يمثل الفنان "صلاح عبد الكريم" واحد من أهم نجوم الفنون الجميلة ابناء الجيل الثالث في حركة الفنون الجميلة خلال القرن العشرين. فقد كان متعدد المواهب في الرسم واعمال الديكور وعمل التماثيل وتشكيل الخزف وامثالها.. ولد صلاح عبد الكريم عام 1925 بمدينة الفيوم.. وقضي بها طفولته وصباه وعندما حصل علي شهادة الابتدائية عام 1938 انتقلت أسرته إلي القاهرة. أما هو فقد انتقل إلي مدينة "قنا" حيث التحق بمدرستها الثانوية. وانضم إلي جمعية الرسم مصاحبا استاذ الرسم والأشغال اليدوية بالمدرسة حسين بيكار لمدة عامين كاملين.. لقد كان مدرس الرسم فنانا مدهشا حقا. فتح أبواب عالم الفن أمام الفتي. فقد كان يعزف الموسيقي ويعلمه العزف. يرسم المدرسين ويتيح لتلميذه مصاحبته ومعاونته أثناء عمله. وهكذا كانت تلك الأيام هي أسعد فترات حياته. تحدد خلالها مسار موهبته وقرر أن يتجه إلي احتراف الفن. جماعة الفن المعاصر انتقل إلي القاهرة ليلتحق بالمدرسة النموذجية الثانوية التي كان مدرس الرسم بها هو المفكر الفنان "حسين يوسف أمين". والتقي صلاح في جمعية الرسم بالبراعم التي كونت فيما بعد "جماعة الفن المعاصر". عبد الهادي الجزار- إبرهيم مسعودة - سمير رافع - كمال يوسف - حامد ندا. وعلي مدي ثلاث سنوات من 1940 حتي 1943 كان يتردد مع زملائه علي مرسم الفنان حسين يوسف أمين عند سفح أهرامات الجيزة. ويتعرف علي أفكار الجماعة ويستوعب مفاهيمها التي اقتنع ببعضها ورفض بعضها الآخر. الفنون الزخرفية وفي عام 1943 التحق بكلية الفنون الجميلة. واختار قسم الفنون الزخرفية لتخصصه بينما التحق زملاؤه في جمعية الرسم خلال الدراسة الثانوية بقسم التصوير الزيتي وكان هذا الاختيار يرجع إلي اقتناعه بفكرة أن الفنون الزخرفية تتيح مجالا أوسع للابتكاروالتعبير الفني المتصل بحياة الناس والملتصق بالجماهير. وهكذا أعد نفسه من البداية لانتاج الأشكال الفنية التي تجد طريقها إلي الناس ربما تتضمنه من قيمة استعمالية. مفضلا أياها علي الفنون البحتة التي تتطلب من الجمهور مشقة السعي إليها للاستمتاع بها وتفهمها. تخرج عام 1948 متقدما علي جميع زملائه وحصل علي درجة الامتياز مع مرتبة الشرف في مشروع الدبلوم. ويبعد ثلاثة أشهر عين معيدا بالقسم الذي تخرج فيه. جماعة صوت الفنان ينتمي صلاح عبد الكريم إلي الجيل الثالث من الفنانين المصريين.. الجيل الذي تتلمذ علي يد الجيل الثاني ثم تمرد علي الاتجاهات الأكاديمية السائدة.. ولقد بدأ التمرد من منتصف الثلاثينات. وظهر الصراع بين الاتجاهات التقليدية والاتجاهات الحديثة في الفن.. واتخذ هذا الصراع مظهرا الجمعيات الفنية التي يكونها الشباب لاقامة المعارض ونشر البيانات العنيفة هجوما علي الاتجاهات السابقة ودعوة إلي فهم وتقدير الاتجاهات الحديثة في الفن باعتبارها أكثر تعبيرا عن العصر" العصر هو فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها".. في ذلك الوقت ظهرت جماعة الفن والحرية بزعامة جورج حنين ورمسيس يونان. ثم جماعة الفن المصري المعاصرة بزعامة حسين يوسف أمين .. وكلتا الجماعتين كانت تضم الرسامين دون النحاتين .. وفي عام 1944 كون المثال جمال السجيني جماعة "صوت الفنان" التي شارك في تأسيسها صلاح عبد الكريم. الفن الحديث وكانت تضم محمد عويس وجاذبية سري - وسيد عبد الرسول - والعديد من فناني الجيل الثاني الذين كون بعضهم. بعد تفكك جماعة "صوت الفنان". جماعة أخري ذات أهداف أكثر وضوحا هي جماعة "الفن المصري الحديث" لم يشارك فيها السجيني وصلاح عبد الكريم وعز الدين حموده. وقد استمرت الأخيرة حتي عام ..1953 لقد اقتصر نشاط فناننا في الجماعات الفنية علي الفترة من 1944 حتي 1947 من خلال جماعة "صوت الفنان" التي أقامت معرضين كبيرين تميزا برفض الاستغراق في المذاهب الحديثة الغريبة وعلي رأسها السيريالية مع التحرر من القيود المتزمتة للكلاسيكية والتأثرية في فن التصوير بالإضافة إلي اشاعة الرومانسية والتعبيرية ثم الرمزية في فن النحت.. كانت جماعة صوت الفنان تمثل مرحلة وسط بين تزمت الجيل الثاني وانفلات بعض ابناء الجيل الثالث من الفنانين. من خلال هذه الجماعة بدأ صلاح عبد الكريم يمارس اقامة التماثيل من الصلصال والجبس بالإضافة إلي أعماله في المجالات الزخرفية. ولم ينقطع عن الرسم بالألوان الزيتية وألوان الجواش حيث كان يمارس هذا النوع من النشاط مع أعضاء جماعة الفن المعاصر التي حافظ علي علاقته بأعضائها ورائدها. يزورهم في مراسمهم ويشاركهم الإنتاج الفني دون أن ينتمي إلي جماعتهم. مسابقة إسماعيل في عام 1951 خاض الفنان مسابقة حكومية لفروع النحت والتصوير والجرافيك والفنون الزخرفية . أقيمت تحت اسم "مسابقة إسماعيل" "الخديوي إسماعيل هو جد الملك السابق فاروق". وفاز صلاح عبد الكريم بالمرتبة الأولي علي المتقدمين لفرع الفنون الزخرفية. وقد تولي التحكيم في هذه المسابقة ثلاثة من النقاد العالميين هم أندريه لوت" و"سافان" الفرنسيين و"كومنداد" الأسباني. وكانت جوائز الفائزين بالمرتبة الأولي في كل من فروع المسابقة الأربعة هي بعثات مدة كل منها خمس سنوات في أوروبا لاستكمال الدراسة الفنية علي نفقة الدولة. وقد فاز الفنان كمال أمين في الجرافيك والفنان محمود عبد الرسيد في التصوير ولم يفز أحد بالمرتبة الأولي في فن النحت. ولم يبدأ تنفيذ هذه البعثات إلا بعد ستة أشهر من قيام أحداث عام 1952. وقد توقفت هذه المسابقة التي اقيمت لمرة واحدة بسبب اسمها الملكي. وحل محلها بعد بضع سنوات مسابقات الانتاج الفني الكبري التي تولي تنظيمها الفنان عبد السلام الشريف والفنان صلاح يوسف كامل. ثم تقررت جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية بعد تكوين المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. واستمرت هذه الجوائز الأخيرة سنويا حتي الآن.