أكد د. جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس ان المجتمع المصري يدفع الآن ثمن صمت القوي السياسية عن رفض الاعلان الدستوري الصادر من المجلس العسكري في 30 مارس بإلغاء العمل بدستور 71 وهو الأمر الذي لم يستفت عليه الشعب وهو سبب الأزمة التي نعيشها حالياً. كشف د. جمال عن ان مصر علي موعد مع أزمة أخري غداً إذا أصدر القضاء حكماً بحل مجلس الشوري والجمعية التأسيسية مؤكداً ان الاسراع بإصدار الدستور الجديد وطرحه للاستفتاء لن يحل الأزمة مطالباً بضرورة تغليب المصلحة العامة حتي لا تدخل البلاد في مرحلة صدام وشلل واضطراب وفوضي يستغلها أعداء الوطن والمتربصين به في الداخل والخارج. وفيما يلي نص الحوار: * في البداية.. ما رأيك في نقل جماعة الإخوان للمليونية الخاصة بتأييد الرئيس والاعلان الدستوري من ميدان التحرير إلي ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة؟! ** بالتأكيد هي خطوة جيدة تمنع حدوث صدام دموي بين المؤيدين والمعارضين وجنب البلاد ويلات ومخاطر كثيرة. * ولكن.. هل معني ذلك ان الأزمة انتهت خاصة بعد تأكيد الرئيس محمد مرسي انه لن يتراجع عن الاعلان الدستوري في حواره الأخير مع التليفزيون؟! ** بالطبع لا.. الأزمة مازالت مستمرة.. وأنا أري الاسراع بإصدار الدستور وطرحه للاستفتاء لن يحل الأزمة بل يزيدها تعقيداً .. ويعد محاولة لفرض أمر واقع جديد علي المجتمع المصري. ووضع الجميع أمام موقف صعب يتلخص في انهم إذا أرادوا إلغاء الاعلان الدستوري فعليهم الموافقة علي الدستور المطروح.. وهذا الموقف في حد ذاته أزمة جديدة لأن تصديق الرئيس علي مسودة الدستور وطرحه للاستفتاء سيخلق وضعاً صعباً وسؤالاً مهما هو: من الذي سيشرف علي هذا الاستفتاء في ظل الموقف المعلن من القضاء ضد الاعلان الدستوري؟ .. وإذا تم إسناد الإشرف علي الاستفتاء لجهة غير قضائية سيصبح الأمر غير شرعي. ناهيك عن دعوات المقاطعة من القوي السياسية المختلفة. وندخل مرحلة جديدة من الاستقطاب والصدام تستمر لمدة طويلة رغم محاولات التسويق من جانب الرئيس والجماعة للأمر بشكل يحاول نقل الضغوط من علي مؤسسة الرئاسة إلي القضاء الذي لا يريد الاشراف علي الاستفتاء.. وللأمانة الدستور لا يتم اقراره بمنطق الأمر الواقع أو اللحظة الحرجة.. هذا ليس منطقا يسهم في حل الأزمة.. أضف إلي هذا ان مصر مقبلة علي أزمة جديدة غداً عندما تنظر المحاكم الدعاوي ببطلان الشوري والجمعية التأسيسية.. وإذا قال القضاء كلمته بالبطلان سندخل في مرحلة جديدة حيث سيزيد ذلك من قوة موقف القوي الرافضة وسيتزايد الاحتقان. وإذا تم الاصرار علي الدستور رغم ذلك سيظل موصوماً بأنه "دستور الإخوان" وسيعتبر مؤقتاً لحين زوال السلطة المصدرة له ولن يخرج عن كونه دستورا مؤقتا في النهاية. إعلان مارس * بصراحة.. ما الذي أوصلنا إلي هذه المرحلة؟! ** بكل وضوح المجتمع كله بما فيه القوي السياسية المدنية يدفع ثمن الصمت أو الغفلة عن رفض الاعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في 30 مارس 2011. فالمعروف ان الشعب عندما عرض عليه الاستفتاء في 19 مارس لم يخرج الأمر عن الموافقة علي الإبقاء علي دستور 71 مع إلغاء المواد المعيبة التي وسّعت من سلطات رئيس الجمهورية وتم تفصيلها من أجل الوريث جمال مبارك لذلك كان الاستفتاء يتضمن الإبقاء علي الدستور مع إلغاء ال9 مواد المعيبة وهذا هو ما وافق عليه الشعب. إلا أن المجلس العسكري خرج علينا في 30 مارس بإعلان دستوري أعلن فيه إلغاء العمل بدستور ..71 والغريب أن كل القوي المدنية والإخوان لم يعترضوا علي هذا الاعلان الذي صدر من سلطة أمر واقع وسلطة قهرية ليست منتخبة وكان يجب علي الجميع الاعتراض علي هذا الاعلان الدستوري مثلما يعترضون علي الاعلانات الدستورية الأخيرة الصادرة من رئيس الجمهورية.. وللعلم ففي كل دساتير العالم لا يملك رئيس دولة إصدار اعلان دستوري. وهذا الحق لا يخوّله الدستور لأي رئيس دولة حتي إذا أراد هذا الرئيس طلب تعديل للدستور. عليه طلب الأمر من البرلمان. وإذا وافق عليه يتم طرحه للاستفتاء.. ولذلك فإن المجتمع يدفع الآن ثمن صمت وتواطؤ كل القوي السياسية التي لم تعارض ذلك الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس .2011 الحل * والحل؟! ** لا بد أن يتراجع الرئيس ويقوم بإلغاء الاعلان الدستوري اعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ووضع دستور توافقي.. التوافق هو الحل. * ولكن البعض يعتبر ان تراجع الرئيس يمثل إهانة واهتزاز لصورته بعد مسلسل التراجع عن قرار إقالة النائب العام أول مرة وقرار عودة مجلس الشعب؟! ** لا يجب النظر للأمر في هذا الاطار. فالتراجع ليس إهانة للرئيس الذي أكد أكثر من مرة انه مستعد لتغليب المصلحة العامة. ولا يوجد أي عيب في التراجع عن قرار ثبت انه قد يدخل البلاد في أزمة سياسية واقتصادية يستغلها المتربصون بالوطن في الداخل والخارج ويدخل البلاد في مرحلة صدام وشلل واضطراب وفوضي.