فلافيا شو جاكسون امرأة بلجيكية لكنها بألف رجل.. أحبت الأطفال بجنون.. ولطالما شعرت بالتأثر كثيراً لمحن أطفال العالم. في عام 2001 جاءت إلي القاهرة في زيارة خاصة وهنا شعرت بالفزع من أعداد الأطفال البائسين في الشوارع وتحت الكباري بل وفي صناديق القمامة.. وظلت تفكر.. ما الذي تستطيع أن تفعله من أجل انقاذ أكبر عدد ممكن من هؤلاء الأطفال واعادة الأمل اليهم في الحياة؟! ومنذ هذه اللحظة اعلنت التحدي وقامت بسبع رحلات إلي مصر تفقدت خلالها العديد من دور الأيتام أمضت وقتا طويلاً في الأحياء الفقيرة المحيطة بالقاهرة حتي تفهم الحقيقة علي أرض والواقع ثم عادت الي بلجيكا وشرعت في اجراءات التسجيل لمنظمة غير حكومية في مصر تحت اسم "مؤسسة فيس مصر للأطفال في احتياج". خلال هذا الاسبوع شهدت القاهرة احتفالا نظمته وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة "فيس مصر" بمناسبة مرور 10 سنوات علي إنشاء هذه المنظمة. تقول فلافيا شو جاكسون التي تشغل الان منصب مسئولة العمل الاجتماعي بالأمم المتحدة بالتأكيد لم تمر الأيام بسهولة ولكن علي مدي عشرة أعوام ساعدت فرق "فيس" الكثير من الأطفال علي تغيير حياتهم وأصبحوا أشخاصا اكثر سعادة وهذا ما دفعني للاستمرار ومع الكثير من الفرق الملتزمة والدعم القوي من الحكومة المصرية لإعطاء مستقبل أفضل لأكبر عدد من الاطفال. تستطرد قائلة : لم أنس أبدا "خالد" الذي عثر عليه علي رصيف في أحد شوارع القاهرة وقد نهشته الكلاب وعلامات عض ظاهرة علي رقبته وكتفيه وكان يعاني من الجفاف المزمن وقد اعتني به فريق المؤسسة واستقبله في دار أيتام المعادي حيث مكث لمدة عامين واليوم يبلغ "خالد" التاسعة من العمر ويعيس في دار ايتام "فيس" بالعبور وهو بصحة جيدة والجميع يحبه ويقدم له ما يحتاجه من الرعاية والحب والاهتمام. الحب والمستقبل لكن ما الذي قاد هذه السيدة البلجيكية للدخول في هذه المعركة بمصر. تقول فيلافيا : لقد شعرت بالفزع إزاء المعاناة التي اضطر الأطفال الي تحملها.. وبعد عدة رحلات الي القاهرة لم استطع البقاء ساكنة أمام هذا القدر من المعاناة.. ألا يستحق هؤلاء الأطفال حياة أفضل؟ لقد قررت إنشاء "فيس مصر" في عام 2003 ومنذ ذلك الحين تمكنا من تلبية الاحتياجات المادية للاطفال اننا نقدم لهم ما هو أهم : الحب والمستقبل؟ دور الأيتام وعن الانجازات التي حققها علي مدي السنوات العشر الماضية : نقول لدينا 5 دور أيتام واكثر من 1200 طفل تلقوا الرعاية منذ عام 2003 كما اننا ندير مركز رعاية مؤقت استقبل اكثر من 33 ألف طفل شوارع كما وفرنا بيتا لاقامة 135 طفلا خلال عامين من انشائه. تستطرد قائلة : أنا أساعد هؤلاء الاطفال علي الاحتفاظ بالأمل ولن اتوقف عن القتال من أجلهم مؤكدة أنها تعتمد في تحقيق ذلك علي 140 موظفاً بالمؤسسة كلهم من المصريين. أشادت د.