صمت الحكومة غير مستساغ وغير مقبول.. كيف تري الحكومة بأم عينيها ما يجري في الشارع - حتي ولو كان من قلة - دون أن يكون لها موقف واضح ومحدد.. الاكتفاء بالتعامل الأمني مع المتظاهرين والمتجاوزين أمر غير منطقي حتي لو صبر رجال الشرطة إلي آخر مدي. الحكومة مطالبة بأن تجتمع وتبحث وتناقش ما يجري في الشارع.. لا ينفع الصمت في هذه الأحوال.. الحكومة علي علم تام بمطالب المواطنين التي أعلنوها في الشارع.. ويجب أن تبحث هذه المطالب وتتعامل معها بجدية. وتخرج ببيان واضح ومدروس يهدئ من خواطر الشباب.. وتثبت من خلاله أنها تعيش الحدث وليست منفصلة عنه. الاعتماد علي أن الذين خرجوا إلي الشارع قلة لا تعبر عن جموع المواطنين فيه استهانة غير مطلوبة اطلاقاً.. إن صمت الحكومة يعني أنها منفصلة عن المواطنين.. وكأن لسان حالها يقول: دعهم يفضفضون فسرعان ما يعود كل منهم إلي بيته وتعود الأحوال هادئة. هذا المنطق بكل تأكيد غلطx غلط.. لا نريد أن ندفن رءوسنا في الرمال ونقول إن كل شيء علي مايرام.. إننا بهذا الموقف نتجاهل خطورة النار التي تحت الرماد. قولوا للمواطنين - في بيان صريح وسريع - سوف نبحث مطالبكم ومشاكلكم ونعمل علي حلها بالتدريج.. سوف نعيد النظر في الأجور ونجعل لها حداً أدني يتناسب مع غلاء المعيشة.. قولوا لهم سوف نلجأ إلي أساليب جديدة لتوفير فرص عمل للعاطلين لنحد من ظاهرة البطالة.. قولوا لهم سوف نحترم الأحكام القضائية ونعمل علي تنفيذها لتسود دولة القانون.. قولوا لهم سوف نحارب الفساد بكل قوة مهما كان الفاسدون.. قولوا لهم سوف نحد من سطوة رجال الأعمال واستغلالهم لنفوذهم. وسوف نحارب الاحتكار.. قولوا لهم سوف نجعل الشعب كل الشعب يستفيد مما حققناه من تنمية اقتصادية وليس فئة محددة بعينها ومحدودة. قولوا لهم سوف ننشر العدالة الاجتماعية.. فهذا واجبنا وهذا حقكم.. لا تحدثوهم بالأرقام ولكن حدثوهم بالأمر الواقع.. قولوا لهم سوف نصدر قانوناً لاتاحة كل المعلومات للراغبين ونصارح الشعب بكل ما يجري ولن تكون هناك أسرار بعد الآن. قولوا لهم سوف نفتح أبواب الحرية المسئولة علي مصاريعها.. وأن القانون هو الفيصل مع المتجاوزين والذين يلجأون إلي التهييج والإثارة. قولوا لهم.. وقولوا.. وقولوا.. فهذا يوم المصارحة والمكاشفة لا يوم السكوت والصمت. أقول هذا الكلام بقلب مخلص حريص علي المصلحة العامة.. مصلحة الشعب ومصلحة الحكومة.. فهل ننتظر صدي له؟! فما أكثر الشائعات التي تصاحب مثل هذه الأحداث.
