بعض محافظات مصر تتمثل أزمتها الثقافية في قلة عدد مبدعيها الحقيقيين.. أما أزمة محافظة الدقهلية فهي في كثرة مبدعيها. وتنوعهم الكمي والكيفي والعمري. ابتداء من جيل الرواد الراهن الذي يمثله فؤاد حجازي ومحمد خليل وشوقي وافي وسمير بسيوني. وانتهاء بعلي عبدالعزيز وأبناء جيله الذين استقرت أقدامهم في الحياة الثقافية خلال السنوات العشر الماضية. ونظراً لهذا الثراء والتنوع: شعراء وقُصاصاً وروائيين ونقاداً من اليمين واليسار. فإن عشرات من أدباء الدقهلية يستحقون الاحتفاء بهم: تكريماً ونشراً وجوائز ورئاسة مؤتمرات.. ومهما تعددت المؤتمرات في هذه المحافظة فلن تجمع شمل كل أدبائها. ولن تتمكن من تقديمهم جميعاً. فما بالنا إذا كان نصيب المحافظة مؤتمراً واحداً كل ثلاث أو أربع سنوات ضمن مؤتمرات اقليم شرق الدلتا الثقافي؟! هذا سبب من أسباب الأزمة التي شدها مؤتمر "المهمشون في المشهد الأدبي.. رؤي معاصرة" الذي انعقد مؤخراً في المنصورة لمدة ثلاثة يام بمشاركة أدباء إقليم شرق الدلتا من الدقهلية وكفر الشيخ ودمياط والشرقية. معلناً عن تكريم نخبة من الأدباء الذين خدموا الحياة الثقافية بإخلاص علي مدي أكثر من ربع قرن. ولم ينالوا شيئاً من تكريم الوطن لهم.. وهم يمثلون سائر محافظات الإقليم كرم المؤتمر كلاً من محمد خليل ومحمد الشهاوي الذي حملت هذه الدورة اسمه وأحمد ماضي وبهية طلب ود.عيد صالح ود.بشر رفعت وصلاح والي.. وكان جديداً وطريفاً أن يحتفي بخادم مخلص للثقافة والابداع. وإن لم يكن مبدعا. هو الناشر الراحل مؤخراً محمد عيد.. رجاء تكريمه مزدوجاً. بأن يحتفي به المؤتمر. وأن يسند الحديث عنه إلي شيخ أدباء الدقهلية: فادي حجازي. ومع احتجاجات عدد من أدباء الدقهلية علي تجاهلهم. أضيف إلي التكرم عبدالفتاح الجمل الذي أصبح عنصراً مشتركاً بين مؤتمر المهمشين الذي أقامه الإقليم. واستضافته دار الضيافة التابعة لجامعة المنصورة. ومؤتمر آخر أو جلسة أخري نادي بها حسام حشيش وأقيمت علي رصيف قصر ثقافة المنصورة بعد انتهاء أحداث المؤتمر بدار الضيافة. قال حسام: إن مؤتمرهم الاحتجاجي هذا شارك فيه 42 أديباً. بعضهم كان مشاركاً في مؤتمر الإقليم. ومنهم د.أشرف حسن ومحمود الزيات والجمل بالإضافة إلي عدد آخر من الأدباء. منهم: أيمن باتع وفكري عمر وأحمد زهران وإسلام نزيه ومصطفي الطوبجي وإيهاب رضوان وفاطمة الزهراء فلا وأحمد ثروت ووائل فؤاد.. وكرم "مهمشو الرصيف" مع الجمل كلا من الراحلين أحمد عقل وشريف صقر. ومع هذا الانقسام بين أدباء الدقهلية. بدا أن هناك فريقاً آخر نأي بنفسه عن هذه الخلافات. فلم نلحظ وجوداً للدكتور رضا البهات ولا سمير بسيوني ولا شوقي وافي ولا مريم توفيق. علي سبيل المثال لا الحصر. عنوان مؤتمر الإقليم "المهمشون في المشهد الأدبي" تم تنظيمه بإشراف محمد عبدالحافظ ناصف رئيس الإقليم وحضور سعد عبدالرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة. وتولي رئاسته د.محمد حسن عبدالله وأمينه العام د.أحمد عبدالقادر الحسيني.. وامتنع المحافظ عن الحضور وعن دعمه بأي شيء!! ويبدو أنه تشاءم من تعبير "المهمشين" هذا أو ظنه مؤتمراً لأدباء الشوارع مثلاً فلم يكلف نفسه حتي عناء المشاركة في الافتتاح. وتعبير التهميش مطاط جداً ونسبي.. فهو من ناحية النظرة الإجمالية للواقع الحالي. ينطبق علي الغالبية العظمي من أدباء مصر. سواء في القاهرة أو المحافظات.. الأدباء جلهم علي هامش الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ولا ينال حقه منهم سوي خمسة أو عشرة أدباء. جمعوا الملايين. ويتصدرون كل وسائل الإعلام. ويتاجرون بكل الشعارات. ويتزلفون لكل النظم الحاكمة منذ عبدالناصر حتي الآن!! ومن ناحية أخري. وإذا نظرنا لكم الإبداع وثرائه وقيمة المبدع في ذاته. لا نري الأدباء مهمشين. بل هم وجدان هذا الوطن وقلبه الخفَّاق.. وبنظرة أضيق لفكرة التهميش هذه لا نري المشاركين في المؤتمر مهمشين. فهم معروفون في وسطهم وفي إقليمهم. وأكثرهم معروفون علي المستوي الوطني ابتداء من رئيس المؤتمر حتي المكرمين. مروراً بالباحثين. ومنهم: د.أسامة أبو طالب ومحمود عرفات وفكري داود وإيهاب الورداني وسمير الفيل والعربي عبدالوهاب ومحمود بطوش ومحمد عيسي ومحمود كحيلة وصبري قنديل وعبده الزراع وأمل جمال.. وانتهاء بمديري الجلسات: د.يسري العزب ووليد فؤاد وأحمد عبدالرازق أبو العلا ومحمد الشافعي والسعيد قنديل. فكرة المؤتمر جادة وطريفة.. وتحتاج إلي حلقات أخري لاستكمالها. وتصويب أدائها. حتي تتسق النظرية مع التطبيق!!