"لماذا ترفض الدولة استلام القمح منا، لماذا لم نحصل على مستحقاتنا، لصالح من تضع "التموين" العراقيل في طريق الفلاح، هل هناك خطة بين "التموين" و"الزراعة" لإجبار الفلاح على العزوف عن زراعة القمح العام القادم" أربعة تساؤلات طرحها الفلاحون على الرأي العام منتظرين ردا مقنعا وإجابة وافية لا تقتصر على الجنيهات التي تغرى بها الحكومة الفلاح معتبرًا إياها مسكنات لا تعد حلاً للأزمة مطالبًا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من القلة القليلة من الفلاحين الذين ما زالوا في انتظار الأمل الأخير لإنقاذ زراعة القمح في مصر. يأتي القمح فى طليعة المحاصيل الإستراتيجية بحكم أهميته الغذائية التي تشكل مصدرا غذائيا لأكثر من 35% من سكان العالم، ما جعل له منزلة كبرى بين المحاصيل لابد أن توليها الجهات المسئولة عناية خاصة، ورغم أهميته إلا أن مصر تواجه أزمة كبيرة قد تهدد زراعة القمح فيها وتنذر بامتناع الفلاحين عن زراعته.
تنتج مصر حوالي 9 ملايين فدان للاستهلاك العام وهى النسبة المساوية تمامًا لحاجة الخبز المدعم أى أن مصر تمتلك اكتفاء ذاتيًا لحاجتها من الخبز المدعم، إلا أن الأزمة تتبلور في أن الحكومة تحصل من الفلاح على 3 ملايين فدان فقط وتقوم باستيراد الباقي من الخارج فلماذا لم تحصل على الكمية كاملة من الفلاح بالسعر المحلى وتلجأ للاستيراد بأسعار غالية ولصالح من، وهل الأمر يكشف عن مخطط لضرب زراعة القمح في مصر لصالح المستوردين على حد وصف البعض.
ويأتي استغلال المستوردين للجوء الحكومة إلى الاستيراد من الخارج في طليعة الأسباب التي هددت زراعة القمح في مصر فالبعض كشف عن لعبة غامضة بين المستوردين للتلاعب بالقمح المستورد لبيعه بأسعار باهظة تصل إلى أضعاف السعر الذي يقومون بشراء المحصول به.
فى هذا السياق كشف فريد واصل، النقيب العام للفلاحين، عن أزمة تنذر بتوقف الفلاحين عن زراعة القمح العام المقبل، منوهًا بأن مصر تنتج من 8 إلى 9 ملايين فدان للاستهلاك العام وأن الاستهلاك العام للمواطنين يصل إلى 17 مليون طن وتحتاج مصر ل9 ملايين طن للخبز المدعم إلا أنها تأخذ ما يزرعه الفلاح 4 ملايين بحجة عدم وجود أماكن تستوعب كل الكمية وتستورد باقي احتياجها من الخارج.
وأشار واصل، في تصريحات ل"المصريون"، إلى أن الأزمة من السهل حلها نظرًا لوجود أماكن تابعة لبنك التنمية تصلح للتخزين، فضلاً عن إمكانية استغلال استثمار ودائع البنك في إعداد هذه الأماكن وتأجيرها للدولة.
ونوه واصل، بأن باقي ما ينتجه الفلاح من القمح يستغله القطاع الخاص في الحلويات وغيرها وذلك بأسعار بخسة تجعل الفلاح الضحية الوحيدة، مشيرًا إلى أنه فى الوقت الذى تستورد مصر القمح للخبز المدعم يستغل القطاع الخاص القمح المصرى فى الحلويات وغيرها.
وأوضح واصل، أن ضوابط وزارة التموين التي وضعتها للتسليم بالحيازة هى سبب الأزمة خاصة أن معظم الفلاحين مستأجرون ولا يملكون الحيازة ما يجعل الوزارة ترفض تسلم المحصول، مؤكدة أن ما يحدث دعوة من الوزارة لحث المزارعين على عدم زراعة القمح العام المقبل.
وقال واصل، إن تصريحات رئيس الوزراء بصرف 300 مليون لمستحقات الفلاحين ليست حلاً كافيًا لأن الفلاح فى حاجة لزيادة الأماكن التخزينية للقمح لإنقاذ ما تبقى من الفلاحين وللحفاظ على زراعة القمح فى مصر.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما تعالت أصوات الفلاحين مستغيثين بالمسئولين نظرًا لقرار من العديد من الفلاحين الذين وصلت نسبتهم إلى 50% والذين أقروا بامتناعهم عن زراعة القمح العام المقبل خاصة بعد ما يتعرضون له من تأخر الدولة في استلام المحصول وعدم صرف مستحقاتهم وتركهم فريسة للقطاع الخاص الذى يستغل حاجتهم فى تصريف باقى المحصول الذى تمتنع الحكومة عن استلامه منهم للحصول على باقى المحصول بأسعار بخسة.
فيما أوضح عمر محمد مصطفى، مهندس زراعى بمركز فاقوس بالشرقية وأحد مسئولى تسليم محصول القمح، أن أزمة القمح لا تقتصر على محافظة الشرقية فقط وإنما على مستوى كل المحافظات حيث يتم تأخير استلام المحصول من الفلاحين وحتى الآن لم يحصلوا على مستحقاتهم نظرًا لقلة الشون التى يتم تخزين القمح بها.
وأشار مصطفى، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أن ال300 مليون التى أعلنت الحكومة صرفهم لمستحقات الفلاحين لا يمثلوا 20%من كمية المحصول التى تسلمتها الحكومة من الفلاحين والتى تقدر بمليون و150 ألف طن بما يقدر ب3 مليارات جنيه وبالتالى هو ليس بالحل المرضى للفلاحين ولكن يعنى أنهم سيحصلون على "ملاليم "من مستحقاتهم.
وقال مصطفى، إن عدد زارعى القمح العام المقبل لن يتعدى 50% من الذين قاموا بزراعته هذا العام، كاشفًا أن الحكومة تقوم بتعقيد ضوابط استلام القمح لصالح المستوردين لضرب القمح وإجبار الفلاح على عدم زراعة القمح العام المقبل.
ولم يكن مجلس الشعب منصفًا للفلاحين حيث اتهمهم بالتهويل وأقر النواب فيه بأن مشاكل الفلاحين مثلهم مثل غيرهم والأزمة لم تكن كبيرة إلى هذا الحد مؤكدين أن أولوية المجلس الفلاح على حسب قولهم.
من جانبه قال عبد الحميد الدمرداش، وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشعب، إن هناك مشاكل فى زراعة القمح ولكنها ليست بالشكل الذى يتظاهر به الفلاحون، منوهًا بأن الأزمة تكمن فى عدم وجود شون تستوعب كل الكميات التى يزرعها الفلاح ما أدى إلى تعليمات من وزارة التموين لعدم استلام القمح إلا فى شون أسمنتية وصوامع وحالات استثنائية من الشون الترابية.
وأشار الدمرداش، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أنه تم تجاوز الأزمة بعد فتح الشون الترابية بالتعاون مع وزارة الزراعة، مؤكدًا اجتماع المجلس اليوم بحضور وزير الزراعة لمحاولة إيجاد حلول مرضية للفلاح.
وأوضح الدمرداش، انه لا يجوز اعتبار الأمر أزمة لمجرد رفض عدد من الفلاحين زراعة القمح العام المقبل لأسباب قد تبدو شخصية، مؤكدًا أن الفلاحين لن يغامروا بالربح الذى يعود عليهم من زراعة القمح لأى سبب.