طالب علماء الدين الدعاة بمراجعة أمرهم وعدم إقحام أنفسهم في الصراعات السياسية التي تشهدها الساحة هذه الأيام.. وأن ينتبهوا لرسالتهم في توحيد المجتمع وعدم الانسياق وراء خلافات أو توجهات سياسية. أكد العلماء أن بيوت الله لها قدسيتها بعيداً عن السياسة وترويج لفصيل ضد آخر.. مشيرين إلي ان ما حدث من انتهاكات أمام مسجد القائد ابراهيم في الاسكندرية ما هو إلا نوع من الفوضي والاعمال التخريبية التي يرفضها الإسلام والتي لا تليق بقدسيته المساجد. كان الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف قد أصدر قراراً مؤخراً يحث الأئمة علي البعد عن الحديث في السياسة علي المنابر وأن ينأوا بأنفسهم عن الشبهات التي تثير الفتن خاصة خلال خطبة الجمعة والدروس اليومية بين صلاتي المغرب والعشاء.. مؤكداً أنه سوف يتم اتخاذ اجراءات صارمة في حال مخالفة ذلك القرار. يقول الشيخ سلامة عبدالقوي المتحدث الرسمي باسمه وزارة الأوقاف إن الوزارة منعت الحديث عن الاستفتاء علي الدستور بنعم أو لا.. وطالبت الأئمة والدعاة عدم التحدث نهائيا في الأمور السياسية وإبعاد المساجد عن الصراع والخلاف السياسي الدائر بين مختلف القوي السياسية والحزبية. الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق يؤكد أن إمام المسجد تقع عليه أمانة في كيفية توصيل رسالته من ناحية ورسالة المسجد من ناحية أخري.. وهذه المسئولية كفيلة بأن تنأي به عن أي صراعات لتيارات دينية أو سياسية وحزبية. أما المسجد فهو للجميع وليس لفصيل ضد آخر.. فرسالته لابد أن تكون نافية من أي شوائب أو أغراض لأن بيوت الله لها قدسيتها ويجب ألا تستغل في مصلحة طرف ضد آخر وهذه مهمة الدعاة والأئمة الذين يجب أن يبتعدوا عن الأهواء الشخصية وقبل كل هذا أن ينأوا بأنفسهم عن أي شبهات قد تثير الفتن. لذلك كما يري د. هاشم أنه لا يصح أن تكون بيوت الله مقرا للدعاية الانتخابية أو الترويج لحزب ديني وان يبعد نفسه عن إقناع فئة بقول "نعم" للدستور أو "لا".. كما يجب ان يبتعد أي إنسان من توزيع منشورات داخل المسجد أو نعلن أي فرد برنامجه في بيت الله فاستغلال المساجد في مثل هذه الأمور غير جائزة ولا تصح فالمسجد له حرمته وقدسيته ومهمته في نشر الدعوة الصحيحة انطلاقا من كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم. آثمون شرعا يؤكد الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف أن من يروج لنفسه أو أفكاره في بيوت الله آثم شرعاً ويستحق غضب الله عليه.. كذلك من يوزع هدايا مثل الملابس أو حجاب ونقاب أو حتي مأكولات ومشروبات فهذه رشوة يرفضها الإسلام لأن صوت الناخب أمانة ويجب ان يراعي أنه سوف يسأل عن شهادته يوم القيامة. يرفض الشيخ شوقي استخدام الدين كستار سواء في التصويت علي الدستور أو في أي دعاية انتخابية لأن ذلك يعبر متاجرة بالدين وأسلوب مرفوض يغضب اله فقد قال سبحانه وتعالي عن هؤلاء الناس "لهم في الدينا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" لذلك يجب علي كل مصري أن يحترم دستور أمته وقانون دولته. طالب الشيخ شوقي أئمة المساجد والعاملين إبلاغ الشرطة والمسئولية في الدولة ضد كل من ينتهك بيتوت الله في الدعاية أو الترويج لنعمه أو لا في الاستفتاء وكفي ما حدث في مسجد القائد ابراهيم في الإسكندرية. قال إن علي كل مسلم أن يتقي الله في تصرفاته وأقواله وأفعاله وأن يكون غيرورا علي مصلحة بلده ويراعي ضميره في كل ما يتعلق بشئون