لم تلق المبادرة التي طرحها عمرو موسي الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ترحيبا سواء من القوي السياسية المعارضة أو من تيار الاسلام السياسي الحاكم.. القوي السياسية رأت ان الهدنة التي دعا اليها موسي ستكون لصالح النظام الحاكم والإخوان وسوف تتيح لهم المزيد من التمكين من مفاصل الدولة.. بينما اعتبر ممثلو التيار الاسلامي ان هدفها البحث عن دور وتعطيل استكمال المؤسسات الدستورية وعدم الاعتراف بقواعد الديمقراطية.. ووصفوها بالاجراءات الاستثنائية غير المبررة في ظل مسار طبيعي تحقق باقرار الدستور بالاغلبية التي قالت "نعم". شملت المبادرة عدة نقاط: أهمها.. تشكيل حكومة طواريء برئاسة الرئيس محمد مرسي لمدة عام من القوي السياسية ووقف الانتخابات لمدة 6 شهور وضرورة البحث عن هدنة سياسية بين النظام الحاكم وجبهة الانقاذ المعارضة. وصف الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الارشاد والمتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين المبادرة بأنها كلام غير منطقي.. حيث تم اقرار الدستور.. وسيتم اجراء انتخابات تشريعية خلال شهرين لاستكمال المؤسسات الدستورية.. بعدها يكون هناك حزب له أغلبية برلمانية أو عدة احزاب تمثل الاغلبية وفقا لما تأتي به نتائج الانتخابات.. وتساءل: لماذا هذه المبادرة الآن؟! أضاف ان المبادرة تعكس الرغبة في البحث عن دور فقط وهذا غير مقبول.. وهي تطرح بطريقة سافرة.. إنهم يعتبرون السلطة "كيكة" علي حد تعبيره- وبالتالي لابد ان يكون لهم نصيب فيها. يقول محمد حسان حماد "المتحدث باسم الجماعة الاسلامية" ان مجلس شوري الجماعة سوف يدرس المبادرة لاتخاذ قرار بشأنها.. ثم استطرد متسائلا: لماذا نلجأ إلي اجراء استثنائي تحت مسمي حكومة الطواريء؟! ولماذا يتم تأجيل الانتخابات؟! وما هي "الاشكالية" السياسية التي تدعو لذلك؟! مشيرا إلي انه رغم ذلك فنحن نؤمن ان طرح المبادرات حق لأي فصيل سياسي بصرف النظر عن قبولها أو رفضها. أضاف ان البلاد الآن في وضع طبيعي حيث تم بالفعل اقرار الدستور ويجري الاستعداد لانتخابات مجلس الشعب بمشاركة كل القوي السياسية لاستكمال مؤسسات الدولة.. موضحا أن المبادرة تعطل انشاء السلطة التشريعية وتعطل استكمال مقومات الدولة. يقول جورج اسحاق النشاط السياسي وعضو جبهة الانقاذ الوطني ان المبادرة لن تتحقق الا بالاستقرار والذي يتحقق عندما يحصل الشعب علي حقوقه.. لذلك سيكون هدف المعركة الانتخابية اسقاط الدستور.. مؤكدا ان الصراع السياسي محترم وجبهة الانقاذ تديره بكفاءة وموضوعية.. لكن الكلام عن الهدنة غير مقبول.. متسائلا.. هدنة لصالح من؟! النظام الحاكم أم الإخوان المسلمين؟!! تفسير خاطيء رفضت مارجريت عازر "الأمين العام المساعد لحزب الوفد" مبادرة موسي مؤكدة أنها لا تمثل الشارع.. بل ان الشارع سوف ينظر اليها علي أساس ان القوي المعارضة تريد ان تتقاسم المقاعد والسلطة.. وسوف يروج تيار الاسلام السياسي لهذا المفهوم ويفسرها تفسيرا خاطئا ويصفها بالالتفاف علي الديمقراطية وعلي الصندوق وأن كل الحرب التي خاضتها القوي المعارضة كانت من أجل المساومة علي الكراسي.. وهذا لن يكون مقبولا من الشارع الذي سوف يطرح تساؤلا منطقيا: هو لماذا يتم طرح هذه المبادرة قبل اقرار الدستور. نبيل زكي المتحدث باسم حزب التجمع يختلف بشدة مع عمرو موسي مؤكداً أن تأجيل الانتخابات ستة أشهر مدة كافية سوف تستغلها الجماعة الحاكمة- علي حد قوله- في استكمال احكام السيطرة علي مفاصل الدولة في كل المجالات. أضاف ان الهدنة التي تحدث عنها عمرو موسي لا معني لها.. فلسنا في حرب!! لكن الشعب له مطالب وطموحات لم يستجب لها التيار الحاكم مما أدي إلي توتر الموقف السياسي والاحتقان والاستقطاب. يؤكد الدكتور حسن نافعة استاذ العلوم السياسية انه طرح من خلال مقال له مبادرة شبيهة لمبادرة عمرو موسي لكنها تختلف في عدة نقاط اساسية.. فحكومة الوحدة الوطنية يجب ان تشكل وتستمر طوال فترة رئاسة الرئيس مرسي وليس لمدة عام واحد فقط ولا تكون برئاسة الرئيس مرسي. أوضح ان وزراء الحكومة يجب ان يمثلوا كافة القوي السياسية الفاعلة وليس بنظام المخاصمة ويكون هدفها اجراء المصالحة الوطنية سهلا في ظل حكومة توافقية تستطيع بالفعل تحقيق التهدئة. أضاف انه يتواكب مع ذلك انشاء برلمان بالتعيين تكون نواته البرلمان الموازي الذي تشكل بعد انتخابات مجلس الشعب في 2010 مع تطعيمه بشباب الثورة.. ويتولي هذا البرلمان التوافقي اقرار التعديلات الدستورية ونقل البلد إلي الهدوء.. ويكون في نفس الوقت هو الرافعة لانقاذ الاقتصاد. أوضح ان مبادرة "موسي " تضمن الهدنة لان كل القوي السياسية ستتعاون لتحجيم الاحتجاجات الفئوية والتظاهرات السياسية والاعتصامات.. ويكون الخروج علي الاجماع في هذه الحالة اما مدفوعا من الخارج أو من النظام البائد ووقتها يتم التعامل معه بالشدة والحسم.