كثرت في الآونة الأخيرة الشائعات والدعايات التي يتم ترويجها حول أداء المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وهي شائعات ودعايات مغرضة لا هدف لها إلا الوقيعة بين الجيش والشعب.. وإحداث فتنة كبري في البلاد. وقد كان شباب الثورة أكثر وعياً منذ اللحظة الأولي لانطلاق شرارة التغيير عندما هتف: "الجيش والشعب إيد واحدة" .. ورد الجيش هذه التحية بأحسن منها عندما أعلن انحيازه -منذ اللحظة الأولي أيضاً- للثورة ولمطالبها المشروعة.. وبسبب هذا الانحياز سجلت الثورة نجاحها المبهر.. ولم ترق فيها بحور الدماء مثلما يحدث في دول شقيقة عجزت قواتها المسلحة عن الانحياز لشعوبها.. ولذلك وصفت ثورتنا بأنها بيضاء. ومنذ يوم 12 فبراير وحتي الآن تحمل المجلس الأعلي للقوات المسلحة مسئولية إدارة شئون البلاد بإخلاص ونزاهة .. استلهم رغبة التغيير والتطهير واتخذ خطوات تاريخية نحو البناء الديمقراطي كانت تداعب أحلامنا.. ففتح الطريق نحو التعددية السياسية الحقيقية وأجري تعديلات دستورية تناسب المرحلة الانتقالية .. وتضع الأساس لنظام سياسي جديد يكون رئيس الجمهورية فيه منتخباً لأربع سنوات فقط.. ولمدة أو مدتين فقط.. وتكون الانتخابات تحت الإشراف القضائي الكامل .. ويكون تشكيل الأحزاب بمجرد الإخطار.. والإعداد لوضع دستور جديد يتم عرضه علي الشعب في استفتاء خلال فترة زمنية محددة. وفي هذه المرحلة الانتقالية أجري أول استفتاء شعبي علي التعديلات الدستورية بحرية كاملة ونزاهة كاملة.. وكان بمثابة "بروفة" لما ستكون عليه الانتخابات والاستفتاءات القادمة . وتزامن مع هذه الإنجازات إحالة كل من تحوم حوله الشبهات إلي القضاء لمحاكمته.. ابتداءً من رأس النظام الساقط وأسرته وحاشيته ورموز حكمه وانتهاء بكل فاسد يتحسس رقبته الآن ويعلم علم اليقين أنه لن يفلت من المحاسبة والمحاكمة .. حتي يستعيد الشعب أمواله وحقوقه المنهوبة. وعلي مدي حوالي شهرين أدركنا معاً كم هي ثقيلة تركة الفساد التي خلفها النظام السابق.. وكم هي صعبة مسئولية القيادة التي يتحملها المجلس الأعلي للقوات المسلحة .. خصوصاً أن هذه المسئولية ارتبطت بمسئولية أخلاقية ووطنية تحملها القادة العسكريون بشرف لتنفيذ طموحات وآمال الشعب والثورة.. وهي طموحات وآمال بلا سقف.. والكل يتطلع إليها اليوم قبل الغد.. دون أن يضع في حسبانه أن هذه مرحلة انتقالية.. يتم فيها إصلاح مؤسسات الدولة حتي تنهض وتمارس دورها علي أسس صحيحة. ورغم كل هذه الأعباء والضغوط تعرض أداء المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي حملات من الانتقاد والتشكيك .. وشاركت في الحملات صحف الإثارة وبعض الأصوات المنفلتة علي الانترنت. قالت القوي المضادة في دعايتها المغرضة: إن إجراءات الجيش الإصلاحية بطيئة.. وان هناك اتفاقاً بين الجيش والإخوان علي حساب شباب الثورة.. بالإضافة إلي وجود رغبة في إنقاذ الرئيس السابق من المحاكمة وتجريم المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية.. وهذا كله إفك وتضليل . يجب أن يتذكر الجميع أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة أكد مراراً وتكراراً أن ولاءه للوطن والشعب ولن يجامل أحداً علي حساب مصر.. وأن رجاله زاهدون في السلطة ولا يبحثون عن دعاية أو شهرة.. وأنهم يعملون بكل جد وإخلاص لتحقيق أهداف الثورة بحكمة.. وقراراتهم ليست متسرعة حتي لا تضر بالمواطن.. وأنهم يسعون لإرساء دعائم الدولة المدنية التي تقوم علي الديمقراطية والحرية والعدالة.. وسوف يسلمون سلطة البلاد بعد انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ودستور جديد.. ولن يكون لهم مرشح في الانتخابات.. وإنما سيدعمون من ينتخبه الشعب.