نجوي خليل وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية بالجهود التي تقوم بها فيلافيا ومؤسستها لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع في مصر مؤكده علي أهمية دور الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية في التصدي لمثل هذه المشاكل الاجتماعية والعمل علي الحد منها أو القضاء عليها. وفي نفس الوقت كشف عبدالحكيم حمودة وكيل وزارة الشئون الاجتماعية : عن أن الحكومة المصرية تقوم حاليا بإنشاء مدينة متكاملة علي مساحة 10 أفدنة بالقرب من مدينة 6 أكتوبر لتكون مركز ايواء لاطفال الشوارع مؤكدا أنه سيتم الانتهاء من هذه المدينة خلال ال 5 سنوات القادمة. مبادرة أولادنا يؤكد محمد رفعت مساعد وزير الرياضة : أن هناك مبادرة سيتم الاعلان عن تفاصيلها خلال الأسبوع القادم تحت اسم "أولادنا" وذلك بالتعاون مع 20 جمعية أهلية تعمل في رعاية "أطفال بلا مأوي" وتهدف الي تشجيع هؤلاء الاطفال علي ممارسة جميع الأنشطة الرياضية التي تساعد علي اندماجهم في المجتمع كأطفال أسوياء. ومن هذه الأنشطة الرياضية العاب كرة القدم والطائرة الي جانب مشاركتهم في 53 لعبة أخري. أضاف د.نصر السيد الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة : ان مشاركة مثل هذه المنظمات الأوروبية في بناء الملاجيء علي مدي عشر سنوات يساعد هؤلاء الاطفال علاوة علي تمتعهم بروح الأسرة والرعاية الاجتماعية والصحية!! أشار أن المجلس يقوم بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة لدعم هؤلاء في النواحي التعليمية والصحية وان يصبحوا اسواء داخل المجتمع بدلا من أن يمثلوا خطراً عليه. أوضح أنه توجد 4 مراكز لايواء الاطفال لكنها تحتاج الي تطوير عاجل للبنية والهياكل التطبيعية وتوفير المناخ العام للبيئة التي يعيش بها الطفل. أشار الي أهمية التعاون بين الجهات المعنية بالقضية ومنظمات المجتمع المدني للعمل علي إعادة دمج هؤلاء الاطفال مع أسرهم والحد من تفاقم هذه الظاهرة التي باتت خطراً علي المجتمع. أضاف هناك 3 أسباب رئيسية تدفع الاطفال الي اتخاذ الشارع مأوي لهم وهي الفقر والتفكك الأسري والعنف مشيرا الي ضرورة تدخل المجتمع للقضاء علي ظاهرة تدفق الاطفال الي الشارع وذلك من خلال انشاء مشروعات صغيرة تخلق فرص عمل ودخل للأسر الفقيرة والمهمشة وللأمهات المعيلات لتمكينهم اقتصاديا واجتماعياً والقضاء علي التسرب من التعليم. التقينا بعض الحاضرين في الاحتفالية تقول سلوي بكري صحفية : ظاهرة أطفال الشوارع مشكلة اجتماعية خطيرة ولابد من الوقوف علي اسباب هذه الظاهرة أولها الفقر والعنف الذي تعرض له الأطفال سواء من الأسرة نفسها أو المجتمع. أشار إلي ان الحلول المجتمعية تستطيع حل هذه المشاكل وذلك بفتح أبواب الجمعيات الأهلية لتدريب أطفال الشوارع علي الحرف اليدوية وتسويق هذه المنتجات. أضافت نور عبدالعزيز مسئولة بإحدي الجمعيات الأهلية : المناطق العشوائية بدأت تنتشر بشكل كبير.. وأصبحت بؤرة تفريغ لهؤلاء الأطفال.. ونحن الأن بصدد دخول هذه المناطق والتعرف علي اسباب هذه المشكلة من خلال ابحاث اجتماعية لمساعدة هؤلاء الاطفال. أضافت لابد من مشاركة وزارتي التربية والتعليم والصحة لايجاد فصول تعليمية من خلال الجمعيات والمجتمع المدني باشراف تلك الوزارات المعنية للنهوض "بأطفال بلا مأوي". تضيف سمية فريد محامية : هذه المشكلة تحتاج تكاتف جميع الأجهزة بالدولة ومن أهمها خلق فرص عمل لهؤلاء الاطفال والبنات من خلال المجمعات الانتاجية الكبيرة وان توفر لهم مأوي داخل هذه المجمعات ولا تكون الضيافة نهارية كما تفعل بعض المؤسسات حتي تصبح الرعاية متكاملة وبديلة للمنزل الأسري.
