كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية, عن إحصائية كارثية جديدة فيما يتعلق بالمجازر المتواصلة فى حلب شمالى سوريا, قائلة إن الأسبوع الأخير شهد مقتل طفل كل25 دقيقة. وحذرت الصحيفة في مقالها الافتتاحي فى 30 أبريل, من أن ما سمته "جزار دمشق" بشار الأسد سيرتكب مجازر أبشع مما سبق فى حلب فى الأيام المقبلة. وتابعت: "نظام الأسد يسعى لتطويق حلب لطرد مسلحى المعارضة من الأحياء التى يسيطرون عليها شرقى المدينة". واستطردت:" إذا نجح نظام الأسد فى حلب وشمالى سوريا وإحكام السيطرة على دمشق واللاذقية, التى يهيمن عليها العلويون، فإنه سيربح الحرب". وأشارت إلى أن الحفاظ على نظام الأسد وإبقاء موطئ قدم لروسيا فى الشرق الأوسط يمثلان أيضًا نصرًا للرئيس الروسى فلاديمير بوتين". وتابعت الصحيفة: "المخططات السابقة تفسر تصاعد المجازر فى حلب, لأنه ليس هناك التزام من قبل نظام الأسد وموسكو بمفاوضات جنيف, فيما يركز الغرب فقط على مواجهة تنظيم داعش". وفى الأيام القليلة الماضية, نفذ نظام الأسد وروسيا غارات جوية وحشية غير مسبوقة استهدفت تحديدا مراكز طبية فى حلب بينها مستشفى القدس فى حى السكرى الذى تعرض فى 27 أبريل لغارة أوقعت خمسين قتيلاً بينهم أطفال وأطباء ومسعفون. وأنهت هذه الغارات عمليًا الهدنة السارية منذ 27 فبراير الماضي. وقد أعلن الدفاع المدنى فى حلب أن حصيلة الغارات بين 21 و29 إبريل بلغت على الأقل 600 قتيل وجريح . وتستهدف الغارات أحياء بستان القصر والهلك وباب النيرب والكلاسة والطراب وعزيزة وطريق الباب والجزماتى والأنصارى وبستان الباشا وكرم حومد، وهى تقع فى الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة فى حلب. وحسب الجزيرة, تعيش المدينة شللا شبه كامل بسبب هذه الغارات, التى تعتقد المعارضة السورية أنها محاولة لإفراغ معاقلها من السكان قبل هجوم برى محتمل يستهدف اجتياحها. وفى تعليقها على مجزرة مستشفى "القدس" فى حلب شمالى سوريا, قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن هذا الهجوم هو جزء من نمط أوسع لاستهداف ممنهج للمستشفيات من قبل نظام بشار الأسد . وأضافت الصحيفة فى تقرير لها فى 29 مارس أن مستشفى القدس الذى تدعمه منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر قد دُمر فى غارة جوية، ما أدى إلى مقتل مرضى وأطباء بمن فيهم أحد آخر أطباء الأطفال المتبقين فى الجزء الذى يسيطر عليه الثوار فى المدينة. ونقلت الصحيفة عن أطباء بلا حدود قولها إن مستشفى القدس استهدف فى 27 أبريل فى غارة قتلت العشرات من المرضى وأفراد الطاقم الطبي. وأضافت المنظمة: "هذا الهجوم دمر المستشفى والمركز الرئيسى لرعاية الأطفال فى المنطقة", واستنكرت الصمت الدولى إزاء المجازر ضد المدنيين فى سوريا, قائلة" :أين غضبة أولى الأمر والذين بأيديهم وقف هذه المذبحة؟. وأشارت "الجارديان" إلى أن نظام الأسد يعتبر أى منشآت طبية فى الأراضى التى تحت سيطرة المعارضة أهدافًا عسكرية مشروعة. وبحسب ناشطين سوريين, سقط خمسون قتيلا فى مجزرة مستشفى القدس فى حى السكرى بحلب. وضحايا المجزرة كانوا من الأطباء والمسعفين