* سيدتي: لا أدري هل كتابتي إليك هي الحل الذي أتمني ان أحصل عليه بعد ان وصلت لمرحلة من اليأس الشديد.. أم ان الصمت هو كل الحلول.. يقيني أنني لن أخسر الكثير بعد كل ما خسرته. الحكاية تبدأ عندما أحببت زميلي في العمل وأحبني كما قال هو وقررنا الزواج رغم اعتراضات أسرتي لأنه متزوج ولديه طفل.. وقفت أمي وأختي الكبري أمام هذا الزواج بشدة وهددتهما بعدم الزواج نهائياً ان لم أتزوج بمن أحب. وغضبت شقيقتي واسمعتني ما لا احتمل عندما اتهمتني بأنني سريعة الحب.. سريعة النسيان وذكرتني بكم التجارب الفاشلة في حياتي والتي بدأت معي وأنا في الجامعة فقد مررت بأكثر من تجربة فاشلة حقاً لكنني غير المسئولة عن هذا الفشل فالشباب يعشقون الخيانة والغدر. المهم تمت الخطبة وقدمنا كأسرة تنازلات كثيرة في الاتفاق الذي تم بيننا وبينه وبدأنا في التجهيز للزواج وأثناء الخطبة كنت اكتشف أشياء كلها تصب في قدرته علي الكذب والأنانية.. فهو يفرض ما يريده من اختيارات لأشياء لا تعجبني ولكنني أقدم التنازل تلو التنازل خاصة وأنه كان يحكي لي دائماً عن عذابه مع زوجته وأنها لا تسمع كلامه.. وأنها اضطرته لقطع علاقته الزوجية بها ويعيش في حجرة منفصلة عنها وعن ابنه.. وصدقته فلماذا يكذب ولم اسأله ثم فاجأني بأنه سوف يطلقها ان طلبت هي حتي لا تظل معلقة فهي لا تنال حقها الشرعي منه وهو يستحرم هذه الفكرة وبعد الانتهاء من التجهيز قمنا بالفرش.. وأثناء وضع الملابس في الدولاب كانت تساعدني ابنة أخته وعرفت منها ان زوجته حامل وعلي وشك الولادة.. شعرت بأن جدران المنزل تنهار علي رأسي وتوقفت أختي عن الفرش وبقيت صامتة حتي اتصل بي وسألته فكانت المفاجأة صراخة في وجهي: وهل تحرضيني علي ترك زوجتي وأم ابني.. قبلت بالزواج مني هكذا فلا تتكلمي!! تركت الشقة وغادرت معلقة كل شيء لأجل غير مسمي حتي أعرف حقيقة هذا الرجل الكاذب وبدأت في البحث خلفه.. حتي عرفت انه علي علاقة بزميلة أخري لنا ولكنها تعمل في فرع آخر للشركة.. قررت فسخ الخطبة وأخذت أغراضي من الشقة وغادرت. بعد مرور أقل من عام تقدم لي قريب لصديقة لي ووجده أهلي مناسباً وتزوجته في أقل من ثلاثة أشهر وبعد الزواج اكتشفت أن كلانا تزوج الآخر بشكل روتيني لا أكثر.. هو يريد من تكنس وتغسل وتطبخ وتنجب.. وأنا أردت أن أكون زوجة وأماً ككل البنات.. هو زواج مصلحة ومما يزيد الأمر تعذيباً لي.. أن هذه المعادلة الجافة من زوجي تدفعني لذكري الحب أو كلام الحب الذي كان يملأ به أذني وقلبي زميلي الكاذب. دفعني هذا للثورة علي زوجي وقلت له كلاماً صعباً وبعد أن هدأت ندمت ولكنه لم يسامحني وقد اعتذرت له علي استحياء ولا أخفيك سراً يا سيدتي بعد هذه الخناقة وغيابي لدي أسرتي لمدة أسبوع بعيداً عنه شعرت أنني أريده ولا أعرف هل أحببته دون ان أشعر أم لأنني اكتشفت انني مثله لم أحاول معه أن أكون حبيبة أو زوجة حبيبة ورغم سماحه لي بالعودة لم يسامحني حتي الآن.. فهل لديك حل لمشكلة نفسية تحدث لاثنين لديهما أكبر المستويات العلمية والشهادات وليس لديهما الحب.. يمتلكان كل شيء لكنه داخل قلوب باردة؟! ** الاعتذار شجاعة يفتقدها معظم الناس.. وثقافة غائبة لدي مجتمعاتنا.. وقيمة تربوية مهملة لدينا ومن النادر أن يعلمها الآباء والأمهات لأولادهم وبناتهم. وقديماً علمونا: إذا كنت لا تستطيع الاعتذار ولا تحبه فلا تخطيء وتجنب ان تفعل ما يوجب اعتذارك أما ان وقع الخطأ فلابد من الاعتذار. وقال "لين جونسون" أحد المفكرين ان الاعتذار هو الصمغ الخارق في هذه الحياة ويستطيع إصلاح أي شيء. ولو تأملنا هذا القول سنجده صحيحاً.. ثقافة الاعتذار لابد ان تكون لدينا لانها تصلح تلك الشروخ في سطح أي علاقة.. عمل أوجب أو صداقة أو عائلية وبالتالي هي ثقافة ليست مهينة علي الاطلاق ولكن كيف نعتذر هذا يا عزيزي هو السؤال الذي يجب طرحه أولاً؟! ان أصعب حقيقة علي المرء ان يدرك كونه مخطئاً والأصعب من ذلك اعترافه بذلك.. والاعتذار يجب ان يكون عملياً ولنطبق ذلك علي حالتك اعتذرت لزوجك اعتذاراً بارداً هو إهانة أكثر منه اعتذار.. لأنك بهذا الاعتذار اعترفت بأن هناك خطأ وهناك ما يوجب هذا الاعتذار.. إلي هنا والأمر رائع ولكن الأفضل من اللفظ الفعل فماذا قدمت لزوجك من مبادرة ببداية علاقة جديدة تبني علي الحب لتثمر الحب وتحصدينه مودة ورحمة.. عدت وقدمت مبادرة لفظية فمنحك مثلها.. فلماذا لم تتبعي كلامك بأفعال؟! تعترفين بأن الآخر كان كاذباً مدلساً فهل منعك هذا من التفكير في عباراته التي مازالت تملأ ذاكرتك وهذا من أكبر الأخطاء لسببين الأول ان هذا لا يليق بامرأة متزوجة عليها بمنح كل مشاعرها وتفكيرها للزوج فقط والثاني يا عزيزتي ان الكوب الممتليء لا يمكنك ملؤه ثانية إلا إذا قمت بتفريغه أولاً.. وأنت لم تفعلي هذا رغم ان الماء الآسن في ذاكرتك ليس إلا مجموعة أكاذيب من محترف للكذب خدع زوجته معك وخدعك مع أخري وهذا كان كفيلاً بأن تفرغي ذاكرتك تماماً من حلو الكلام الكاذب كما طردته من حياتك.. اطرديه من ذاكرتك وفرغي الكوب علي ان تمليئه من مصدر آخر شرعي هو زوجك. اعتذري بشكل عملي لزوجك وعودي إليه زوجة حبيبة يكن لك ما تشائين.. المشكلة نفسية كما قلت ودرجتك العلمية عليها ان تدعمك في التصرف الصحيح وليس كما قلت انك غير مسئولة عن فشل علاقاتك!! لا بل مسئولة كل المسئولية لأنك من يختار الشريك فلو أحسنت الاختيار ما تكرر الفشل.