان والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله والذاكرت أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما" 35 الأحزاب. وفي إطار هذه القواعد التي أرسي الإسلام معالمها سوف نمضي مع نساء سابقين الرجال في العمل الصالح ووقفن في صفوف المجاهدين من الرجال فهذه نسيبة بنت كعب كانت تدافع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بكل قوة وثبات ودون تخاذل بالإضافة إلي نماذج أخري من اللاتي استطعن النهوض ببناء الأسرة المسلمة وفي نفس الوقت شاركن الرجال في المهام الشاقة منهن من استجابت لدعوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وتحملت العناء وهاجرت مع الرجال في فجر الدعوة المحمدية إلي أرض الحبشة العفة والعفاف وقهر الصعاب من المهام الأساسية في حياتهن وقد سجل القرآن الكريم مواقف بعض هؤلاء النساء عندما شعرت إحداهن بأن أسرتها تتعرض للخطر حينما أقسم عليها زوجها يمينا غير مسبوق في هذه الآونة فذهبت إلي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم تستفسر عن موقفها فلم يقل لها سوي "إنك حرمت عليه". قدمت هذه السيدة لوعتها أمام رسول الله صلي الله عليه وسلم مشيرة إلي حرصها وخوفها علي ابنائها قائلة يا رسول الله: إن لي منه صبية صغارا إن ضممتهم إلي جاعوا وإن ضممتهم إليه ضاعوا" ثم انصرفت وهي تشكو إلي الله لوعتها وحسرتها وقد حكي القرآن أن هذا الموقف الرائع لهذه السيدة الرائعة "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" السيدة التي سمع الله صوتها من فوق سبع سماوات هي خولة بنت ثعلبة. وسوف نستعرض سيرتها مع شقيقاتها من هؤلاء النسوة التي ضربت أروع الأمثلة في العمل وبذل أقصي الجهد وكانت شجاعتهن وإيمانهن مضرب الأمثال.. نضع هذه المسيرة أمام أجيال هذه الأيام من الشباب والفتيات ليتعرفوا علي قيم الإسلام وسماحته وكيف استقرت في قلوب هولاء السيدات وبكل الحب استطعن إثراء حياة الأمة وبناء أجيال علي أساس من القيم والأخلاق "إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد".