قدمت حكومة شريف إسماعيل بيانها أمام البرلمان أمس دون أن تعترف بوجود أزمة سياسية، كما لم تضع آليات لتنفيذ خططها، خلال العامين القادمين من عمرها، وهو ما عده خبراء "تجاهل لواقع متأزم، وهروب نوح مستقبل ضبابي، حتى ولو تم منحها الثقة من مجلس النواب، كما هو متوقع خلال شهر كما ينص الدستور". تطرق رئيس الحكومة المصرية "شريف إسماعيل"، وهو يلقي بيان حكومته، أمام البرلمان، إلى نظرتهم للحياة السياسية، وقال إنهم يعتزمون إجراء انتخابات محلية في الربع الأول من عام 2017، ودعم الديمقراطية والإعلام والصحافة. "إسماعيل" ربط بين بيانه الحكومي، ورؤية الرئيس "عبد الفتاح السيسي"، في محاور سبعة أولها يتعلق بالأمن القومي ومواجهة التنظيمات الإرهابية، وأغلبها يتعلق بالنواحي الاقتصادية، ومحور وحيد يتعلق بالديمقراطية، لتنفيذها خلال 30 شهرًا، تنتهي بانتهاء فترة رئاسة الأخير للبلاد في عام 2018، تحت عنوان "نعم نستطيع"، في انتظار قرار من المجلس النيابي خلال شهر، سواء بالتصديق على برنامج الحكومة أو رفضه، وفقاً لأحكام الدستور. "سعد الدين ابراهيم"، الأكاديمي، ومدير مركز ابن خلدون (غير حكومي، مقره مصر)، قال إنه يأسف لعدم تطرق الحكومة إلى وجود أزمة سياسية تحتاج لحل، مع أنها باب لحل كثير من المشاكل، على حد تعبيره. وفي حديث عبر الهاتف، للأناضول، الأحد، أضاف "إبراهيم"، الذي قدم مبادرات عديدة لحل الأزمة السياسية في البلاد "كان من المفترض أن تعلن الحكومة كل الأزمات، ومن بنيها الأزمة السياسة بكل شفافية، وعدم قيامها بتجاهل للمخاطر، وكأنها تتجاهل الواقع وتهرب إلى مستقبل ضبابي". وأكد أن "هناك أزمة سياسية بمصر يجب أن تلتفت لها الحكومة والبرلمان"، مشيرًا أنه أعلن مبادراته السياسية والكرة الآن في ملعبهما، بحسب قوله. وفي عام 2015، دعت عدة مبادرات، طرحها سياسيون وحزبيون أغلبهم معارضون إلى حل الأزمة السياسية بمصر، من بينها دعوات لانتخابات رئاسية مبكرة، دعا لها "عبد المنعم أبو الفتوح" رئيس حزب "مصر القوية"، وحوار سياسي لتشكيل حكومة تكنوقراط، والتفكير فيما بعد نظام السيسي، بحسب دعوة حركة "6 إبريل" . وكذلك مبادرة "يوسف ندا" المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، حيث أعلن في رسالته التي دوّنها مطلع يونيو/حزيران الماضي، عن استعداده لإتمام الوساطة، مخاطباً من أسماهم "المخلصين من أبناء الجيش"، واستمرت الدعوات في عام 2016، وآخرها دعوة من "عبد الأشعل" مساعد وزير الخارجية الأسبق لتشكيل مجلس رئاسي يدير شؤون البلاد. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، قال للأناضول، إن "الأزمة السياسية والحريات السياسية، واضح أنها ليست أولوية لدي الحكومة، سواء في إطارها العام الذي ألقاه رئيس الوزراء، أو برنامجها المفصل الذي وزع على النواب، فضلا عن غياب الشفافية الذي جعل برنامج الحكومة لا يذاع على الهواء مباشرة". وأوضح أن "البرنامج الحكومي، لم يتطرق لآلية تنفيذ أو تمويل محددة، وغابت عنه استيراتيجات لاسيما في مكافحة الإرهاب، وفرض برامج حماية اجتماعية للمواطنين في ظل الغلاء الموجود، وارتفاع الدولار مقابل الجنيه". وأشار أن "الحكومة من المتوقع أن تمر عبر أغلبية مؤيدة للسيسي بالبرلمان، لكنها خلال الأشهر التالية إمّا تنجح في المرور من عنق زجاجة الاقتصاد المتدهور، أو تكون سببًا في انفجارات سياسية واجتماعية". أما "حسن نافعة" الأكاديمي المصري، أحد الذين طرحوا مبادرات لحل الأزمة السياسية، يري أن خطاب حكومة "إسماعيل"، الأحد، "لم يكن تعبيرًا عن حكومة لها برنامج تحول ديمقراطي، وإنما حكومة موظفين، تدير ولا تحكم، وليست لديها رؤية سياسية، أو واقعية لحل لأزمات الاقتصادية". "نافعة" في حديثه للأناضول، استغرب "أن يكون برنامج الحكومة بدون أي خطة زمنية، وغارق في الإنشائية، ولا يضع حلولًا لمشاكل محددة"، ضاربًا المثل ب"مكافحة الفساد"، قائلا:"وجدنا عبارات إنشائية ولم يتضمن الحديث أي نية عن مشروع لهيئة لمكافحة الفساد، أو أي آلية لإتمام ذلك". وأشار الأكاديمي المصري، أن "برنامج الحكومة المصرية الحالية، لا يختلف عن حكومات سابقة، في ظل سيطرة بقايا نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك (أطاحت به ثورة يناير/كانون ثان 2011) على السلطة". وبشأن أهمية الطرح السياسي في أي برنامج حكومي، تابع "نافعة" قائلًا " لو لدينا حكومة سياسية ستعمل على إنهاء حالة الاستقطاب الموجودة، وتعمل علي منح الأمل للقوى السياسية، وتؤكد أن مصر تغيرت بالفعل، لكن الواقع يقول إن نظام محمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا) وشباب ثورة يناير،، في السجون، ولا تلتف الحكومة لحل أي أزمة ناتجة عن ذلك". وشدد على أن حكومة "شريف اسماعيل" أكدت اليوم أنها "حكومة لإدارة شركة وليست دولة، حكومة لم يعنها المسؤولية عن التصدي للانتهاكات في ملف حقوق الإنسان أو الاستقطاب السياسي"، وخلص إلى أن "مستقبل الحكومة المصرية قصير، فركام الأزمات يسد كل الطرق نحو مستقبل لها". في المقابل، يري "يسري عزباوي"، رئيس منتدى الانتخابات بمركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية (حكومي)، والخبير بوحدة الرأي العام، في حديث للأناضول، أن "الحكومة هي حكومة الرئيس المصري، الذي يتمتع بالشعبية وستبقى طالما هو بقى، وستحصل علي موافقة من البرلمان، باسثناء بعض التحفظات النيابة التي لن تعرقل تمريرها برلمانيًا". واستبعد عزباوي، أن تكون هناك أزمة سياسية بالبلاد، مضيفًا "هناك أزمة ثقة بين الأطراف فقط"، ودعا "الجميع إلى خوض الانتخابات المحلية المقررة العام القادم، والضغط عبر أدوات رقابية برلمانية عديدة ما بين طلب إحاطة واستجواب، لتحقيق ما تحتاجه البلاد". وأشار أنه من الطبيعي أن يكون هناك محور وحيد للديمقراطية يشمل عدة أمور، ضمن باقي محور الحكومة السبعة، بحسب قوله، مستدركًا "لكن تبقى المعضلة هي التنفيذ ومعرفة آليات تنفيذ تلك البرامج المستمرة، حتي نهاية فترة الرئيس السيسي".