سادت علي مدار السنوات الماضية ثقافة خاطئة في اختيار القيادات علي كافة الأصعدة نتيجة لسيطرة المجاملات والاعتماد علي التقارير الأمنية في عملية الاختيار مما ساهم في تردي العديد من المؤسسات وبالتالي انتشار الفساد. ولأن المرحلة الجديدة التي تعيشها مصر تتطلب مناخاً مختلفاً تماماً كان لابد من طرح قضية اختيار القيادات علي العديد من مختلفي الرؤي للوصول إلي أفضل الطرق في اختيار القيادة الناجحة ولضمان عدم انحرافها عن المسار الصحيح. أكدوا أنه لابد من نشر ثقافة جديدة تتسم بالموضوعية والخبرة والكفاءة في من يتم انتخابهم حتي نضمن أن تتقدم جميع الأماكن وتختفي السلبيات العديدة التي عانينا منها لفترات طويلة. قالوا إنه من المهم أن تكون مدة القيادة معقولة وأن تكون علي فترتين بحيث يتم إبعاد القيادة التي يثبت فشلها بعد الفترة الأولي من المنصب. * المهندس أشرف بدر الدين عضو مجلس الشعب السابق عن جماعة الإخوان المسلمين يري أن الأسلوب الأمثل في اختيار القيادات علي مختلف المستويات سواء رؤساء جامعات أو عمداء أو المحافظين ورؤساء المدن ورؤساء مجالس وتحرير الصحف وكذلك الشركات والبنوك وفقاً لقواعد علم الإدارة والتنمية البشرية هو الانتخاب بواسطة العاملين في هذه الأماكن وليس كما هو متبع من سيطرة الوساطة والمحسوبية واختيار أهل الثقة علي حساب أهل الخبرة. قال إن لدينا عيباً خطيراً وهو خضوع عملية الاختيار للمناصب لما يسمي بالتقارير الأمنية وهذه كارثة في رأيي أطاحت بالكثير من الكفاءات التي لو كانت تولت العديد من المناصب لتجنبنا الكثير من الأخطاء التي وقعت وعاني منها الجميع. أوضح أن غياب الشفافية في الاختيار للمناصب المختلفة ساهم فيها يعرف بنزيف العقول حيث هاجر الكثيرين إلي الخارج مما جعلنا نعاني من ندرة شديدة في الكفاءات المصرية التي تتبوأ وتشغل أماكن هامة في الخارج. أشار إلي أن الإصلاح لهذا الوضع الخاطيء يحتم علينا البدء في تصويب هذا الخطأ بعد أن أصبح لدينا آليات ديمقراطية وقواعد ثابتة للتغيير فلا أحد محصن ضد التغيير. أوضح أن هذا التغيير في أسلوب الاختيار لابد أن يستتبعه تغييراً في فكر بقاء المسئول في منصبه حيث يجب ألا تتجاوز المدة 10 سنوات علي فترتين بأي حال من الأحوال وخلال هذه الفترة إذا ثبت أن المسئول غير جديد بالاختيار أو استغل المنصب في تحقيق مصالح شخصية علي حساب الصالح العام أو تسبب في خسائر للمكان الذي يقوده يجب تغييره فوراً حتي لا يزيد من حجم الخسائر. تطرق إلي ضرورة تفعيل دور الجمعيات العمومية في العديد من الأماكن حيث يجب أن تمارس دورها في مراقبة الأداء علي جميع المستويات وتقوم فوراً بسحب الثقة في حالة تجاوزات أو مخالفات أو إضرار بالصالح العام حتي يكون هناك إرساء لمبدأ المساءلة والمحاسبة لكل من يتلاعب أثناء وجوده في منصبه. * د.زينات طبالة مدير مركز التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومي سابقاً تري أن الانتخابات هي النظام الأفضل ويمكن أن تنجم عنها نتائج مرضية باختيار الشخص الأصلح بشرط أن يكون أعضاء الهيئة الانتخابية علي درجة من الفهم والوعي بهذه العملية ويجب ألا تخضع عملية الاختيار للأسباب الشخصية أو الذاتية ولكن معيار الاختيار إنجازات ومؤهلات الشخص وقدرته علي حل المشاكل وخبرته في مجال التخصص لأن الخبرة لا غني عنها خاصة في المناصب القيادية. استطردت قائلة يجب ألا نقع تحت حجة الخبرة في اختيار كبار السن فقط لأن هؤلاء محددين بفكر معين من الصعب تعديله لمواكبة المستجدات التي تحدث علي كل الأصعدة ويكفي أنهم علي مدار تاريخهم الطويل قدموا الكثير من العطاء. أضافت أنه بالرغم