مازالت أجواء الأحزان تخيم علي أهالي قري مركز منفلوط بأسيوط الذي شهد مصرع 54 طفلاً وطفلة في عمر الزهور بعد اقتحام القطار للأتوبيس الذي يقلهم ودفعه لأكثر من 2 كم لتتناثر أشلاء الضحايا مخلفة أحزان في القلوب ومآسي تحكي عنها السطور التالية لأهل الضحايا الذين انعقدت ألسنتهم خلال الأيام الثلاثة الماضية ولكن بعد أن استفاق البعض طالبوا بحقهم في القصاص من كل المتورطين في الحادث الذي اغتال أبناءهم. مازالت مشاعر أحمد عبدالله والد الطفل عبدالرحمن الذي لقي مصرعه في الحادث متضاربة ما بين التماسك والانهيار ولا سيما أنه كان يقوم بدور محفظ القرآن للأطفال. وأنه من يراهم وهم يخرجون مخارج الحروف في قراءتهم أفضل من الكبار. بينما قال الفنان طارق الدسوقي سفير الإغاثة الإسلامية عبر العالم انه حزين للغاية لما شاهده أثناء زيارته لأسر الضحايا بأسيوط متعجبا من أن مطلب أولياء أمور الشهداء هو فقط سرعة عمل المعهد الأزهري بالمندرة لإنقاذ باقي أولادهم من الموت. مع تقديم المسئولين عن ذلك للمحاكمة العاجلة مشيراً إلي أنه سيوجه من خلال الإغاثة الإسلامية نداء عاجلا لكل المسئولين واعداً أهالي الضحايا بأنه سيقدم دعما كبيرا لإنشاء معهد الشهداء واصفاً مطالب أهالي الضحايا بأنها أقل من المشروعة. عبر اتحاد شباب الثورة بأسيوط في بيان له عن اقتراحه بتغيير اسم المندرة لاسم "الشهداء" وإن كان مجرد شيء رمزي فإنه يمثل أهمية كبري بالنسبة لأهالي الأطفال ولنا جميعا حتي تظل ذكراهم محفورة في ذاكرة الوطن. صرخ الحاج طلعت سيد جد الطفل "سيد ياسر" الذي يرقد في المستشفي الجامعي بين الحياة والموت قائلاً: فقدت خمسة في لمح البصر. فحافظوا لي علي الضحية السادسة بعدما تم استئصال الطحال له و1.5 متر من الأمعاء وفص من الكبد وبكي بحرقة وهو يقول محمد أشرف مات. وفارس أشرف مات. وأحمد أشرف مات. ومنة ياسر ماتت. وعلاء سيد مات ولم يتبق لي سند في قريتي بني سند إلا الطفل سيد ياسر. أضاف ان ما حدث إهمال شنيع ولابد من محاسبة المسئولين عنه. أضاف والد محمد وفارس وأحمد قائلاً: مينفعش العامل يكون كبش فداء لوحده. حاسبوا كل المسئولين عن تلك الكارثة. سادت حالة من الحزن الشديد أسرة المدرسة الشابة التي لقيت مصرعها في الحادث حيث أكد أفراد أسرتها انهم فقدوا أفضل زهرة في العائلة بوفاة نجلتهم هناء جميل العربي "21 سنة" في هذا الحادث الأليم. وقالت أميمة شقيقتها الكبري والتي لم تتمالك نفسها من هول الصدمة إن هند تخرجت بامتياز العام الماضي في كلية التربية قسم طفولة. وكانت مرشحة لتكون معيدة بالجامعة باعتبارها من العشر الأوائل علي الكلية. وقررت أن تعمل في هذا المعهد لاقتناعها برسالة المعلم التربوية لحين يأتيها تكليف الجامعة ونذرت أن تكسو طفلين من أبناء العائلة في كل شهر فور تسلمها راتبها وقد فعلت ذلك مع الراتب الأول والثاني ولكن اغتالتها يد الإهمال لتترك وراءها فراغاً لا يملؤه كل اخوتها. صرخ عم الطفلة "سارة رفعت" 5 سنوات قائلا: عندما مات حفيد مبارك أعلن الحداد في مصر لمدة ثلاثة أيام وتفنن الجميع في تقديم التعازي. لكن وفاة 54 طفلا لم يمنع إذاعة مباراة الأهلي التي احتفل بها الجميع. ولم يقفوا دقيقة حداداً علي أرواح الضحايا وكافة القنوات