يوم الأربعاء الماضي أزاح الرئيس الأمريكي أوباما الستار عن تمثال السيدة روزا باركس الناشطة التي لعبت دوراً رائداً في حركة الحقوق المدنية وصارت رمزاً يجسد قدرة الإنسان في الذود عن حقوقه وكرامته.. روزا حملت لقب "أم حركة التحرير" وصار يوم ميلادها في 4 فبراير ويوم اعتقالها في أول ديسمبر يومين للاحتفال بذكراها. روزا باركس أمريكية سوداء ولدت عام 1913 وتوفيت 24 أكتوبر 2004 وفي أول ديسمبر عام 9551 في شارع مونتجمري بولاية الاباما رفضت روزا الانصياع للتعاليم العنصرية داخل الاتوبيس العام وصممت إلا تترك المقعد الذي كانت تجلس فيه وتنتقل للمقاعد الخاصة بالركاب الملونين.. وشجعت هذه الخطوة الكثير من الأمريكيين السود أن يحذوا حذوها وأصبح هذا التحدي رمزاً مهما في حركة الحقوق المدنية الحديثة وصارت روزا نفسها أيقونة للمقاومة والكفاح ضد العنصرية حين تم اعتقالها بسبب هذا التمرد. التمثال الذي أقيم للسيدة الأمريكية الأفريقية الذي أزاح الرئيس الأمريكي الستار عنه في مبني الكابيتول بواشنطن مصنوع من البرونز يزن 7002 رطل وطوله 9 أقدام صممه روبرت فرمن واوجين هوب ويصور "روز" وهي جالسة ويداها علي حجرها وتمسك في يدها كيس نقود.. ويبدو ان التصميم استوحي جلستها حين تمردت ورفضت وصممت علي البقاء في مقعدها داخل الاتوبيس الخاضع للتعاليم العنصرية وحين اشتبكت مع السائق الذي أراد ان يفرض التعاليم العنصرية. وفي هذا الاحتفال الذي خصه الرئيس بالوقت والاهتمام اللائق بامرأة دافعت عن الكرامة الإنسانية. وجه أوباما كلمة إلي الحاضرين ومنهم أعضاء في الكونجرس وشخصيات نافذة في حركة الحقوق المدنية بالاضافة إلي أعضاء من أسرة روزا باركس قال: "لقد أحسنا صنعا بوضع تمثال باركس هنا" وأضاف. ولكن التكريم الأعظم الذي يخلد ذكراها استمرارنا في دعم وتنفيذ مبادئها القوية التي تقوم علي الشجاعة والايمان. في مذكراتها كتبت روزا: "كنت أري الأتوبيس يمر أمامي يوميا.. وكان بالنسبة لي طريقة حياة. فلم يكن أمامنا خيار. علينا أن نقبل العادات. وكان هذا الأتوبيس من بين الأشياء الأولي التي جعلتني أدرك ان هناك عالماً للسود وعالماً للبيض". ليست مصادفة بالتأكيد ان يقوم الرئيس أوباما وهو أمريكي من أصول أفريقية بالكشف عن تمثال السيدة روزا التتي تعود أصولها إلي أفريقيا.. الاثنان رموز قوية وساطعة للتمرد والشجاعة والإيمان بالذات وبأنسانية الإنسان وحقه في التعليم والحياة الكريمة التي تلغي أشكال التمييز وتنتصر للحرية وترفض التمييز علي أساس اللون والجنس والعقيدة. والأثنان لم يحققا النجاح دون حركات تحررية داعمة يؤمن بها أنصار الحرية والإنسانية في المجتمع الذي يعيشون فيه. تتذكر باركس عصابات الكوكلكس كلان العنصرية حين كانت تمر في الشوارع أمام منزل أسرتها. وتستعيد صورة جدها الذي كان يقف أمامه حاملا بندقية يحرسهم. تتذكر المدرسة التي يدرس فيها الاطفال السود وكيف كانت تتعرض للحريق والكلية القاصرة علي البيض. أوباما الذي يشبه نجوم السينما تجسيد حي لصورة الرئيس كإنسان متحضر. راقي. مثقف ومنفتح علي ثقافات العالم. زعيم حريص علي رفاهية مواطنيه. علي المبادئ الديمقراطية داخل بلاده. وعلي إنسانية الإنسان من حيث كونه إنساناً.. مؤمناً بدور المرأة الأمريكية وبحق النساء دون تمييز... و... وفي الوقت الذي كان أوباما يزيح الستار عن تثمال امرأة سوداء أشعلت شرارة التمرد ضد التمييز العنصري كانت النساء في بلادي - التي كانت بدورها مهداً للحضارة وعرشاً جليلا لملكات قويات دخلن التاريخ - يعانين من حلقات التحرش الجنسي الممنهج. ويواجهن أبشع التهم الأخلاقية. بسبب خروجهن مطالبات بالحرية والكرامة الإنسانية. في نفس هذا الوقت كان العالم الذي صار صغيراً يطل علي مآسينا ونحن ندفع فاتورة من دماء أعز ابنائنا وهم يرفعون نفس المطالب المشروعة وفي نفس هذا الوقت كان الرئيس يقص شريط مصنع كيماويات معاد للبيئة.. يهدد صحة الإنسان ولا من مغيث.