خلال العقود السابقة.. كنا نفتقد إلي العمل الأهلي المنظم في صورة مؤسسات أو جميعات أهلية تتبني تنفيذ مشروعات كبيرة ومفيدة للمجتمع. وكانت أي جهود للقيام بذلك تقابل بالتهميش والضغوط والتضييق عليها حتي لا يظهر للوجود سوي الجمعيات التي كانت تتبناها قرينة الرئيس.. مثل جمعية "الوفاء والأمل" التي تبنتها السيدة جيهان السادات والجمعيات أو المشروعات التي تبنتها قرينة الرئيس السابق! وبالطبع فقد كان الهدف من ذلك تسليط الضوء - إعلاميا واجتماعيا - علي أنشطة قرينة الرئيس من خلال هذه الجمعيات. دون ان يزاحمها أحد في مثل هذه الأنشطة التي تعطي انطباعاً إيجابياً جيداً للسيدة التي تنسب لها هذه المشروعات والجمعيات والأنشطة.. وكان الإعلام عادة ما يبالغ في تسليط الضوء عليها تزلفا ونفاقاً.. أو خوفاً واتقاء. الآن بدأ مجال العمل الأهلي يتسع.. وأخذت الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في الظهور بشكل كبير.. ورأينا منها ما هو مهتم بالسياسة وما هو مشغول بالعمل الخيري أو بتقديم مشروعات تفيد المجتمع وتنهض به وتحل مشاكله. منذ فترة ظهرت مؤسسة مصر الخير التي يرأس مجلس أمنائها فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة ويشارك في انشطتها.. حيث تتبني هذه الجمعية من خلال جمع التبرعات والصدقات مشروعات يمكن وصفها بأنها مشروعات قومية أو شبه قومية ومنها مكافحة التسرب من التعليم ومحو الأمية ورعاية المتفوقين ودعم البحث العلمي. علاوة علي برامج التكافل الاجتماعي وتوصيل المياه للمنازل المحرومة وشراء المواشي لفقراء الفلاحين. بخلاف المساعدات العينية من أطعمة وملابس. ومنذ أيام سمعنا عن مؤسسة "معا" وهي جمعية خيرية تتولي جمع التبرعات والمساهمة بأفكار جديدة للمعاونة في بناء المساكن وحل أزمة العشوائيات. وأعلن د. هشام قنديل رئيس الوزراء توقيع اتفاق إقامة مدينة سكنية بالقاهرة مساحتها 60 ألف فدان علي طريق القاهرةالإسماعيلية لنقل إحدي المناطق العشوائية متوسطة الخطورة إليها.. وتديرها المؤسسة لمدة خمس سنوات بحيث تصبح مجتمعاً متكاملا. ولكي نعطي كل ذي حق حقه.. فإن الفنان الكبير محمد صبحي يبذل جهوداً كبيرة في هذه المؤسسة وهو من الفنانين المحترمين أصحاب الفن الهادف وأصحاب الرؤي متسعة الأفق. حيث صرح عقب الاتفاق بأن المدينة تضم وحدات سكنية وسيتم مساعدة السكان الجدد ثقافيا ودينياً وزراعياً وصناعياً من أجل إقامة مجتمع متكامل.. ومن خلال هذه المؤسسة تبرعت الجالية المصرية بفرنسا بإنشاء خمسة مستشفيات في خمس مدن يضاف إلي ماسبق جمعية "رسالة" الشهيرة والتي برز نشاطها مؤخراً مقارنة بما كانت عليه من قبل.. وهي تعمل أيضا في مجالات متعددة اعتماداً علي التبرعات والاعمال التطوعية للشباب.. وتنظم قوافل لتنظيف ودهان دور العبادة والمدارس اضافة إلي إقامة مدارس جديدة.. ويقوم أعضاء الجمعية أيضا بزيارة القري الفقيرة ومساعدة سكانها. وقبل أيام أيضا.. أعلن رجل الاعمال ابراهيم العربي - خلال لقائه الدكتور عبدالقوي خليفة - عن استعداده لتوصيل الصرف الصحي لعشرات القري المحرومة.. وقال في تصريحات له: "إن المال مال الله والانفاق في هذا المشروع واجب ديني وقومي". النماذج السابقة.. جاءت علي سبيل المثال لا الحصر.. فالاستعداد لفعل الخير مغروس في داخلنا.. ولا يفرق بين رجل دين ورجل أعمال وفنان وغير ذلك من المهن والتخصصات.. لكن القيم الوافدة إلينا من الغرب. خصوصا "السُعار الرأسمالي". تعمل علي طمس أجمل ما فينا.. وإن كان في الغرب نفسه الكثيرون ممن يقومون بأعمال خيرية. ومع ذلك لا يجذبنا ولا يلفت نظرنا سوي النماذج السيئة! ليتنا نتعلم من السلوكيات الإيجابية والنماذج المضيئة ونري آلاف الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال الذين يسعون إلي عمل الخير دون منَّ ولا أذي ولا يبغون من وراء ذلك سوي وجه الله ومصلحة الوطن. ** أفكار مضغوطة: لا تقل أبداً إنك لا تملك الوقت الكافي.. فجميع العظماء لم يزد يومهم علي 24 ساعة! "جاكسون براون" كاتب أمريكي