لم تعد بورسعيد هي المدينة التي ينظر اليها بأن أبناءها من الاثرياء. بل تدنت مستويات المعيشة إلي درجة كبيرة بعد وفاة المنطقة الحرة "اكلينيكيا" حتي وصل الامر ببعض فقرائها إلي البحث عن بقايا طعام في صناديق القمامة في مشهد مأسوي لم تشهده المدينة طول تاريخها التي كان محافظوها يتباهون بأنها هي الاولي في التنمية البشرية.. بؤر الفقر كثيرة ومتنوعة من أطراف المدينة وضواحيها حيث تقبع منطقة القابوطي قرية الصيادين التي تدهورت أوضاعهم سريعا وظلوا يعيشون علي حد الكفاف في انتظار قطاع التطوير المزعوم لمنطقتهم. كما يتواري الفقراء خلف مساكن شعبية بمناطق السيد متولي والسلام سريع وبعض مناطق الزهور والحراسات وعزبة الاصلاح.. وأكشاك الكنال الداخلي.. فالبؤس أصبح عنوان الحياة في ظل غول الغلاء الذي التهم البسطاء وحولهم إلي "شحاتين" يمدون أيديهم للناس بغية الحصول علي ما يسد رمقهم. تقول فاطمة محمد شلبي "70 سنة" اعيش بمفردي في هذه العشة من الخشب والصفيح بعد وفاة زوجي منذ سنوات نعيش في الجحيم وسط طفح المجاري والقاذورات رغم اننا من أصل بورسعيد ووالدي كان يعاون الفدائيين في نقل الاسلحة عن طريق البحيرة بحكم عمله كصياد. تدهور بنا الحال ويدوب نجد قوت يومنا وربنا لاينسي أحداً. وعدونا بالتطوير ومنحنا سكناً جديداً نعيش فيه و "نقب علي وش الدنيا" لكن للاسف ننتظر التطوير من زمان وكأننا ننتظر سلحفاة آتية من الصين. وأضافت بهية محمد عبدالرحمن الشوربجي "68 سنة" أعيش في أسرة مكونة من ثلاثة أولاد وأبوهم الذي خرج علي المعاش كعامل بشركة الانشاءات البحرية والراتب يكفي لشراء الخبز فقط.. نعيش في هذا المستنقع من أكثر من 50 سنة حياتنا كلها في هذه العشة ووعدونا بأننا سنحصل علي أرض بدلا من مسكننا هذا لكن للاسف كل شئ يتم بالرشاوي ونحن لا نملك شيئاً ندفعه نحن مهضوم حقنا من زمان وليس لنا ظهر. يقول التميمي محمد فتحي "38 سنة" الشهير بميمي العجيب أعمل نجار سفن لكن الحال واقف وعندي طفلان أحدهما عاجز عمره ست سنوات وأجريت له عمليتين في التأمين الصحي تكاليف الحياة أصبحت ثقيلة جدا كل ما أتمناه في الحياة عدة شغل تساعدني في عملي كنجار حتي لا أحتاج لأحد وتكلفة العدة ما بين 7 إلي 10 الاف جنيه وربنا المعين. وتضيف فتحية السيد سعيد "45 سنة" أنا أرملة ومعي طفلان لم أجد مكانا اسكن فيه أنا وأسرتي سوي هذا المحل الصغير "متران في متر" بمنطقة الكنال الداخلي بحي العرب وتساءلت ماذا أفعل الحاجة صعبة جدا وأعمل في بيع الحلويات لاعيش بالحلال كل ما نطلبه سكناً من حجرة وصالة تؤيني أنا وطفلي. وأكدت فاتن السيد من سكان المناطق العمرانية الجديدة: أن حياتهم تحولت إلي جحيم بسبب شراسة الفئران التي تقوم باقتحام النوافذ وأروقة الشوارع. مما أصابهم بالقلق والخوف رغم محاولاتهم لرفع شكواهم إلي إدارة البيئة ومكافحة القوارض بالمحافظة. ولكن دون جدوي. وقالت شرين محمد طه من قاطني اللبانة. إن الفئران والبراغيث خرجت علينا من الزرائب والحظائر التي تم نقلها إلي القابوطي الجديد. وسعينا لتدخل المسئولين لانقاذنا واطفالنا من الروائح الكريهة وانتشار الفئران والبراغيث ولكن من الصعب ان تصل لمسئول واستدركت قائلة "احنا حياتنا ضياع وأمراض حسبنا الله ونعم الوكيل".