عطفة غزلان وزقاق جمعة وحارة جودة بمنطقة بيرم التونسي في حي السيدة زينب مناطق خارج نطاق الزمن. لم تمتد إليها يد التطوير ولم تصل إليها سبل الحياة. أبسط وسائل الحياة العادية التي يطلبها أي إنسان كحد أدني لحياة نصف كريمة. فسكانها يعيشون في عشش لا تنعم بكهرباء ولا مياه شرب وبالتالي لا يوجد صرف صحي الذي يعد في مثل هذه المنطقة نوعاً من الرفاهية. السكان يعيشون أمواتاً مع إيقاف التنفيذ. فمجرد عقب سيجارة في هذه العشش قد يحول المنطقة بأكملها إلي رماد ولن تستطيع سيارات الإطفاء أو الإسعاف الوصول إلي هذه الحارات الضيقة. الكلمات تعجز عن وصف حياة هؤلاء. والصفات الموجودة في مجاميع اللغة العربية تقف مكبلة أمام الواقع المرير في هذه العشوائيات التي تملأ ربوع المحروسة. "المساء" ذهبت إلي هناك والتقت بأهل العطفة الغلابة البسطاء لتتعرف علي المأساة من كلامهم ونظراتهم. وترصد بالصورة حجم الفاجعة. * يقول جمال مجاهد من أهالي العطفة: نحن نعاني منذ سنوات من غياب المرافق والخدمات بشكل تام عن المناطق الفقيرة بالسيدة زينب كعطفة غزلان وحارة جودة وزقاق جمعة ومحافظة القاهرة وحي السيدة زينب الذي نتبعه اخرجنا من حساباته تماماً والدليل ما حدث مؤخراً بعد اندلاع الحريق في إحدي الشقق بالعطفة وأسفر عن مقتل طفلين لم تأت سيارات المطافئ إلا بعد ساعة ونصف الساعة لمكان الحادث بعد أن دمرت النيران محتويات الشقة وأؤكد أن هناك مساكن كثيرة هنا معرضة للحريق والهلاك إذا ما لم يتحرك المسئولون بالمحافظة لانقاذنا من صندوق العشوائيات الذي نسكنه وسط ظروف معيشة صعبة فأغلب سكان العطفة لا يعملون في وظائف حكومية وأغلبهم أرزقية لديهم أعمال بسيطة تمكنهم من الحصول علي قوت يومهم لهم ولأبنائهم. ويضيف نطالب بأن تنظر لنا الدولة وتنقذنا من حياة الشتاء والعذاب فنحن أناس فقراء وبسطاء الحال نعيش علي جنيهات قليلة وأبناؤنا عاطلون ونشعر أننا مدفنون كالأموات في عطفة الغزلان وكل ما نطلبه مسكناً ملائماً يخرجنا من القبور التي نسكنها ولو حتي غرفة من أربع جدران بدلاً من العشش التي نسكنها. * محمود زين العابدين "نقاش": نحن نسكن قبوراً وليست منازل فالغرفة في هذه العطفة التي يدخلها البعض بجانبه نظراً لضيق مساحتها إيجار أي غرفة بها لا تقل عن 100 جنيه في اليوم مع العلم أن أغلب سكان العطفة عاطلون ويعيشون علي المساعدات أو يعمل بعضهم في حرف وصناعات تدر عليه بضعة جنيهات تعينه علي متطلبات الحياة نشعر أننا خارج نطاق الحياة وأننا نشبه الأموات الذين يسكنون بجوارنا في مقابر لا تفصلنا عن سوي أمتار قليلة. * الحاجة زكية حسين "ربة منزل": أسكن هنا منذ ما يقرب من 60 عاماً وكنا نتحمل الظروف القاسية وسط العشش التي بنيت بالصفيح والخشب لكن الأمور ساءت للغاية وأصبحت المساكن التي نعيش بها مهددة بالسقوط في أي لحظة وتحتاج لأموال طائلة للإصلاح ونحن فقراء وأبناؤنا وأزواجنا عاطلون ويعملون في مهن وحرف بسيطة يحصلون منها علي جنيهات بسيطة تعيننا علي الحياة بالكاد ولا نمتلك من حطام الدنيا أي أموال لإعادة بناء العشش التي نسكنها أو تنكيسها وترميمها ونطالب الحكومة أن تخرجنا من الظلام إلي النور وتوفر لنا غرفاً بسيطة من التي توفرها المحافظة للذين هدمت بيوتهم لأننا علي وشك اليوم أو الغد أن تسقط منازلنا أقصد العشش فوق رءوسنا وأحلم يا ابني أن أعيش في منزل من أربع جدران قبل أن ألقي ربي. * هاني فؤاد أرزقي 34 عاماً: أعيش أنا وأبنائي الأربعة وزوجتي في غرفة لا تتجاوز 4 أمتار وعندما نحتاج أن ندخل دورة المياه ننتظر طويلاً لكونها ليست لنا بمفردنا بل هي مشتركة مع العديد من الجيران الذين يسكنون في نفس البيت الذي نسكنه وهو معرض للسقوط أيضاً ما بين اللحظة والأخري فهو مبني من الخشب وبدأت آثار الزمن تظهر عليه حتي أن سقف المنزل أصبح مفتوحاً. * ناهد فتحي: أسكن هنا منذ أكثر من 25 عاماً وتحملت الكثير طوال السنوات الماضية لكن العشش التي نسكنها أصبحت غير صالحة للمياه فهي مبنية علي أعمدة خشبية ولم تعد تتحمل أن يسكنها بشر ونحن فقراء فزوجي مريض ولدي 3 أبناء وأعمل من أجلهم لكي أوفر قوت يومنا وليس لدينا أي أموال لترميم الغرفة التي نسكنها وبجوار ذلك انهيار كل أساليب الحياة حيث الحمامات آيلة للسقوط في أي وقت غير أنها تستوعب مئات الأسر مما يصيبنا بأمراض وأوبئة لا حصر لها. أحمد أشرف: أحلم كل يوم بأن العشة التي اسكنها قد تسقط فوق رأسي وأتمني أن تنقذنا المحافظة بتوفير غرف بديلة لنا عن هذه العشش العشوائية فنحن اناس فقراء نريد أن نخرج من الغرف المستهلكة التي نسكنها لبيوت مثل التي يسكنها باقي البشر فالشمس والهواء لا يدخلون لعطفة غزلان ولا للحواري أو الأزقة التي بجوارها. * زينهم محمود "نقاش": أعيش في عشة من الخشب وهناك آخرون يسكنون في غرف من الكارتون والبوص وتدخل حمامات مشتركة ولا نعرف شيئاً عن الصرف الصحي ولا مياه الشرب وفوق كل ذلك مهددين بالموت ما بين اللحظة والأخري وعندما نتوجه للمحافظة نواجه بتعقيدات وإجراءات روتينية وفي النهاية النتيجة كما تري أننا نعيش في أماكن تأبي الحيوانات أن تسكنها.