* أصبح في حكم المقرر تعديل مسمي الشوري إلي مجلس الشيوخ في الدستور الجديد.. كيف ترون هذه الخطوة؟ ** المسمي هنا يلعب دورا كبيرا حيث أري ان الذين سيضمهم المجلس الجديد سيكونون شيوخا وأساتذة في مختلف المجالات والتخصصات المختلفة ومن ثم سيخرج أي تشريع من المجلس علي درجة عالية من الاتقان سواء في الصياغة أو مواكبة الواقع الذي نعيشه وكذلك استشراف المستقبل في إصدار قوانين ثابتة ومستقرة ترسخ قيم العدالة. مؤكدا ان دراسة القوانين تتم بصورة متأنية ولا يتم سلقها كما كان يحدث في السابق وكل هذه الخطوات لن تقلص من صلاحيات الشوري بل ستكون هناك إضافة اختصاصات للمجلس تمكنه من أداء دوره في الحياة البرلمانية. مجلسان منتخبان * إذن الخطوة نحو وجود برلمان بغرفتين أمر جيد؟ ** بالتأكيد لا خلاف علي هذا التوجه وقد كان قائما بالفعل منذ دستور 23 ومنذ ذلك التاريخ صدرت عدة قوانين بلغت 550 قانونا لم يطعن علي واحد منها بعدم الدستورية. لهذه الأسباب أؤكد ان خروج التشريع من خلال مجلسين منتخبين سيضمن تشريعات أكثر نضجا واستقرارا في وقت نحتاج فيه هذا الأمر بشدة لكي نعالج الأخطاء والثغرات التي عانينا منها طوال الفترة الماضية فقد كنا نجد خروج تشريعات لا تراعي مصالح الغالبية العظمي من المواطنين ولكنها تصب في مصلحة فئة قليلة للغاية لا تعبر عن جموع الشعب كما ان خضوع القوانين لدراسة المجلسين سيقضي علي مشكلة جسيمة نعاني منها الآن وهي تعرض معظم القوانين للطعن أمام المحاكم بشبهة عدم الدستورية مما كبد الدولة الكثير من الأضرار والأعباء في المال والوقت من هنا أود التأكيد علي انه إذا كنا نسعي جميعا لبناء دولة القانون والمؤسسات فيجب ان تختفي إلي غير رجعة القوانين المليئة بالعيوب والثغرات أو التي لا يتم تطبيقها بسبب ما يشوبها من أخطاء. قوانين معيبة * ما أبرز القوانين التي ترونها مثالا صارخا لما تشيرون إليه؟ ** القوانين متعددة ومتشعبة وعلي سبيل المثال هناك القانون 100 الخاص بالنقابات المهنية الذي قيدها وكبل حركتها رغم ان النقابيين يمثلون شريحة من المجتمع لا يستهان بها من الممكن ان تساهم بشكل كبير في دفع وبناء الوطن. كذلك ينطبق نفس الأمر علي قانون الايجارات المعيب الذي زاد من حدة مشكلة الإسكان أكثر مما ساهم في حلها وكانت له تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية. مجلس الشيوخ * هل يمكن ان يمارس مجلس الشيوخ المرتقب أدوارا أخري؟ ** إذا نظرنا إلي تعداد السكان الحالي سنجد انه قارب 90 مليونا وبالتالي هذا العدد الضخم له متطلبات واحتياجات لابد ان تحقق من خلال خطط وسياسات وتشريعات من الصعب ان يضلع بها مجلس الشعب بمفرده وفي هذه الحالة من الممكن ان يكون مجلس الشيوخ معاونا ومساندا بجانب ان الحياة والممارسات الديمقراطية التي نحن مقبلون عليها قد تشهد في بعض الأحيان خلافا في الرؤي والتوجهات بين الحكومة والبرلمان ومن ثم يمكن لمجلس الشيوخ ان يكون دوره محاولة تقريب وجهات النظر والالتقاء في منطقة وسط والحد من تفاقم المشاكل والأزمات السياسية التي قد تنشب بين الأطياف المختلفة مما يؤدي في النهاية إلي وجود أداء برلماني وتشريعي متميز يحقق الاستقرار الذي لم تشهده مصر منذ فترات طويلة.. بجانب ان وجود مجلس الشيوخ سيضمن عدم وجود فراغ تشريعي أو تعطيل مناقشة وإصدار أي تشريعات. تعديل عاجل * ونحن بصدد الإصلاح والتطوير ما هي القوانين التي ترونها بحاجة ماسة إلي تعديل عاجل؟ ** علي رأس هذه القوانين قانون الثروة المعدنية الذي تسبب علي مدار السنوات الماضية في إهدار واستنزاف ثرواتنا المتنوعة مما كبدنا خسائر مالية باهظة لغياب الرقابة وعدم التوازن في العلاقة بين الأطراف المعنيين بهذه الثروة لذلك أري ان تعديل هذا القانون أصبح علي درجة كبيرة من الأهمية وينبغي ان يتم بصورة عاجلة نظرا لأننا نعاني من عدم استقرار اقتصادي كنتيجة للسياسات الخاطئة التي كانت متبعة في العهد السابق ومن الطبيعي ان نسعي لاستثمار كافة مواردنا بأسس علمية سليمة وتطبيق القوانين التي تنظم عملية الاستغلال الأمثل كذلك القوانين الخاصة بالتصرف في أراضي الدولة حيث كانت وراء إهدار مليارات الجنيهات من خلال استيلاء فئة قليلة للغاية علي ملايين الأفدنة بأسعار بخسة. نفس الأمر ينطبق علي العقوبات المالية في العديد من الغرامات فقد أصبحت قيمتها ضئيلة للغاية وحصيلتها أقل كما انها لا تحقق الردع المطلوب من القوانين بجانب ان قوانين الجنسية بحاجة إلي دراسة ومراجعة شاملة وتعديل النصوص نظرا لانها وضعت منذ عقود طويلة. الفساد * مصر عانت من الفساد الذي ضرب بجذوره في أعماق المجتمع وآن الأوان لمواجهة تلك الظاهرة بمنظومة متكاملة من التشريعات وعلي رأسها تشريع يضمن عودة أموالنا المنهوبة فما رأيكم؟ ** بداية فيما يتعلق بالأموال المنهوبة فهناك حرص شديد من جميع الجهات والمسئولين علي اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير القانونية التي تضمن استرداد هذه الأموال المهربة للخارج والتي سلبت قهرا بدون محاسبة أو وازع من ضمير وعن طريق العلاقات وإجراء المباحثات مع العديد من الدول والمنظمات الدولية حتي نضمن عودتها في أسرع وقت. وفيما يتعلق بظاهرة الفساد فكلنا يعي انه غول وسرطان له آثار مدمرة ونتائج سلبية طالت كل مقومات الحياة وإذا لم نوقفه سيدمر الدولة بالكامل وقد اكتشفنا بعد الثورة ان الفساد المالي والسياسي كان يتم بشكل منظم وممنهج وعن وجود ثغرات في النظم القانونية والمؤسسية وبالتأكيد هي تحتاج لمعالجات سريعة للحد من آثارها المدمرة ونتائجها السلبية فالقيادات التي تولت المناصب في الفترة الماضية لم تبحث إلا عن مصالحها الشخصية والسعي للسيطرة والنفوذ والحرص علي البقاء في المنصب دون انجاز حقيقي وقد كشف الرئيس محمد مرسي في خطابه باستاد القاهرة عن ظواهر عديدة للفساد وضرورة التصدي له حتي لا يكون هناك المزيد من التأخير والتراجع في عمليات البناء والتقدم ليس فقط علي المستوي الاقتصادي والمالي بل كل المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. الأجهزة الرقابية * وكيف ترون دور الأجهزة الرقابية في مواجهة الفساد؟ ** بلاشك مصر لديها أجهزة رقابية متعددة وهناك إرادة سياسية لتقويتها وتدعيمها لكي تكون فاعلة ومؤثرة في الحد من منظومة الفساد وسوف تشهد المرحلة المقبلة مناقشة التقارير التي تصدرها هذه الأجهزة وكانت من قبل توضع في الأدراج رغم انها كانت تحتوي علي مخالفات صارخة ونماذج للإهدار المتعمد للمال العام وسوف تلعب هذه الأجهزة دورا في فحص ومراقبة حسابات وأموال الدولة لمواجهة أي انحراف مالي للقواعد والأحكام المالية واعتقد ان المواجهة الفاعلة للفساد سوف تؤدي حتما إلي تحقيق العدالة الاجتماعية التي لم يشعر بها الشعب طيلة العقود الماضية نتيجة انتشار الفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي تحتاج مواجهته إلي تعديل في بعض نصوص القوانين لمنع الوساطة والمحسوبية واختيار أفضل العناصر الوطنية في الوظائف لتحقيق مصالح الوطن. المؤسسات الصحفية * أشرتم من قبل إلي ان المؤسسات الصحفية تعاني من تركة فساد ثقيلة باعتبار مجلس الشوري المالك لهذه المؤسسات كيف تواجهون هذه القضية بكل تداعياتها؟ ** لقد بدأنا بالفعل خطوات حاسمة في المواجهة حيث قام مجلس الشوري بفتح التقارير التي كانت تقدمها الأجهزة الرقابية في الماضي ولم يكن مسموحا بفحصها ومتابعتها أو حتي الاطلاع عليها فقد شكلنا عدة لجان لفحصها ومعرفة المقصرين وأوجه الانفاق والمخالفات لكي تحال إلي جهات التحقيق فلا نريد ان يفلت أحد من العقاب مؤكدا انه لم يعد هناك شخص فوق الحساب والمساءلة والمخطئ من القيادات السابقة سوف ينال عقابه من خلال محاكمة عادلة. أضاف ان الأمر ليس سهلا فهذه التقارير تحتاج لجهد ووقت مؤكدا ان الجميع لابد ان يعي ان دور المجلس ليس إلقاء الاتهامات جزافا دون وجود أدلة ومستندات نحن نسعي لإقرار الحقيقة بوضوح ودون مواراة مع التصدي بكل حزم وحسم لكل المخالفات التي تمت علي مدار السنوات الماضية ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه ومن المؤكد ان كل هذه الخطوات ستحد من حالة الغليان والتوتر التي تعيشها المؤسسات التي تعاني من أزمات مالية طاحنة. مخالفات صارخة * وما هي أبرز صور المخالفات في هذه المؤسسات؟ ** الصورة مؤلمة ومفزعة وكلها مخالفات صارخة وصورة مجسمة من إهدار المال العام وسوء الاستغلال والإدارة لمن كانوا في مواقع المسئولية لهذه المؤسسات حيث اكتشفنا ان مؤسسة الأهرام علي سبيل المثال تكبدت في عام واحد 110 ملايين جنيه قيمة هدايا لكبار المسئولين منها ساعة علي سبيل المثال تبلغ قيمتها 350 ألف جنيه وأخري ب 225 ألف جنيه.. أما مؤسسة أخبار اليوم فقد بلغت قيمة الهدايا في عام واحد 58 مليون جنيه وهو ما انعكس بالتأكيد سلبا علي الوضع الاقتصادي للمؤسسات وأوصلها للوضع المتدهور الذي يدفع ثمنه اليوم العاملون والصحفيون في هذه المؤسسات. عزب خاصة * وهل اقتصرت المخالفات علي هذه النوعية من الجرائم؟ ** بالتأكيد الأمور أكثر خطورة مما يتوقع الكثيرون ويكفي ان نعلم ان هذه المؤسسات كانت تدار كعزب خاصة حيث لم تكن تمتلك لوائح مالية تنظم أوجه الانفاق فقد كان المسئول يمنح ويمنع وفقا لأهوائه الشخصية التي لم يراع فيها مصالح المؤسسة التي كان من المفترض ان يكون أميناً علي إدارتها ويحافظ علي مصالح العاملين فيها مؤكدا ان كل ما يتم بشأن المؤسسات ليس موجها ضد أحد بعينه أو موقف عدائي مسبق لكن المنظومة الصحفية بها خلل كبير وتحتاج لإصلاح عاجل وبالتالي فدورنا دراسة ومعرفة تفاصيل هذه الخسائر وأسبابها لكي نعرف من أين يأتي الخلل. المكاتب الخارجية * وماذا عن المكاتب الخارجية لهذه المؤسسات؟ ** بالتأكيد تم فتح ملفات جميع المكاتب الخارجية للمؤسسات القومية ووجدنا ان هناك فسادا في العديد من خطوات إنشاء المكاتب أو اختيار القائمين عليها والمرتبات والمكافآت فلم تكن هناك أي قواعد قانونية أو مؤسسية تنظم عمل هذه المكاتب وأنا هنا أناشد جميع العاملين في هذه المؤسسات لبذل أقصي جهدهم لمحاربة الفاسدين وحماية المال العام فهذه حقوقهم وحقوق أبنائهم. لا للبيع.. نعم للتطوير * هناك مخاوف لدي الكثيرين من بيع المؤسسات أو خصخصتها نتيجة هذا الوضع المتأزم والمتدهور فما الحقيقة؟ ** نحن من جانبنا لن نقصر في الحفاظ علي هذه الكيانات ونرفض بيعها تحت أي ظرف من الظروف بل علي العكس نحن نسعي لتنميتها وتطويرها حتي تتحول إلي قطاعات منتجة وناجحة والتغيير الأخير لقيادات هذه المؤسسات خطوة في طريق النهوض والارتقاء بها ولكنني في نفس الوقت أود ان أؤكد ان الميزانيات التي كانت مفتوحة بلا ضوابط في الماضي لن تعود فقد كانت موضوعة لتسخير هذه الصحف لخدمة أهداف النظام وأطالب العاملين بها ان يضعوا أيديهم في يد المصلحين والقائمين عليها حفاظا علي حقوقهم ومصالحهم وأرجو ألا يتصور أحد ان خطوات الإصلاح بهدف الهيمنة والسيطرة كما كان يحدث في الماضي. لا للخصخصة * إذن انتم تؤكدون علي عدم وجود نية للخصخصة؟ ** هذا بالتأكيد حقيقي وكفي ما جنته مصر من التداعيات التي أفرزتها سياسة الخصخصة الفاشلة التي طبقها النظام السابق وتزايدت الشكوي منها وتمثلت في إهدار المؤسسات والشركات التي لها أصول كبيرة وإصابة العاملين بأضرار بالغة نتيجة خروجهم للمعاش المبكر وغيرها من المشاكل التي باتت تؤرق المجتمع بأكمله. حرية الإعلام * شهدت الآونة الأخيرة خلافات حول باب الحريات في الدستور خاصة فيما يتعلق بحرية الإعلام فكيف ترون الصورة؟ ** كل ما يحدث من خلافات في الرؤي هو أمر طبيعي لكن يتم تضخيمه بصورة زائدة عن الحقيقة ولكنني أريد ان أؤكد ان المرحلة المقبلة لن تشهد تقييدا للحريات ويكفي ان نعلم ان إصدار الصحف حاليا يتم بالاخطار فقط ونفس الأمر في الفضائيات ولكن هناك قوانين تضبطها وتنظمها ومن المؤكد ان نهدف إلي وجود محتوي إعلامي جيد يحترم ميثاق الشرف والقواعد المهنية فنحن نريد للإعلام ان يعود لدوره الرائد في بناء وخدمة المجتمع ونحن في نفس الوقت ضد الحبس والإغلاق لأي مطبوعة مع وجود عقوبات مالية كما يحدث في الدول الكبري فهذا سيؤدي إلي مواجهة الانفلات الإعلامي بجانب الرقابة الذاتية من الإعلاميين أنفسهم. مجلس وطني * تردد أيضا الاتجاه إلي إنشاء مجلس وطني للصحافة وآخر للإعلام فما رأيكم؟ ** الفكرة حتي الآن لم تتبلور بشكل كامل لكن بعد الانتهاء من إعداد الدستور الذي يحقق طموحات وآمال المصريين سوف تتضح الرؤي التي تبني بها مصر الجديدة وسيتم إجراء حوار مجتمعي للعاملين في الإعلام والاتجاهات المختلفة لمعرفة الرؤي المختلفة حول هذه المجالس بحيث يتم تحديد دورها وأهدافها حتي تأتي القوانين المنظمة لها داعمة لدورها لاننا نحتاج في النهاية لمجالس قوية وفاعلة تستطيع النهوض بالإعلام.