أكد سياسيون وحقوقيون يمثلون القوى الوطنية على أهمية تأصيل حقوق المواطنة استنادا للدستور الذي لم يفرق بينهم على أساس الدين أو العقيدة أو الاتجاه السياسي . وطالبوا بإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس احترام حقوق الإنسان وفقا للدستور والمواثيق الدولية ، مقابل احترام متبادل من جانب المواطنين للقانون وسيادته . جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمته على مدار يومين الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" تحت عنوان "دولة لكل المصريين" والذي شارك فيه عدد من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والحركات المطالبة بالتغيير وناشطو حقوق الإنسان . وندد المؤتمر بقرار النائب العام بحفظ التحقيقات في الجرائم التي تعرض لها صحفيون ونشطاء سياسيون يوم الاستفتاء على تعديل الدستور في مايو من العام الماضي . وشدد المشاركون على ضرورة تصدى القوى السياسية لأية تجاوزات يرتكبها جهاز الشرطة في حق المواطنين .. وطالبوا باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بوقف تلك التجاوزات التي تحولت إلى مشهد يومي في الشارع المصري ، بما في ذلك اللجوء للتحقيق الدولي إذا ما تقاعست الأجهزة المحلية عن التحقيق فيها والكشف عن المسئولين عنها . وفى كلمته أعرب المنسق العام للحركة جورج اسحق عن خيبة أمله في الموقف الحكومي تجاه ما اسماه الاعتداء الوحشي والانتهاك الواسع لأعراض الفتيات والسيدات المشاركات في المظاهرة التي نظمتها الحركة يوم الاستفتاء على التعديل الدستوري والذي تمثل في قرار النائب العام حفظ التحقيقات فيها واصفا القرار بأنه دليل جديد على تمادى السلطة التنفيذية في انتهاك حقوق المواطنة وهو أمر- حسب إسحاق- يتنافى مع القانون المصري وأيضا مع كافة المواثيق والأعراف الدولية التي وقعت عليها مصر . ولفت اسحق إلى أن الحركة بصدد اتخاذ الإجراءات الفعلية لإجراء تحقيق دولي في تلك الانتهاكات التي تخالف الدستور المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بعد فقدان الثقة في التحقيق المحلى ، مهددا باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية . إلى ذلك شرح نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور محمد السيد سعيد فكرة المواطنة والتغيرات التي دخلت عليها في فترات سياسية مختلفة . واتهم المرحلة الناصرية بعدم احترامها لحق المواطن باعتباره أساس بناء المجتمع . وقال إن تلك الفترة لم تضع معايير المساواة بين المواطنين وسلبت هذا الحق مما كان سببا في فشل المشروع الوطني في تلك الفترة والذي انعكس بدوره على ما بعدها أيضا . واعتبر أن المواطنة وتأصيل فكرتها تمثل الفارق الحقيقي بين عصور الظلام والعصور المضيئة التي تأخذ في الاعتبار فكرة بناء نهضة حضارية وثقافية وأيضا اجتماعية . ولفت الدكتور سعيد إلى تبعات تلك السياسة التي اسماها ب الناصرية والتي ظهرت في فترة السبعينيات من القرن الماضي في شكل أحداث طائفية قامت في الأساس – حسب سعيد – بسبب إهدار حقوق المواطنية والتمييز بين المواطنين ، الأمر الذي أدى إلى تراجع المشروع الحضاري لمصر .. معتبرا أن أساس النهضة هو المواطنة والعدالة والمساواة بين جميع المواطنين ودون النظر لأي اعتبارات أخرى . ومن جانبه شن رئيس التحرير التنفيذي لجريدة العربي الناصري الدكتور عبد الحليم قنديل هجوما على السلطة التنفيذية واعتبرها لا تحترم القانون ولا حقوق الإنسان أو المواطنة مشيرا إلى أن ما حدث مؤخرا بشأن اللاجئين السودانيين الذين قتل منهم حوالي 26 لاجئا فضلا عن إصابة العشرات .. مؤكدا أن هذا السلوك يعد سبة في جبين السلطة التنفيذية . وقال إن تلك السياسة عملت على خلق حالة من الاحتقان الطائفي بين فئات المجتمع ، محذرا من تبعات تلك الحالة على الأوضاع الاجتماعية وعلى مستقبل البلاد . ودعا قنديل القوى الوطنية إلى البحث عن طرق غير تقليدية للخروج من حالة الاحتقان التي فرضتها الدولة على المواطنين ذوى الاتجاهات الدينية المختلفة . منتقدا دعوة الإخوان المسلمين إلى حوار الأقباط في مصر واعتبره نوعا من تأصيل الفكر الطائفي خاصة وانه يستبعد الدولة كطرف فاعل في تلك العلاقة . واعتبر أستاذ القانون الدولي جامعة عين شمس الدكتور محمد فرحات أن هناك إشكالية حقيقة تتمثل في عدم احترام حقوق المواطن بما يشمل ذلك حرية الرأي والفكر والتعبير ، وارجع السبب في وجودها إلى عدم الرجوع إلى القانون أو احترامه أو العمل على تطبيقه لافتا إلى أن السلطة التنفيذية في حاجة إلى إعادة النظر في تعاملها مع الدستور والنصوص القانونية ، ويجب عليها التعامل مع القانون بنوع من التقديس والاحترام خاصة فيما يتعلق بالنصوص الخاصة بمناهضة التمييز ، مؤكدا أن استمرار التعامل مع النصوص القانونية بهذا الشكل من شأنه أن يعمل على تفجير مزيد من الأوضاع السلبية التي تضر في النهاية بمصلحة كل الأطراف وليس طرف واحد بما فيها الطرف الحكومي ذاته . وفى سياق متصل تنظم لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليوم " الخميس" وقفة احتجاجية اعتراضا على قرار حفظ التحقيقات في الاعتداءات التي وقعت يوم الاستفتاء وتأكيدا على عدم إغلاق الصحفيين للملف حتى تتم محاكمة المسئولين عنها .