كانت تمارس نشاطها بشكل طبيعي وكأن شيئا لم يكن. بصرخة مدوية أطلقها والد الطفل أحمد فوزي حسين الطالب بالصف الأول الابتدائي وعم الطفل مصطفي عرفة حسين الطالب بالصف الثاني الابتدائي "الحمامة طارت يا بويا.. ومين هايشجعني علي حفظ القرآن" بهذه الكلمات انخرط والد الضحايا في موجة من البكاء الهستيري وهو يردد هذه الكلمات قائلاً ابني كان يحفظ القرآن معي ويشجعني علي الحفظ. من سيساعدني علي الحفظ يا بويا وهو ما جعل الدموع تنهمر من أعين الحاضرين ممن ذهبوا لتقديم واجب العزاء لأسرة الضحية. أما أسرة أحمد مصطفي الذي يعمل مدرسا بالثانوية العامة فكان نصيبها من هذا الأليم اصابة نجليها محمود وحسنية. اللذين يدرسان في معهد النور الأزهر. حبيبة تدرس بالصف الثاني الابتدائي. بينما محمود في ثانية حضانة. تقول الأم التي أصرت أن تنادي باللقب أم حبيبة يعلم الله ماذا كان شعورنا وقت أن وقع الحادث. فقد جاءني الخبر بوفاة ابني فذهبت إلي مستشفي منفلوط لأبحث وسط أكوام الجثث التي بلغت أكثر من 50 جثة والكثير منها مشوه المعالم ففكرت في التعرف علي أولادي من خلال الجوارب وهي الميزة الوحيدة فلم أجدهم من بين الضحايا فقلت في نفسي انهما اشلاء وعاودت الكرة مرة تلو الأخري لكي أتعرف عليهما ولكن دون جدوي حتي جاءني خبر بأن حبيبة علي قيد الحياة من خلال أخي عبدالحي محمد محمود الذي أكد علي أنه بصحبة جثتيه وفي طريقه لمستشفي الجامعة وانها مصابة. وكذلك بالنسبة لمحمود فعدت إلي المنزل وصليت ركعتي شكر لله وقراءة سورة "يس" ثم ذهبت للمستشفي الجامعي لأبقي بجوار ابنتي. بينما يقول الوالد أحمد مصطفي: تم عمل جراحة لمحمود بتوصيل يده من خلال الجراحات الميكروسكوبية بعد أن بترت بالكامل في الحادث بعد جراحة استمرت أكثر من ست ساعات عشناها علي أعصابنا والحمد لله إذ نقدم الشكر للدكتور طارق الجمال الذي قام بهذه الجراحة النادرة في وقت قياسي فهو ما يؤكد علي تميز الخدمة التي تقدم في المستشفي الجامعي بأسيوط. بينما تطالب حبيبة التي مازالت تتلقي العلاج في المستشفي الجامعي بأن تمكث في المستشفي بجوار شقيقها محمود حتي يخرجا سوياً. وتعاود أم حبيبة الحديث مرة أخري قائلة: رغم فرحتي بنجاة أولادي إلا أننا أصابنا الحزن العميق لوفاة ابن عمهم مصطفي عزت مصطفي وهو ابنهم الوحيد تاركاً والدته ووالده في حالة انهيار تام. من مأساة إلي مأساة تعيش طريحة الفراش سعاد عبدالتواب عبدالسلام "36 عاما" التي تعمل مشرفة نظافة بمعهد النور الابتدائي لديها من الأطفال ثلاثة تكد وتتعب عليهم ليل نهار من خلال قيامها بدور الأب والأم لتعوضهم عن غياب الأب الذي طلقها منذ عدة سنوات لتكون العائل الوحيد لهم.. وهي ترقد علي فراش العرض بعد إجراء جراحة لها في الوجه والقدم اليسري.. قالت بكلمات تملؤها المرارة وتكسوها الأحزان عن الآلام الرهيبة التي تركها الحادث في نفوسهم. خاصة ان أغلب الضحايا من الأطفال . تقول والدة سعاد أطالب بمحاكمة المسئولين بالسكة الحديد وخاصة عامل المزلقان. يطالب الحاج حنفي عثمان من المندرة خال المصابين أروي وروان وجد الفقيد هشام: لقد أصابتي الحادث بالذهول بعد أن فقدت حفيدي الوحيد علي بنات وكنت آمل أن يكون عونا لشقيقاته في المستقبل ولكنها إرادة الله.