وطنه لأنه أصبح أميناً عليه وألا يخشي في الحق لومة لائم. كذلك لابد أن يكون الداعية متمتعا بحسن السير والسلوك وأن يكون علي خلق وثقافة تؤهلانه لأن يقوم بالمهمة التي توكل إليه. يقول الشيخ شوقي إنه ليس معني ذلك أننا ننادي بعزل الدين عن هذا العمل الذي هو تعاقد اجتماعي وهو الدين الدعوي لا الدين الحركي لكن في الوقت نفسه يجب علي كل إنسان أن يدرس نفسه ويدرس علاقته مع ربه فالتدليس والتزييف خيانة للأمة ومسخطة للرب وصاحبهما واع علي أبواب جهنم. رفض الدكتور طه حبيشي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر استخدام بيوت الله في الترويج لأي أعمال غير دعوته حيث يستغل البعض الحالة التي يكون منها المصلون وهم في حالة تسليم مطلقة للدين فينتهزون هذه الفرصة للتأثير عليهم وهم في هذه الحالة إذ الواحد منهم متوجه إلي بيت الله أمامه متصور للجنة عن يمينه وللنار عن يساره وملك الموت من وراء ظهره.. إنه في حالة حضور روحية علي كل حال ينتزها البعض لعب فكرة القناعة به وهو في حالة روحية تصرفه عن الدنيا وما فيها. هؤلاء ينبغي علي الأمة أن تكون شديدة الوعي بأهدافه وألا تسمع كلامه مادام قد استغل عواطفه الدينية لتسخيرها لاختيار خاطئ الإنسان لم يعمل إلا لصالحه أو صالح جماعته.. قس علي ذلك استغلال البسطاء بهدية يمكن إسباغ الصفة الدينية عليها كالربط بين الملابس والتدين وهو ربط لا يعرفه الإسلام ولا ينادي به.. فليس في الإسلام إلا ستر العورة بأي أسلوب يمكن أن تستر العورة به. ومن الأساليب المرفوضة التي يجب علي الأئمة ورجال الدين الابتعاد عنها الربط بين منح الصوت بنعمه أو لا في الاستفتاء بدخول الجنة أو رضا الله عزوجل.. فدخول الجنة ورضا الله لا يرتبطان بالاشخاص أفراد كانت أو جماعات.. وإنما يرتبطان بهذا التعاقد الاجتماعي وكيفيته.. فالتعاقد من جهة الناخبين يقوم علي أساس من الشهادة لهذا الفرد أو تلك الجماعة بالصلاحية لآداء مهمتهم.. والناخب في هذه الحالة أحد رجلين إما أن تتكون شهادته مطابقة للواقع فيرضي عند ربه ويدخله الجنة.. وإما أن تكون مخالفة للواقع فتكون شهادة زور تتدفع به إلي أن تكبه علي وجهه في النهار. وسائل علمية الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر تري ان هناك وسائل علمية وعملية لوحدة الدعاة والعلماء لمواجهة الأزمات التي تحدث في مصر حاليا حتي تعبر الأمة هذا المنعطف الأخير وهذا لن يتحقق إلا بالبحث عن السبل الي تخرجنا من هذا النفق المظلم وفي مقدمتها مصلحة الوطن والبث عن الاسباب التي مزقت الأمة بهذا الشكل. قالت د. نصير إنه لابد علي التأكيد من فتح باب الحوار بين المؤيدين والمعارضين للدستور.. فهذا أول خيط لحل هذه الأزمة.. لأن السباب والشتائم وأسلوب التخوين والتفكير والتشكيك كل هذه أعمال مرفوضة تؤجج الفتن وتثير الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. لذلك علي عقلاء الأمة أن يدعو لفتح آفاق من التعاون والتآذر لجمع كل التيارات علي مائدة مفاوضات لحسم هذه الخلافات والعودة للأمور الطبيعية التي كان يعيش الجميع من خلالها علي المودة وصلة الأرحام بعيداً عن الاعمال التخريبية وتعطيل المصالح. أشارت إلي أن هناك مغالطة في قول فصل الدين عن السياسة أو فصل الدعوة عن السياسة والأصح ان يتم فصل العلماء والدعوة من ممارسة السياسة لأن الداعية إذا أخطأ للأسف يتم نسبه إلي الدين وهذا ظلم للإسلام الذي علمنا كل المجالات ولم يقتصر علي مجال واحد.