أكد الخبراء أن الاقتصاد القومي يمر بمرحلة حرجة بسبب الظروف الطارئة التي صاحبت ثورة الشباب يوم 25 يناير والتغيرات التي أدت إلي خسائر تتخطي 100 مليار جنيه وعلي رأسها توقف البورصة والسياحة وتعطل البنوك وانخفاض رحلات الطيران المدني والاستثمار الأجنبي المباشر داخل مصر وتحويلات رأس المال الأجنبي للداخل وانخفاض عدد السفن العابرة لقناة السويس وتدمير وحرق ونهب المنشآت العامة والخاصة. يري المتخصصون أن علاج الأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري وكيفية الخروج به من عنق الزجاجة خلال المرحلة الفارقة في تاريخ مصر والوصول به إلي بر الأمان.. لن يتحقق إلا بالاسراع في تشغيل عجلة الإنتاج بكامل طاقتها في جميع القطاعات.. وضخ الاستثمارات الحكومية والخاصة في قطاعي الزراعة والصناعة وتقليل الفوارق الكبيرة بين دخول العاملين وتحديد حد ادني للأجور يتناسب مع الأسعار. قال د. باهر محمد عتلم- رئيس قسم الاقتصاد بجامعة القاهرة الأسبق: إن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني منذ بداية ثورة 25 يناير والتي تعدت 100 مليار جنيه هي خسارة زهيدة وتعتبر ثمناً للتغيير والخروج من عصر الفساد الذي رجع بالبلاد للخلف عشرات السنين.. لأن الفساد معروف أنه العدو الأكبر للاستثمارات الأجنبية والمحلية. عن كيفية استعادة الاقتصاد لعافيته قال إن ذلك لن يتحقق إلا بالعدالة في توزيع الدخل بين العاملين في قطاعات الدولة المختلفة فلا يعقل أن يحصل موظف علي مليون جنيه راتباً شهرياً وآخر يحصل علي 400 جنيه.. هذا بالإضافة إلي الاهتمام بالاستثمارات المحلية والأجنبية لأنها الكفيلة بخلق فرص عمل والمساهمة في حل مشكلة البطالة. طالب بعودة الأموال التي نهبها كبار رجال الدولة والأعمال والوزراء الفاسدون من الخارج والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات واستثمارها في مشروعات صناعية كبري للمساهمة في انتعاش الاقتصاد القومي.. فإعادة ثروة الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته تكفي لسداد ديون مصر الخارجية والتي تقدر ب 36 مليار دولار.. أكد د. أسامة علما- الخبير الاقتصادي بالأمم المتحدة- أن التركيز علي الجانب السياسي للثورة كان له بعد سلبي خطير علي الإنتاج بسبب توقف العمل في المصالح والهيئات والمؤسسات الحكومية تماماً لمدة وصلت إلي 3 أسابيع.. أدي إلي غلق المحلات والأسواق وتوقف حركة البيع والشراء مما ترتب عليه خسائر مباشرة وغير مباشرة.. وانخفاض كبير في إيرادات الدولة والأفراد. عن حل المشكلة قال: يكمن في عودة جميع العاملين إلي أعمالهم وتكثيف العمل مقابل أجر لتوفير السلع الضرورية بالأسواق سواء الواردة من الخارج أو المحلية لانعاش الاقتصاد وحماية القوي الشرائية. يري د. حمدي عبدالعظيم- عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق- أن الاقتصاد القومي تعرض لسلبيات خطيرة منذ قيام ثورة الشباب يوم 25 يناير من أهمها خسائر البورصة التي بلغت 69 مليار جنيه والسياحة مليار ونصف المليار جنيه والطيران المدني 500 مليون دولار بسبب توقف 90% من الرحلات الخارجية والداخلية وقناة السويس مليار جنيه بسبب انخفاض السفن العابرة وزيادة التأمين علي السفن والبضائع وارتفاع سعر البترول إلي 110دولارات للبرميل. قدم د. حمدي رؤيته لعلاج المشاكل التي تعرض لها الاقتصاد القومي وتتمثل في استثمارات كبيرة تقدمها الحكومة والقطاع الخاص وذلك لحل مشكلة البطالة عن طريق التوسع في القطاعات الزراعية والصناعية التي تحتاج إلي أيد عاملة.. وتعيين عدد كبير في الجهاز الحكومي والهيئات الخدمية والإدارة المحلية.. وتحديد حد أدني للأجور يتناسب مع الأسعار وحد أقصي للدخل وتقليل الفوارق الكبيرة بين مرتبات العاملين في الوظائف المختلفة وذلك تفعيلاً للمادة 23 من الدستور. كذلك زيادة دعم السلع الغذائية والتموينية والأدوية وتقليل دعم الأغنياء الموجه إلي الطاقة والصادرات وتوجيه الدعم للفقراء.. وتعديل قانون الضرائب بحيث تصبح تصاعدية علي الدخل وزيادة حدود الإعفاء الضريبي للعاملين بالدولة بما يتناسب مع زيادة الأسعار. يؤكد د. عبدالمطلب عبد الحميد- رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية- أن الهياكل الاقتصادية الحقيقية للاقتصاد الوطني لم تمس وعلي رأسها الصناعة الوطنية والصادرات والبنوك وقناة السويس والبترول وهو ما انعكس علي توافر السلع بدرجة كبيرة في الأسواق خلال الفترة الحالية. أضاف أن نهب المنشآت وحرقها سواء كانت عامة أو خاصة حملت الدولة 5 مليارات جنيه تعويضات. وبالنسبة لخسائر البورصة التي وصلت إلي 70 مليار جنيه ورقية يمكن تعويضها فور استعادتها لقيمتها السوقية. أكد أن استعادة الاقتصاد المصري لعافيته لا تأتي إلا بوضوح الرؤية والاستقرار السياسي والأمني للبلاد وإعلان الحكومة عن خطة لإعادة بناء الاقتصاد علي أسس جديدة أهمها إعادة الثقة والتشغيل بدرجة أكبر لجذب الاستثمارات وعمل توازن بين الاستثمار المصري والعالمي والقضاء علي الفساد لأنه من أهم المعوقات.