من اتباع أسلوب الانتخاب إلا أنه من الخطأ في نفس الوقت وضع كافة الصلاحيات في يد شخص واحد باعتباره القائد أو المدير بل يجب أن توزع المسئوليات والمهام علي ما يعرف بالصف الثاني حتي لا يكون الرئيس الوحيد الذي يصدر التوجيهات والتعليمات مما يؤدي إلي تهميش دور الصف الثاني وطمس شخصيتهم. أوضحت أن أساليب العمل والإدارة في مؤسساتنا تحتاج إلي تعديل فكل موظف مهما صغر مكانه الوظيفي يجب أن يكون مسئولاً عن جزء من العمل حتي نربي فيه القدرة علي القيادة فيما بعد ومن المهم أيضاً أن يكون لدينا نظام صارم للتقييم يخضع له الجميع لمعرفة سلبيات وإيجابيات كل شخص ومدي نجاحه أو فشله في حل المشاكل التي توجد في مكان العمل. تجرد وموضوعية * د.بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر قال: إن القضية ليست قضية انتخاب أو تعيين في المقام الأول ولكن تتعلق بإبداء كل شخص لرأيه بصراحة وتجرد وموضوغية لأنه بعد شهادة من خلالها يمكن أن نختار أفضل القيادات في كل المواقع ونحن في حاجة ماسة إلي تغيير ثقافة المجتمع في طريقه إبداء الرأي من أجل الوصول إلي أفضل الكفاءات التي تستطيع أن ترفع من شأن وقيمة العمل فقد سادت في الآونة الأخيرة سياسة اختيار القيادات علي أساس المجاملات والصداقة والمصالح وهو شيء ضار لا محالة. أضاف أن الكفاءات ليست مجهولة لصاحب القرار بل علي العكس معروفة ولكن عندما تسود معايير النفاق والصفقات يكون هناك إساءة شديدة في عملية الاختيار. أشار إلي أن عملية الانتخاب لقيادات في كل الأماكن يجب أن تتميز بالوعي حتي لا تحول أماكن العمل إلي ما يشبه أجواء الأحزاب والنقابات غير الفاعلة التي أخطأ الأعضاء فيها من البداية في أسس الاختيار. أوضح أن عملية الإصلاح تتطلب رؤية وموضوعية ومنهاج عمل وهذا يتحقق في جزء كبير منه باختيار القيادات القادرة علي إدارة دفة العمل. مسلك ديمقراطي * د.محمد عبدالجواد أستاذ القانون بجامعة القاهرة يري أن اختيار القيادات عن طريق لانتخاب مسلك ديمقراطي يجب أن نشجع عليه ونقطع خطوات فاعلة في الوصول إليه حتي نضمن أن يتولي القيادة في أي مكان شخص منتخب من وسط المنتمين للمكان. أضاف أن عملية انتخاب القيادات لكي تأتي بأفضل العناصر القادرة علي إدارة منظومة العلم يجب أن تتم من خلال طريقين: الأول الطريق القانوني أو الإجرائي من خلال وجود لوائح في كل مؤسسة من المؤسسات تحدد الشروط الواجب توافرها في الشخص الذي يتولي الإدارة بحيث تتوافر فيه مقومات تعنيه علي الإدارة كالتخصص مثلاً أو الخبرات الواجب أن يتمتع بها. والطريق الثاني زيادة وعي العاملين بأهمية الانتخاب وألا تعتمد عملية الاختيار علي العلاقات والمعرفة الشخصية والمجاملات ولكن تعتمد في الأساس علي المفاضلة بين المرشحين علي أساس ما يستطيع أن يقدمه للمكان الذي يتولي مسئولية إدارته نجاحه في العمل سوف ينعكس بالتأكيد علي الجميع وعلي مستوي الأداء في المؤسسة ككل. أشار إلي أن نجاح اختيار القيادات بالانتخاب مرهون أيضاً بأن تكون هناك ضوابط لذلك كالنص علي مدة معينة في البقاء في المنصب حتي لا يؤدي ذلك إلي ظهور نوع من الشللة والمجاملات في المؤسسات بالإضافة إلي ضرورة أن يشرف علي الانتخابات جهة ما محايدة ليست شرطاً أن يكون القضاء لأننا في هذه الحالة سوف نحمل القضاء ما يطيق ولكن من الممكن أن تكون هذه الجهة منظمات المجتمع المدني الذي أعتقد أن دورها سيزداد فاعلية في الأيام المقبلة مع ضرورة تفعيل دور الجمعيات العمومية ومنحها سلطات حقيقية تستطيع من خلالها مراقبة الإدارة وسحب الثقة منها في حالة خروجها علي البرنامج الانتخابي الذي تم علي أساسه الاختيار.