تداولت الصحف والمواقع الإلكترونية اللبنانية عناوين مختلفة تشير إلى احتمال إغلاق عدد من الصحف، وتحوّلها فقط إلى نسخ "أون لاين"، بسبب ما تعانيه من أزمات مالية واتهامات لبعضها بالتأخر عن صرف رواتب موظفيها. وأوضح وزير الإعلام رمزي جريج: أننا سأتكلم مع أصحاب الصحف المحلية، فلا يعقل أن يكون البلد بلا صحف. وقال الصحفي طلال سلمان، مؤسس جريدة "السفير" اليومية, خلال تصريحات صحفية ل"هافينجتون بوست عربي", إن فكرة التخلّي عن الإصدار الورقي ليست بعيدة، إلا أن القرار النهائي يحتاج نحو شهرين ليتبلور. وأكد حرصه على المحررين وحقوقهم، قائلاً: "نحن نستنفد جميع إمكاناتنا للصمود، ونعمل على تطوير الموقع الإلكتروني للصحيفة، الذي قد يحلّ مكانها في حال اتخذنا قرارًا بالتخلي عن الورق"، وأضاف: "نعمل على تقديم خدمة أوسع، ويمكن أن تصل إلى أكبر عدد من المتلقين". الأجواء نفسها سادت في أروقة "اللواء"، الصحيفة العريقة في لبنان، إذ أوضح رئيس تحريرها صلاح أن التوجّه للتخلي عن النسخة الورقية موجود، وذلك ل"قلّة الموارد"، وتمّ الاستغناء عن بعض الموظفين، لافتًا إلى أنه حال اتخذ قرارًا بوقف إصدار الصحيفة الورقية فسيتم تطوير موقعها الإلكتروني. أما "الديار" فاعتمدت سياسة تقشف، وستستمرّ بإصدار الصحيفة الورقية إلى جانب الموقع الذي يضم 8 محررين، هذا ما قاله رئيس تحرير الصحيفة شارل أيوب موضحاً أنه اضطر إلى تخفيض عدد الموظفين بنسبة 70% منذ عام، ومؤخرًا قلّصهم 12%. وأشار إلى أنه أبلغ صحفيين عملوا معه ل30 عاماً بأن أمامهم مهلة شهرين للبحث عن عملٍ جديد حتى "لا تغرق السفينة بالجميع". ولفت كذلك إلى أنه خفّض عدد الموظفين في قسم "المحليات" من 12 إلى 3 أشخاص، وفي القسم "الدولي" من 12 إلى موظفين اثنين، وفي "الرياضة" كان يعمل 4 أشخاص والآن يوجد محرر واحد، أمّا معدّو المانشيت فكانوا 5 وأصبحوا اثنين. وكشف أيوب أنه رفع سعر النسخة الورقية من 1000 ليرة (نحو دولار أميركي) إلى 2000 ليرة، ما تسبب بخسارة 40% من القراء لكنّه حقق أرباحًا، مؤكداً أنه لا يزال يبيع 7000 نسخة يوميًا، ما عدا 2000 نسخة توزّع على المشتركين في الصحيفة. موريال جلخ، مسؤولة الموقع الالكتروني في صحيفة "النهار"، أن الصحيفة ستستمر بإصدار نسختها الورقية إضافةً إلى الموقع الإلكتروني، ونفت التخلي عن عدد كبير من الموظفين، ولفتت إلى أنه إذا أُنذرَ أي موظف من المؤسسة فيكون إجراء إداري كما يحصل في المؤسسات الأخرى. ووضعت ما يُنقل عن "النهار" في خانة الشائعات العارية عن الصحة. مجلس نقابة "محرري الصحافة اللبنانية" دعا إلى عقد "اجتماع طارئ مع نقابة الصحافة لتنسيق المواقف والاتفاق على خطة عمل لإنقاذ الصحافة الورقية، وذلك نتيجة الأزمة المستجدة التي دفعت بعض الصحف إلى التلويح بالتوقف عن الصدور"، مؤكداً أن النقابة "تتخذ كل الإجراءات الضرورية لتأمين استمرار عمل الزملاء والتصدي لأي عملية فصل تعسفي". امتاز اللبنانيون عن غيرهم من الشعوب العربية بأنهم كانوا أول مَنْ مارس الصحافة ممارسةً فعّالة وعلى نطاق شعبي واسع، إن كان في بلادهم أو في سائر البلدان العربية والأجنبية. وُلدت الصحافة العربية في لبنان على يد خليل الخوري مع جريدته "حديقة الأخبار"، التي أصدرها في بيروت عام 1858. ويعتبر الكثير من المؤرخين أن الصحافة العربية الحقيقية قد نشأت بنشوء "حديقة الأخبار"، وأن خليل الخوري هو أول صحفي عربي يصدر جريدة شعبية باسمه في العالم العربي، وأن كل ما صدر قبل جريدته من نشرات ليس من الصحافة في شيء، على اعتبار أنها كانت إما جرائد رسمية لنشر القرارات والأوامر الحكومية، وإما لأنها لم تكن عربية المكان ولا الطابع ولا الناشر.