بعيدا عن أرقام استطلاعات الرأي وجنونها هذه الأيام حول المرشح الرئاسي العنصري والمثير للجدل دونالد ترامب، تجولت منذ عشرة أيام في بعض الولايات، وأنا أسال الأمريكيين بطريقة ناعمة عن ترامب. وربما لطبيعة الذين اختلطت بهم من أكاديميين وباحثين ومثقفين ومشاركين في مؤتمرات علمية، كانت رده فعلهم -قبل الإجابة عن السؤال- السخرية والبعض التقزز، كما كان حال أستاذة من جامعة تكساس.
خصصت بعض أوراق العمل والبحوث في مؤتمر الجمعية الأمريكية لبحوث الرأي العام AAPOR المنعقد في مدينة أوستن لمناقشة ترامب في نتائج استطلاعات الرأي، وفي الوقت نفسه لم تخل جلساته من السخرية منه والتهكم به رغم الصفة الرسمية لمثل هذا اللقاء الذي يعتبر أكبر لقاء عالمي يجمع المتخصصين في مجال الرأي العام، بما يزيد عن ألف مشارك، وعادة ما يبتعد عن هذا النمط من الاستهزاء! حتى وصلت السخرية بأن تنشر إدارة المؤتمر تغريدة رسمية: "أولئك الذين غادروا المؤتمر مبكرا فاتهم المتعة مع ترامب"! (كما تبدو في الصورة مع هذا المقال).
وإضافة إلى ذلك، ظهرت صورة ترامب في عروض المؤتمر بطريقة مضحكة دون أدنى اعتراض من أحد!. كما لا يجد المتابع هنا صعوبة التعرف على الشعبية الهشة التي يحظى بها ترامب بين المثقفين والأساتذة والباحثين مقابل قوتها عند الطبقات العنصرية الدنيا ثقافيا واقتصاديا وحتى -ربما- أخلاقيا!.
وبعد المؤتمر بأيام تجولت مع زملاء في جامعة دلاوير، وإذا بشعارات -غير مألوفة- مناهضه لترامب على أبواب إحدى الكليات (كما تظهر في الصورة المرفقة).
وكما يبدو أن بعض المثقفين أصبح يدعو للتصويت والمشاركة بالانتخابات هذه المرة، واختيار أخف الضررين حتى لا تقع الفأس بالرأس وينجح ترامب !
ورغم هذه الحالة الهسترية لانتخابات رئاسة أكثر دولة جمعت مهاجرين في العالم وعلى مدى تاريخ البشرية، وصعوبة توقع وصول مرشح عنصري مثل ترامب لقيادتها، إلا أن طبيعة مغامرة الشعب الأمريكي وجهل أكثره وحالة الإحباط الاقتصادي وضعف منافسيه ستجعل من ترامب -كما يبدو- الأكثر احتمالا لقيادة أمريكا بغض النظر عن احتمالات ما يمكن أن يحدث في الانتخابات من تأثير العربة الرابحة أو الكلب الخاسر !