في ظل انفلات الأسعار الذي يستنزف جيوب المواطنين ويلهب ظهور الفقراء ومحدودي الدخل تشتد الحاجة لتفعيل دور الجمعيات العاملة في مجال حماية المستهلك والتي من حقها قانوناً رفع دعاوي قضائية ضد التجار الجشعين لردعهم عن رفع أسعار السلع بلا مبرر. "المساء" التقت سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حمية المستهلك. مقررة المجلس القومي للمرأة -فرع القاهرة- والتي تأخذ علي عاتقها تحقيق سلامة الغذاء والأمن الغذائي وتوفير السلع بأسعار مناسبة. والحد من غلاء الأسعار وجشع التجار. حاولنا التعرف علي أفكار ورؤيتها لكيفية حماية المستهلك وخطط الاتحاد النوعي لحماية المستهلك والمجلس القومي للمرأة بهذا الشأن في الحوار التالي: * ما الخيط الذي يربط المرأة بحماية المستهلك؟ ** المرأة تحتل أكبر قوة شرائية في الأسرة وتوعيتها أمر ضروري لحمايتها من جشع التجار. ومن هذا المنطلق وقع المجلس القومي للمرأة مؤخرا بروتوكول تعاون مع جهاز حماية المستهلك لتوعية المرأة بحقوق المستهلك وتحقيق السلامة والأمن الغذائي وتوفير السلع بأسعار مناسبة والحد من جشع التجار والمغالاة في الأسعار. ويتضمن التعاون تنظيم دورات تدريبية وعقد لقاءات دورية بين المجلس وجمعيات حماية المستهلك لنقل شكاوي المرأة فيما يتعلق بمجال حماية المستهلك. * وماذا عن الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك بعد اختيارك رئيسة له؟ ** بداية.. الاتحاد النوعي أنشئ عام 1997 ليكون مظلة لجميع جمعيات حماية المستهلك في المحافظات وعددها 60 جمعية ومهمته رسم سياسات الجمعيات. وهو ممثل في جهاز المنافسة ومنع الاحتكار ويتعامل مع جميع الهيئات المنوط بها حماية المستهلك. وهي شراكة حقيقية وليست ورقية. فنحن نتعامل مع وزارة التموين وكافة أجهزة الرقابة الصناعية والصحية ومن لهم حق الضبطية القضائية. وكلها أجهزة تمثل خطوط دفاع لحماية المستهلك. فأي سلعة لابد أن تكون مطابقة للمواصفات القياسية. وهي مهمة الرقابة الصناعية. أما التموين فيتصدي للغش التجاري والموازين خاصة في المخابز وأنابيب البوتاجاز وكل السلع المدعمة. * وماذا عن خطة الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك في المرحلة المقبلة؟ ** تتم حالياً إعادة هيكلة للاتحاد لتفعيل دوره بالأسواق وتوفير الحماية اللازمة للمواطنين في ظل العشواية التي تحكم الأسواق في الوقت الراهن والتي أصبحت سمك. لبن. تمر هندي. فالأرصفة حافلة بالسلع المغشوشة.. وكل شيء يباع عليها سواء أغذية مهرمنة أو منتجات مغشوشة.. مضيفة انه سيتم فتح باب العضوية لجميع الجمعيات والبالغ عددها 60 جمعية علي مستوي الجمهورية لجذب خبرات وكفاءات جديدة. وتتضمن خطة عمل الاتحاد أيضا التنسيق مع جميع الجهات العلمية للاستفادة من الدراسات المتوافرة لديها لتطوير الأسواق. وأولي خطوات التعاون هو توقيع بروتوكول تعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية يعقبها خطوات مع الجهات ذات العلاقة المباشرة لحماية المستهلك سواء أجهزة حكومية أو منظمات مجتمع مدني حتي يكون للجمعيات دور إيجابي في الشارع وأن يكون تأثيرها مباشراً وملموساً في ضبط حركة الأسواق وتوفير الخدمات الملائمة للمواطنين. * وماذا عن دور الاتحاد في توعية المرأة؟ ** قالت: ندرك أن المرأة هي الأكثر شراءً وتعاملاً مع الأسواق ونسعي لرفع وعيها وتثقيفها لأنها المدرس الأول لطفلها وهي المسئولة عن أسرتها. ولهذا نقوم بتدريبها علي كيفية تعاملها مع السوق وأنظمة التغذية المناسبة لأطفالها لأن ذلك يصب في صحة الأسرة وأمنها الغذائي خاصة ان المجتمع طرأت عليه أنماط استهلاكية لم نكن نعتادها وعلي رأسها الوجبات السريعة التي أصابت أطفالنا بالسمنة والأمراض المختلفة. فأصبحنا نري بعض الأسر تتردد علي أطباء التخسيس لاتباع نظام ريجيم لأطفالها وتجويعهم وإرباك حياتهم دون داع.. ومن هنا تأتي أهمية التركيز علي المرأة لأنها المسئولة الأولي عن أسرتها ويتوازي ذلك مع الأهداف التي يتبناها المجلس القومي وهي توعية المرأة وتثقيفها ورفع مستواها الفكري والتركيز علي المناطق العشوائية باعتبارها الأقل حظاً في الخدمات والأكثر فقراً حتي ان البعض قال إن الفقر له وجه امرأة. ومن خلال برامج مجلس قومي المرأة تتصدي لفقر المرأة وأميتها وهي علي قمة أولويات فرع المجلس وتوفير فرص عمل للمرأة للحد من الفقر. خاصة للأسر التي تعولها امرأة. * وماذا عن التحديات والعقبات التي تواجهها جمعيات حماية المستهلك؟ ** الشيء الذي يجب أن يعلمه الجميع أن جمعيات حماية المستهلك ليست جمعيات إنتاجية ولكنها ثقافية وهي جمعيات تعاني من نقص التمويل. وكما قلت لوزيرة التأمينات والشئون الاجتمماعية انها جمعيات يتيمة بلا راع بخلاف العديد من الجمعيات التي تجد الدعم المادي والمساعدات المادية فعلي سبيل المثال جمعيات البيئة يدعمها جهاز شئون البيئة والجمعيات الثقافية تدعمها وزارة الثقافة. وهكذا.. ولكم أن تتخيلوا أن ميزانية الاتحاد متواضعة وقيمتها 2300 لا تكفي لترجمة أفكارنا في عقد ورش العمل أو تدريب الكوادر أو حتي توفير جهاز كمبيوتر للاستعانة به في أداء مهامنا.. رغم أن جمعيات حماية المستهلك أصبحت ضرورة مجتمعية لمواجهة الانفلات في الأسعار والجشع والغش التجاري علي الأرصفة وفي الأسواق العشوائية التي تقدم السلع الفاسدة للمواطنين. وعموماً.. نحتاج لآليات وأدوات تساعدنا علي أداء مهامنا في الشارع المصري. * دائماً ما توجهين النقد لوسائل الاعلام وتعتبرين دورها سلبياً في هذا المجال؟ ** لا ينكر أحد ان الاعلام يلعب دوراً أساسياً في نشر ثقافة المستهلك. فالجمعيات وحدها لا تستطيع تغيير عادات وثقافات المجتمع.. ولكن للأسف الاعلام دوره هامشي وسلبي في مواجهة قضايا المستهلك. والدليل هو الاعلانات المضللة التي تنطلق بلا رقيب. * وماذا عن مرصد الاعلانات الذي طالبتِ من قبل بإنشائه؟ ** قالت: أعترف أن الرقابة علي الأسواق غير قادرة علي رصد السلع المغشوشة في وقت تعاني فيه مصر من مشكلة صناعات بير السلم وكلها سلع رخيصة. لكن يدفع المستهلك ثمنها غالياً من صحته. أما الاعلانات المضللة فهي قضية أخري تحتاج لثورة للقضاء عليها. فإعلانات الفضائيات تطاردنا.. بالأعشاب السحرية التي تعالج جميع الأمراض واللاصقات الخرافية التي تخلص الجسم من السموم والسيجارة الالكترونية بنكهاتها المختلفة التي تساعد المدخن علي الاقلاع عن التدخين. والعسل النبوي وغيرها من اعلانات لا تخضع لرقابة وزارة الصحة وتنشرها القنوات الفضائية دون غربلة ودون رقيب ولا تفكير في حجم الضرر الذي تلحقه بالمواطنين.. ولابد من تفعيل القانون من قبل وزارة الصحة وتطبيق مواثيق العمل الاعلامي. * هل هناك آليات لمساعدة المواطنين ولتوعيتهم بخطورة ذلك؟ ** قالت: إن جهاز حماية المستهلك يخصص خطاً ساخناً يحمل رقم 19588 لتلقي شكاوي المواطنين واستفساراتهم. وفي نفس الوقت توعيتهم.. وأؤكد أنه آن الأوان ان ننظر للجودة قبل السعر. ولابد أن يعي الجميع أن كيلو الشيبسي المكشوف الذي يباع علي الأرصفة بأسعار رخيصة يدفعون ثمنه أضعافا مضاعفة من صحتهم وغير ذلك من سلع مستفزة. * رأيك في ظاهرة التحرش التي أصبحت تهدد المجتمع المصري. وما هي جهود المجلس القومي للمرأة في التصدي لها؟ ** أري أن التحرش ظاهرة ذميمة ودخيلة علي المجتمع المصري المعروف فيه الرجل بشهامته ومروءته. وإن كانت هناك أسباب ودوافع حتي رأينا هذه الظاهرة منها ارتفاع سن الزواج. والبطالة التي يعاني منها الشباب في وقت يفقد فيه الأمل في الحصول علي وحدة سكنية بشروط ميسرة تناسب أوضاعه الصعبة. فضلاً عن الفراغ الذي يعيشه في وقت نري فيه الشباب الذي يعمل ولديه أمل لا يفكر في هذه الأمور إطلاقا.. الملفت للنظر أن تحدث هذه الظاهرة في بلد كمصر المعروف عنها التدين.. وبالطبع نعيش حالة من التناقض الاجتماعي الغريب.. وعموماً هناك حملة يتبناها المجلس تحت عنوان "معاً ضد التحرش". * ما هو دور الأحزاب التي زاد عددها في الشارع المصري في حل مشاكل هؤلاء الشباب؟ ** قالت: أناشد الأحزاب الالتفات للقضايا المجتمعية التي تمس الظروف الحياتية للمواطنين بدلاً من الانشغال بالصراع السياسي للحصول علي مكاسب سياسية. وأن يصبح التنافس الحقيقي لهذه الأحزاب حول ما قدمته بشكل فعلي للمواطنين وحل مشاكلهم وألا يكتفوا بتقديم التهاني للمواطنين في الأعياد والمناسبات. * ونحن نحتفل بعيد الأضحي المبارك ما نصيحتك للمرأة المصرية عند شرائها اللحوم؟ ** قالت: للأسف معدة المصريين أصبحت سمك. لبن. تمرهندي.. لحوم من الهند واستراليا والبرازيل والسودان.. وللأسف سمعنا أن كثيرًا من الشحنات مهرمنة وخطر علي صحة الإنسان. تساءلت: لماذا الاعتماد علي الاستيراد؟!.. لماذا لا يتم إحياء مشروع البتلو والاهتمام بالثروة الحيوانية حتي الأسماك استوردناها من الخارج.. إلي متي نعيش في دوامة حتي أصبحنا نتعرض لفقر غذائي بجانب الفقر المائي.. وفيما يتعلق باللحوم أنصح ربة البيت بمراعاة الأختام علي اللحوم وشرائها من أماكن موثوق فيها وليس من الطرق السريعة ومراعاة اللحوم من حيث اللون والرائحة والملمس. * حذرت من تعرضنا لأزمة غذائية ونقص متوقع للمخزون السلعي خلال الأشهر المقبلة.. فلماذا؟ ** قالت: بالفعل نحن معرضون لأزمة غذاء لأننا نستورد 60% من احتياجاتنا ولابد من إعادة النظر في سياستنا الزراعية.