والمرضى، بينهم محمد وسيم معاذ أشهر طبيب أطفال فى المدينة. وحسب "الجزيرة" قالت ميريلا حديب المتحدثة باسم مكتب منظمة "أطباء بلا حدود" فى بيروت الذى يقدم الدعم المالى لمستشفى القدس، إن محمد وسيم معاذ اختار المجازفة بحياته لمساعدة سكان حلب. وأضافت: "مستشفى القدس هو المستشفى الرئيسى للأطفال، وكان معاذ يعمل فيه منذ سنوات طويلة"، معتبرة أن "خسارته لا تعوض". وفى الإطار نفسه قالت ميسكيلدا زنكادا رئيسة بعثة المنظمة فى سوريا والتى تتخذ من مدينة كلس التركية مقرًا لها، إن مقتل الطبيب معاذ "مأساة." وأضافت: "لم يبق سوى ما بين 70 و80 طبيبا للاهتمام ب250 ألف شخص لا يزالون يعيشون فى القسم الشرقى من المدينة، لأن 95% من الأطباء غادروا أو قتلوا." وفى رسالة نشرتها منظمة "كراسيس آكشن"، وجه أطباء حلب نداء قالوا فيه "قريبا، لن يكون هناك المزيد من العاملين فى مجال الصحة بحلب.. لمن سيتوجه المرضى والجرحى؟". ووفقًا للمنظمة فإن 730 طبيبًا قتلوا فى سوريا منذ خمس سنوات. وتتعرض حلب منذ أكثر من أسبوع لقصف جوى مكثف من الطيران الروسى والسوري، يستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية والمنازل، وأوقع العشرات، بينهم نساء وأطفال، بين قتيل وجريح، رغم الهدنة المعلنة منذ 27 فبراير الماضى برعاية أمريكية روسية. وأكد الاتئلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية أن نظام الأسد وروسيا يطلقان رصاصة الرحمة على الهدنة الهشة بعد "المجازر الشنيعة "التى ترتكب فى حلب، مؤكدًا أن ذلك جريمة حرب واضحة. وقال رئيس الائتلاف أنس العبدة إن التصعيد العسكرى من قبل النظام فى حلب ومناطق أخرى، "هروب من استحقاقات تتعلق بالانتقال السياسي". من جانبه، قال رئيس وفد الهيئة العليا التابعة للمعارضة فى محادثات جنيف العميد أسعد الزعبى ل"الجزيرة" إن ما يجرى فى حلب عار على الجامعة العربية والإنسانية والمجتمع الدولي، ورأى الزعبى أن ما يجرى هدفه تحقيق أمر واقع على السوريين من قبل روسيا والنظام السورى وهو ما لن يحصل، على حد تعبيره. وفى ردود الفعل الدولية، أدان وزير الخارجية الفرنسى جان مارك آيرولت هجمات مقاتلات النظام السورى وحلفائه على المدنيين بحلب، وأعرب عن "قلقه الكبير" إزائها ، ودعا الوزير الفرنسى المجتمع الدولى إلى "حشد جهوده من أجل ممارسة ضغوط على النظام تجاه التزامه بوقف إطلاق النار"، مطالبًا مجلس الأمن الدولى بالتحرك بشكل فورى وتطبيق القرار الأممى رقم 2254، الذى ينص على انتقال سياسى فى سوريا. وفى السياق ذاته، أعربت إيطاليا عن "قلقها" إزاء ما وصفته بالقصف العشوائى الذى يقوم به طيران النظام، فضلاً عن الأوضاع الإنسانية "المأساوية" فى بعض المناطق الخاضعة للحصار من قبل النظام. وكان المبعوث الأممى إلى سوريا ستفان ستفان دى ميستورا دعا فى 27 إبريل موسكو وواشنطن إلى تدخل عاجل، وعلى "أعلى المستويات" لإنقاذ المفاوضات، واتفاق وقف الأعمال العدائية، الذى قال إنه فى "خطر شديد ومُهدد بالانهيار"، مشيراً إلى أنه يسعى لعقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف فى مايو المقبل، دون أن يحدد تاريخاً لذلك.