سقوط جاسوس مصري جديد لإسرائيل.. لم يكن مفاجئاً.. ويقيني انه لن يكون الأخير.. فالسلسلة التي بدأت عقب حرب 1948 ستظل ممتدة. وضعاف النفوس لن ينتهوا أبداً ما دامت هناك حياة. للأسف.. ان هؤلاء الخونة لا يتعلمون من دروس سابقيهم.. فرغم توالي السقوط المدوي مازال هناك من يصدقون تخاريف الموساد باستحالة كشفهم وانهم يعملون مع أقوي وأخطر جهاز مخابرات علي وجه الأرض. عندما انطلقت ثورة يناير واكتظت الشوارع والميادين بالثوار واختلط الحابل بالنابل.. وجدتها إسرائيل فرصة جاءتها علي طبق من ذهب لتمزيق أوصال الوطن وإحداث أفدح الاضرار به.. استخدمت كل أوراقها القذرة ومنها إرسال جواسيسها من أمثال إيلان جرابيل وتجنيد مصريين ماتت ضمائرهم وفسدت وقست قلوبهم للاضرار بالمصالح العليا للبلاد. في ذلك الوقت - وكنت رئيساً للتحرير - كتبت أكثر من مقال من واقع مشاهداتي الشخصية وما توصل إليه المحررون وقلت ان ميدان التحرير تحول إلي "أمم متحدة" حيث يضم بين جنباته كل الأجناس وان هناك من يصور الدبابات ويرصد القوات المرابطة أمام المتحف المصري ومبني ماسبيرو وغيرهما من المواقع المهمة. واذكر أيضاً انه في الأشهر الأولي للثورة تم القبض علي الجاسوس الإسرائيلي جرابيل وتبين انه كان يندس بين المصريين لتحريضهم علي العنف وأنه كان يرتاد المساجد والمناطق الأثرية وغير ذلك.. كما تم اعتقال عدد آخر من الجواسيس الإسرائيليين والأوروبيين في منطقة القناة خاصة السويس وآخرين وهم يصورون مناطق عسكرية من فوق كوبري أكتوبر. وها هو جاسوس مصري جديد يسقط بعد ان تم تجنيده هو الآخر قبل عامين.. اعمته الأموال وارتضي علي نفسه خيانة وطنه.. فوضع يده في يد الموساد الإسرائيلي الذي دربه في الخارج والتقت عناصره به في العديد من الدول ونقل إليها معلومات مهمة.. ورغم تستره خلف شركة للاستيراد يملكها فقد رصدت مخابراتنا العامة تحركاته واسقطته ومعه مستندات خطيرة وصور ومعدات اتصال بينها أجهزة تشويش وتليفون لا يمكن تعقبه. أيها الخائن العميل.. ان الوطنية ليست لها سوق تباع فيها وتشتري. ولا تكتسب بالجنسية.. بل هي مكون رئيسي في "المواطن الشريف" مثلها مثل الخلايا وكرات الدم الحمراء والبيضاء.. ومثل النبض ودقات القلب.. ومن المؤكد ان شرايينك وقلبك ودمك تخلو تماماً من هذا المكون الأساسي. .. وللوطنية دلائل ظاهرة وباطنة لا تنفصل عن بعضها ولا تتناقض بأي حال. ان الشعب المصري - عموم شعب مصر - يحمل هموم وطنه ليل نهار.. في صحوه ومنامه وغدوه ورواحه.. لا يتحمل كلمة اساءة واحدة تجاهه من موتور ولا يقبل المساس به ولو كان المقابل كنوز قارون. لكن.. وسط هذه القاعدة العريضة والشريفة نكتشف خونة يخدعون الناس بوطنيتهم الزائفة ثم إذا خلوا إلي شياطينهم كانوا ألد الخصام.. ومع ان سقوطهم يتوالي فإنهم لا يتعلمون. نسوا الله فأنساهم أنفسهم.. نهايتهم سوداء.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. حفظ الله مصر وشعبها.. وجيشها وقضاءها.. من كل سوء.