"الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها!" تأملت طويلا هذا القول المأثور أو الحكمة التي نتذكرها عند وقوع الحدث. ثم نتركها تعود للنوم بعد ان نفرغ شحنات الغضب والاستياء في مقالات تنشر او احاديث نتبادلها في التليفزيون أو الاذاعة او الصحف والمجلات. لماذا نتركها تذهب للنوم بكل مخزونها من الكراهية والحقد والمغالطات لتعود تفاجئنا بالاستيقاظ من حين لاخر وقد تكون اشد ضراوة من سابقاتها؟! ما موقفنا الحقيقي من الفتنة؟ لماذا لانقدم للفتنة الكأس الملكية حتي تتجرعه وتموت. ولاتعود للاستيقاظ مرة اخري؟! هذا ماطاف ببالي وأنا أتابع مايكتب وينشر ويبث عن الحدث الشنيع الذي جري ليلة عيد الميلاد امام كنيسة القديسين بالاسكندرية الذي اعاد ذكري العمليات الارهابية التي انتهت منذ التسعينات والتي بدأ شبحها في الظهور مرة اخري هذه الايام .. فمن المستفيد؟ الحقيقة التي أكدها الجميع ان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر جيدة جدا وان الخلافات التي تنشب بينهم احيانا لها ابعاد اجتماعية واقتصادية تحدث باستمرار بين اصحاب الديانة الواحدة. وان محاولات اشعال الفتنة الطائفية داخل مصر من وقت لاخر يستفيد منها العدو الامريكي والاسرائيلي والذي من مصلحته الضغط علي مصر بكل الاوراق للتأثير في القرار السياسي من أجل مصالح استعمارية! وتوقعت نفس السيناريو الذي ننفذه في كل مرة عندما تستيقظ الفتنة لنلعن الذي أيقظها. ونتباري في ايهام الناس بأن مصر بخير. وان ابناء مصر من المسلمين والمسيحيين سوف يتعانقون ويتذكرون الماضي واحداثه التي جرت فيها فتن طائفية فتغلبنا عليها بحكمة المصريين ووطنية الاقباط والمسلمين الذين يرفضون تلك الاحداث التي يبثها المتعصبون من الطرفين! وما ان تهدأ النفوس ويطوي النسيان الحدث حتي تعود الامة الي مسيرتها. وتذهب الفتنة الي النوم بعد ان لعنها الجميع الف مرة. وتذكر المصريون تلك المواقف التي جرت في الماضي تأكيدا لوحدة الامة. وان الاقباط والمسلمين نسيج واحد في وطن واحد. والحقيقة ياقوم ان مصر يعيش فيها شعب فريد من نوعه وليس كبقية شعوب العالم.. شعب محب للسلام يكد ويكدح من صباح ربنا لمساه.. شعب راض وقنوع ويؤمن بالقضاء والقدر بما قسمه الله له. وهو شعب شديد الايمان بالله سواء كان مسلما أو مسيحيا.. حقيقة هذه الحادثة البشعة جعلتني اقدم التعازي في الضحايا قبل التهنئة بعيد الميلاد المجيد فاختلطت مشاعر الحزن بالابتسامة والفرحة الباهتة مع اصدقائي د. سامي نقولا وميلاد اسحاق زخاري وهاني خليفة ومختار وانسي وعيد زكي برنابة وعريان وغيرهم وهم اخوة افاضل نفرح معا ونحزن ايضا معا.