لأن الدول حضارات والحضارة تعني الموروث من الثقافة. فقد حاولت إسرائيل - منذ إنشائها - أن تشكل حضارة ليست قائمة ولا متواصلة تاريخياً. فلجأت إلي الحضارة العربية تحاول أن تنسبها إلي نفسها: التاريخ والتراث الفني والإبداعي والأزياء وغيرها من خصائص الشعب العربي في تلك المنطقة التي يحيا فيها منذ آلاف السنين.. ذلك كله حاولت أن تدعيه لنفسها. وتقدمه للعالم باعتباره تراثها الخاص.. وتعرف العالم إلي أزياء لبنانية. ورقصات سورية. وأغنيات مصرية الخ.. أقدمت إسرائيل علي تقديمها في أنحاء العالم باعتبارها تراثها الخاص. المؤكد - كما يقول عبدالمنعم الحفني - أن العبرية لهجة عربية. لكنها لهجة لم يقيض لها الانتشار والتطور.. ادعي اليهود أن العبرية أصل العربية. مع أن المفردات في العبرية لا تزيد علي الستة آلاف.. وكان العبرانيون المتحدثون بالعبرية مجرد قبائل من البدو الرحل. يسعون وراء الماء والكلأ والقول بأن العبرانيين هم القوم الذين عبروا الفرات أو الأردن. ادعاء تنقصه الحقيقة. فالنهران يعبرهما أعداد هائلة من البشر. ليسوا جميعا من العبرانيين العبرانيون تسمية تطلق علي بعض قبائل الرحل. وكانت العبرية لغة محكية. ومرتبطة بالتراث الديني اليهودي. بل إن الكثير من الكتابات الدينية لأحبار اليهود وعلمائهم في مصر. كتبت باللغة العربية. حتي شروح التوراة. والتعليق علي التلمود. استخدم اليهود اللغة العربية. كما كتبت وثائق الجنيزة اليهودية بالعربية في حروف عبرية. حتي الإهرامات زعمت أن الإسرائيليين بنوها زمن الفراعنة. ولعلنا نذكر كلمات بيجين المتبجحة في الاسماعيلية حول تلك الفرية. في أعقاب توقيع معاهدة كامب ديفيد. طالت وقفتي أمام المعابد المصرية القديمة. المتطابقة لما تبشر به وتنذ الأديان السماوية: الموت والبعث والحساب والصراط والميزان والجنة والنار.. ذلك كله ينتسب إلي العقلية الدينية المصرية القديمة. وتاريخيا فإن المعابد اليهودية الحالية.. والمذابح بداخلها. مأخوذة عن المعابد والمذابح الفرعونية. والفارق ان هيكل أورشليم كان يخلو من الأصنام. وإن نصب اليهود أصناماً في فترات متقطعة من التاريخ. في معابدهم خارج معبد أورشليم. وأن الملابس الدينية اليهودية ونظام الكهنوت اليهودي يكاد ان يكون صورة متطابقة للملابس الكهنوتية ونظام الكهنوت الفرعوني. والمقارنة تمتد فتشمل أمورا أخري كثيرة في النظم الدينية والطقوس وطرق المعيشة والتشريع الثقافي اليهودي. يتوضح فيها جميعا ما اقتبسته من المؤثرات المصرية. بالاضافة إلي ذلك. فقد نسبت إسرائيل إلي نفسها كل التراث الفلسطيني: رقصة الدكة. الأطعمة الشرقية الشهيرة مثل الفول والفلافل والتبولة والشاورمة وغيرها. وضمنوا لغتهم العبرية الكثير من مفردات اللغة العربية. وإذا كان الكثير من الدراسات العربية قد عني بأوجه التشابه. أو التماثل. في الموروث الشعبي بين الأقطار العربية. فإن الدراسات الصهيونية حاولت - بتعمد - إزالة الحدود تماماً وخلط الحابل بالنابل.و بحيث يصبح التراث الموروث العربي جزءا من تراث إسرائيل. والعكس ليس صحيحاً.