دخلت أزمة القيادة التي تمر بها جماعة الإخوان المسلمين، منحى جديد، مع إعلان اللجنة الإدارية العليا، ما أسمته "خارطة طريق"، لإنهاء الأزمة، تبعها إعلان محمد كمال، المحسوب على اللجنة ذاته، استقالته من مكتب الإرشاد، داعيًا في الوقت ذاته قيادات "الحرس القديم"، للاستقالة. إعلان الخارطة الجديدة من طرف واحد، قابلة تهكم ورفض واستنكار من جانب جبهة القائم بأعمال المرشد العام للجماعة محمود عزت "الحرس القديم". ومطلع الأسبوع الماضي، أعلنت اللجنة الإدارية العليا (المعنية بإدارة شؤون الإخوان في الداخل) "خارطة طريق" لإنهاء الأزمة، تضمنت عدة نقاط محورية حول "إجراء انتخابات شاملة، ورجوع طرفي الأزمة خطوة للوراء". وأوضح بيان "الإدارية العليا"، الذي اطلعت عليه "المصريون"، تفاصيل خارطة الطريق، المتمثلة في: "تراجع جميع أطراف الأزمة خطوة للخلف، وترك الفرصة لجيل جديد يختاره الإخوان بكل حرية وشفافية". كما دعا البيان إلى "إجراء انتخابات شاملة وفق اللائحة القديمة بكل مكاتب الجمهورية بدءا من شورى الشعبة (أصغر وحدة تنظيمية بالجماعة)، وانتهاء بشورى المحافظة، وكافة المكاتب التنفيذية خلال مايو الحالي، وانتخاب حصة المحافظة بالشورى العام وفق اللائحة خلال الأسبوع الأول من يونيو، وتأجيل اعتماد اللائحة العامة الجديدة للجماعة حتى يتم انعقاد مجلس الشورى العام الجديد للجماعة (هيئة تنفيذية عليا)". ووجه البيان، أعضاء الشورى العام، إلى "الاجتماع بالطرق المناسبة لهم ولأمنهم، أيًا كان عددهم، لانتخاب مسؤولي القطاعات السبعة (تشكل الهرم التنظيمي الأعلى للجماعة) بنهاية الأسبوع الأول من يونيو، على أن يكون مسؤولو القطاعات المنتخبين هم الإدارة العليا الجديدة، التي تقوم بإدارة شؤون الجماعة، ولها كافة صلاحيات مكتب الإرشاد، لحين سقوط النظام أو اعتماد اللائحة الجديدة". وعقب إعلان "خارطة الطريق"، بثلاثة أيام، أعلن محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد استقالته من كافة التشكيلات الإدارية بالجماعة، وعدم ترشحه في أي موقع تنفيذي مستقبلا في أية إدارة جديدة، داعيًا إلى إجراء انتخابات داخلية شاملة، لإنهاء الأزمة. وتعد استقالة "كمال"، أول استقالة تعلن من قيادة عليا بارزة بالجماعة، منذ إدراج الإخوان إرهابية "حكوميًا"، في ديسمبر 2013. غير أن الخطوات السابقة التي اتخدتها "الإدارية العليا"، قابلها رفض من جبهة "عزت" والمكاتب المناصرة له. وقال مصدر بالجماعة على الحياد من طرفي الأزمة، إن "القيادي محمد كمال، لم يعرض الاستقالة جزمًا، حيث إنه قال إنه سيعرض على الجمعية العمومية للإخوان إعفاءه من منصبه". وأضاف المصدر (فضًّل عدم ذكر اسمه) ل"المصريون"، أن "استقالة كمال مسك للعصا من المنتصف"، موضحا: " منذ أشهر، لاسيما بعد الأزمة الأخيرة وكمال معتكف ومعتزل العمل والحديث السياسي، وليس له علاقة بعمل اللجنة الإدارية أو التواصل مع الإخوان، باستثناء مجموعة منتصر (المتحدث الإعلامي)". وفي تفسيره لسبب إعلان كمال"استقالته"، أشار المصدر إلى أنه "يحاول بعد بيان الخارطة الجديد لفت أنظار الصف الإخواني إلى جبهته، ردًا على سعي جبهة عزت التكويش على أدوات الجماعة، وتثبيت أقدامها". وبدوره ثمن مكتب الإخوان المسلمين في الخارج، خارطة طريق الأزمة الداخلية، وإعلان محمد كمال، استقالته. وقال المكتب، في بيان، إن كمال ضرب المثل بعدم التمسك بمناصب قيادية والرجوع للصف لاختيار قياداته المناسبة للمرحلة. غير أن قطاع الصعيد، بجماعة الإخوان، الذي يشمل المكاتب الإدارية في "أسوان - قنا - سوهاج - أسيوط"، أعلن رفضه للخارطة التي كشفت عنها "اللجنة الإدارية العليا"، وجدد مبايعته لجبهة محمود عزت، واعتبرها "المؤسسة الشرعية القائمة لإدارة الجماعة". وقالت المكاتب الإدارية الأربعة في بيان موحد، إن "دعوة بعض الإخوان الذين يطلقون على أنفسهم اسم اللجنة الإدارية العليا لإجراء انتخابات جديدة شاملة، جاءت بعيدة عن الإجراءات المؤسسية التي أقرها مجلس الشورى العام في انعقاده الأخير في مارس الماضي". وفي مارس الماضي، أعلنت جبهة محمود عزت، عن انتخاب لجنة إدارة مؤقتة لتسيير الأعمال (بخلاف لجنة الإدارة المحسوبة على الطرف الآخر)، تضم خمسة من أعضاء الشورى العام برئاسة محمد عبد الرحمن المرسى، وبإشراف محمود عزت وانتخاب لجنة انتخابات مستقلة من أعضاء الشورى العام لاستكمال الهيئات الشورية، ولجنة للرؤية تستكمل عمل اللجان السابقة وتقدم تصورها للرؤية وتعديل اللائحة لمجلس الشورى العام بعد استكماله، وانتخاب لجنة من الشورى العام للتحقيق في أي تجاوزات لتفعيل مبدأ المحاسبية داخل الجماعة". وتشهد جماعة الإخوان المسلمين خلافات داخلية، وصلت ذروتها في ديسمبر الماضي، عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة الشاب محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر)، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة، وتعيين طلعت فهمي (55 عامًا) متحدثًا جديدًا بدلًا منه. وآخر تلك المحاولات لحل الأزمة كانت في فبراير الماضي، بإعلان توافق حول مبادرة الشيخ يوسف القرضاوي، بشأن إجراء انتخابات داخلية، غير أنها لم تنفذ وفق ظروف أمنية تواجهها الجماعة، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسيفي 3 يوليو 2013.